من طوفان جمروكجو وجوناثان سبايسر
أنقرة (رويترز) - أفاد وزراء والجريدة الرسمية يوم السبت بأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سحب بلاده من اتفاقية دولية تهدف إلى حماية المرأة من العنف، مما أثار انتقادات ممن يرونها لازمة لمكافحة العنف الأسري المتصاعد.
وتعهدت اتفاقية مجلس أوروبا، المعروفة بمعاهدة إسطنبول، بمنع العنف الأسري ومقاضاة مرتكبيه والقضاء عليه وتعزيز المساواة. ووقعت تركيا على الاتفاقية عام 2011 لكنه البلاد شهدت ارتفاعا في جرائم قتل النساء خلال الأعوام الماضية.
ولم تذكر الجريدة الرسمية، التي أعلنت القرار في الساعات الأولى من صباح يوم السبت، أي سبب للانسحاب، غير أن عددا من كبار المسؤولين في الحكومة قالوا إن قانون البلاد سيحمي حقوق النساء وليس إصلاحات من الخارج.
وتسببت المعاهدة، التي وُقّعت في أكبر مدن تركيا، في نشوب خلاف داخل حزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامة أردوغان، بل وحتى بين أفراد عائلته. وقال مسؤولون بالحزب العام الماضي إن الحكومة تدرس الانسحاب من الاتفاقية وسط خلافات بشأن كيفية الحد من العنف المتزايد ضد المرأة.
ووصفت ماريا بيجينوفيتش، الأمينة العامة للمجلس الأوروبي المؤلف من 47 دولة، قرار تركيا بأنه "مدمر" بالنظر إلى العنف الذي تواجهه النساء والفتيات.
وقالت "هذه الخطوة هي نكسة كبرى لتلك الجهود وتثير الأسى أكثر لأنها تعرض للخطر حماية المرأة في تركيا، وفي أنحاء أوروبا وخارجها".
وقال ساسة معارضون إن أردوغان بموجب القانون لا يمكنه التصرف دون موافقة البرلمان، في حين قال كثير من أصحاب الفكر المحافظ في تركيا إن الاتفاقية تقوض الهياكل الأسرية وتشجع على العنف.
كما أن البعض يعارض أيضا مبدأ المساواة بين الجنسين في معاهدة اسطنبول ويرون أنها تشجع المثلية الجنسية، نظرا لمبدأ عدم التمييز على أساس التوجه الجنسي.
وقال نائب الرئيس فؤاد أوقطاي على تويتر "الحفاظ على نسيجنا الاجتماعي التقليدي" سيحمي كرامة المرأة التركية. وأضاف "لهذا الغرض السامي، ليست هناك حاجة للبحث عن علاج في الخارج أو لتقليد الآخرين".
وقالت زهراء زمرد سلجوق وزيرة العمل والخدمات الاجتماعية وشؤون الأسرة إن الدستور والأنظمة الحالية تضمن حقوق المرأة.
* ’عار’
قال منتقدو الانسحاب من الاتفاقية إنه سيزيد من مخالفة تركيا لقيم الاتحاد الأوروبي الذي لا تزال مرشحة للانضمام إليه. ويرى هؤلاء ضرورة تنفيذ الاتفاقية وما تلاها من تشريع بصورة أشد صرامة.
ولا تحتفظ تركيا بإحصائيات رسمية عن قتل النساء.
لكن المعدل زاد ثلاثة أمثال تقريبا في السنوات العشر الماضية، وفقا لمجموعة ترصد وقائع قتل النساء. وأضافت أنه حتى الآن في عام 2021، قُتلت 78 امرأة أو توفيت في ظروف مريبة.
وأظهرت بيانات منظمة الصحة العالمية أن 38 في المئة من النساء في تركيا يتعرضن للعنف من شريك حياتهن، مقارنة بنحو 25 في المئة في أوروبا.
وقالت الكاتبة التركية إليف شفق على تويتر عن الانسحاب من الاتفاقية "هذا التعصب الأبوي وقسوة القلب التي تحمي المتنمرين والقتلة بدلا من النساء..عار".
وقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، من حزب المعارضة الرئيسي، إن الانسحاب من الاتفاقية "مؤلم" ويتجاهل نضال النساء على مدى سنوات.
وتركيا ليست الدولة الأولى التي تتحرك نحو الانسحاب من هذه الاتفاقية. وكانت أعلى محكمة في بولندا قررت فحص هذه الاتفاقية بعد أن دعا عضو في الحكومة البولندية إلى الانسحاب منها باعتبارها ليبرالية للغاية.
يأتي قرار أردوغان بعد أن كشف النقاب عن إصلاحات قضائية هذا الشهر قال إنها ستحسن الحقوق والحريات وتساعد في تلبية معايير الاتحاد الأوروبي.
وتوقفت المحادثات بشأن عضوية تركيا في الاتحاد لسنوات بسبب الخلافات السياسية وسجل أنقرة في مجال حقوق الإنسان.
(إعداد محمد فرج للنشرة العربية - تحرير أحمد حسن)