من ناتاليا زينتس وسايمون لويس
كييف/إربين (رويترز) - زار زعماء ألمانيا وفرنسا وإيطاليا يوم الخميس أوكرانيا حيث جددوا الأمل في انضمامها للاتحاد الأوروبي. وسبق لكييف، التي تطالب بإرسال المزيد من الأسلحة لصد الغزو الروسي، انتقاد تلك الدول بسبب دعمها الذي اعتبرته محدودا.
وانطلقت صفارات الإنذار من الغارات الجوية في كييف مع بدء زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتس ورئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراجي حيث قام القادة بجولة في بلدة قريبة تعرضت للدمار في وقت مبكر من الحرب.
وبعد إجراء محادثات مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أشار القادة إلى ضرورة منح أوكرانيا وضع المرشح للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وهي خطوة رمزية من شأنها أن تقرب كييف من التكتل الاقتصادي.
وقال شولتس إن ألمانيا استقبلت 800 ألف لاجئ أوكراني فروا من الصراع وستواصل دعم أوكرانيا ما دامت تحتاج ذلك.
وأضاف "أوكرانيا تنتمي إلى الأسرة الأوروبية".
وفي ساحة المعركة، قال مسؤولون أوكرانيون إن قواتهم لا تزال صامدة في مواجهة القصف الروسي المكثف على مدينة سيفيرودونيتسك بشرق البلاد، وأشاروا إلى إحراز تقدم جديد في هجوم مضاد في الجنوب.
لكنهم قالوا إن المعارك على الجبهتين الرئيسيتين تعتمد على تلقي المزيد من المساعدات من الغرب، وخصوصا المدفعية لمواجهة تفوق روسيا الكبير فيما يتعلق بتلك الأسلحة.
وقال زيلينسكي بعد المحادثات مع نظرائه الأوروبيين "إننا نقدر الدعم الذي قدمه الشركاء بالفعل، ونتوقع تسليم شحنات جديدة، بالأساس أسلحة ثقيلة، ومدفعية صاروخية حديثة، وأنظمة دفاع مضادة للصواريخ".
وأضاف "هناك علاقة مباشرة: كلما تلقينا أسلحة قوية أكثر، أسرعنا بتحرير شعبنا وأرضنا".
وقال ماكرون إن فرنسا ستكثف إرسال شحنات الأسلحة إلى كييف، ومن المتوقع أن يتعهد وزراء دفاع دول حلف شمال الأطلسي خلال اجتماع في بروكسل بإرسال المزيد من الأسلحة.
* انخفاض تدفقات الغاز
استغرق تنظيم هذه الزيارة أسابيع، بينما تصدى أقوى ثلاثة زعماء في الاتحاد الأوروبي للانتقادات بشأن المواقف التي وُصفت بأنها حرصت على مراعاة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وقارن المنتقدون بين ماكرون وشولتس ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الذي زار كييف قبل أكثر من شهرين.
وتجول الزعماء، الذين انضم إليهم رئيس رومانيا كلاوس يوهانيس، في إربين، وهي بلدة تقع شمال شرقي العاصمة تعرضت للدمار بعد وقت قصير من بدء الغزو في 24 فبراير شباط، حيث خلفت القوات الروسية المنسحبة وراءها جثثا تناثرت في الشوارع.
يقول كل من شولتس وماكرون ودراجي إنهم من أشد المؤيدين لأوكرانيا وإنهم اتخذوا خطوات عملية لخفض اعتماد أوروبا على الطاقة الروسية وإيجاد أسلحة لمساعدة كييف.
لكن أوكرانيا انتقدت شولتس بسبب ما تعتبره بطء في تسليم ألمانيا للأسلحة وإحجامها عن قطع العلاقات الاقتصادية مع موسكو. كما عبرت أوكرانيا عن غضبها هذا الشهر من ماكرون لقوله في مقابلة إنه يتعين عدم "إهانة" روسيا.
واقترحت إيطاليا، التي حصلت العام الماضي على 40 بالمئة من وارداتها من الغاز الطبيعي من روسيا، خطة سلام يخشى الأوكرانيون أن تؤدي إلى الضغط عليهم للتخلي عن جزء من أراضيهم.
وبعد المحادثات في كييف، قال ماكرون إنه لا تزال هناك حاجة إلى نوع من قنوات الاتصال مع بوتين.
تسببت الحرب في اضطراب الاقتصاد العالمي وارتفاع أسعار الغذاء والطاقة، مما أجبر البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم على رفع تكاليف الاقتراض حتى مع تعثر اقتصاداتها.
وعلى الرغم من العقوبات، لا تزال أوروبا تعتمد على روسيا في الكثير من إمداداتها من الطاقة. وانخفضت شحنات الغاز عبر خط أنابيب رئيسي إلى ألمانيا في الأيام الماضية، مما أثار مخاوف بشأن الإمدادات لفصل الشتاء. وقالت موسكو إن العقوبات هي السبب في تعطيل تسليم معدات أرسلتها للصيانة.
وقالت ألمانيا إن حجة روسيا "لا أساس لها من الصحة" من الناحية الفنية، وإنها تهدف إلى رفع أسعار الغاز. وقالت إيطاليا إن موسكو ربما تستغل هذه المسألة لممارسة ضغوط سياسية.
* ’قرى تسكنها الأشباح’
تودي الحرب في أوكرانيا بحياة المئات يوميا مع دخول الحرب مرحلة استنزاف وحشية في الشرق.
وبعد أن شنت موسكو "عمليتها العسكرية الخاصة" بزعم أن هدفها هو نزع سلاح جارتها "والقضاء على النازيين فيها"، صدت أوكرانيا هجوما بالمدرعات على كييف في مارس آذار.
لكن منذ ذلك الحين، غيرت روسيا أهدافها وتكتيكاتها، وتحاول الآن الاستيلاء على المزيد من الأراضي في الشرق مع التقدم وراء قصف مدفعي مكثف وتعزيز قبضتها على الأراضي التي سيطرت عليها في الجنوب.
وتدور المعركة الرئيسية منذ أسابيع حول مدينة سيفيرودونيتسك الشرقية حيث تتحصن القوات الأوكرانية في مصنع للكيماويات مع مئات المدنيين.
وقال أولكسندر ستريوك رئيس بلدية سيفيرودونتسك يوم الخميس "كل يوم يصبح الأمر أصعب لأن الروس يوجهون المزيد من الأسلحة إلى المدينة ويحاولون اقتحامها من عدة اتجاهات".
ودمرت القوات الروسية في الأيام الماضية جميع الجسور المتبقية التي تربط المدينة بالأراضي التي تسيطر عليها أوكرانيا على الضفة المقابلة لنهر سيفيرسكي دونيتس.
وقال حاكم المنطقة سيرهي جايداي إن غارة جوية أصابت يوم الخميس مبنى يؤوي مدنيين في ليسيتشانسك عبر النهر، مما أسفر عن مقتل ثلاثة على الأقل وإصابة ما لا يقل عن سبعة آخرين.
وفي الجنوب، تقول أوكرانيا إن قواتها تشق طريقها في إقليم خيرسون الذي احتلته روسيا في وقت مبكر من غزوها.
وكتب أندريه يرماك كبير موظفي الرئاسة الأوكرانية على تويتر أنه زار منطقة تبعد مسافة تتراوح بين ثلاثة وأربعة كيلومترات فقط عن المواقع الروسية حيث أدى القتال إلى نزوح سكان المنطقة وتحولها إلى "قرى تسكنها الأشباح".
وأضاف "رجالنا على الأرض يقاتلون... وحتى مع الموارد المحدودة، نحن نصد العدو. شيء واحد مفقود هو الأسلحة بعيدة المدى. على أي حال، سوف نطردهم من الجنوب".
(إعداد محمد علي فرج للنشرة العربية - تحرير أحمد حسن)