من كيت أبنيت وشادية نصر الله وجلوريا ديكي
شرم الشيخ (مصر) (رويترز) - اقترب المفاوضون في مؤتمر كوب27 للمناخ يوم السبت من تحقيق انفراجة فيما يتعلق بإنشاء صندوق لمساعدة الدول الفقيرة المتضررة من تداعيات تغير المناخ، لكنهم لم يتوصلوا بعد إلى سبل للحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
ومع تأخر إبرام اتفاق نهائي بشأن المناخ لأكثر من يوم بالفعل، حرص ممثلو ما يقرب من 200 دولة على التوصل إلى اتفاق يمكنهم وصفه بأنه خطوة إلى الأمام في مكافحة تغير المناخ.
وقال إيمون رايان، وزير البيئة الأيرلندي "علينا أن نتحرك بسرعة هنا الآن، ولكن ليس بسرعة نحو نتيجة سيئة. ليس بسرعة في قبول شيء نقضي سنوات نندم عليه بعد ذلك".
وقال فرانس تيمرمانس، مسؤول سياسات المناخ في الاتحاد الأوروبي، إن وزراء دول التكتل على استعداد "للانسحاب" إذا لم يكن الاتفاق طموحا بالشكل الكافي.
وأضاف "نفضل ألا نقرر شيئا على أن نتخذ قرارا سيئا".
ويُنظر إلى نتائج المؤتمر المستمر منذ أسبوعين، والذي كان من المفترض أن ينتهي يوم الجمعة، على أنه اختبار للعزم الدولي على مكافحة تغير المناخ، حتى في الوقت الذي تشتت فيه الحرب في أوروبا وارتفاع التضخم انتباه العالم.
وأكدت مسودة لاتفاق المؤتمر صادرة يوم السبت على الالتزامات السابقة بالحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض عند 1.5 درجة مئوية لمنع أسوأ تداعيات تغير المناخ، لكنها لم تقدم أدلة تذكر على تزايد الطموح لخفض الانبعاثات بالمستوى اللازم لتحقيق هذا الهدف.
* "انتصار صغير"
أسفرت أيام من المفاوضات المشحونة بين الدول الغنية والدول النامية في المؤتمر عن اقتراح يوم السبت لإنشاء صندوق لصالح الدول التي تواجه أضرارا لا يمكن إصلاحها من العواصف العاتية والفيضانات والجفاف وحرائق الغابات.
وقاومت الدول الغنية، ومن بينها الولايات المتحدة والدول الأوروبية، على مدى عقود فكرة ما يسمى بصندوق الخسائر والأضرار خوفا من أن يعرضها للمساءلة القانونية عن انبعاثاتها التاريخية من غازات الاحتباس الحراري.
وقال الباكستاني نبيل منير كبير مفاوضي مجموعة السبع والسعبين للدول النامية عن الاقتراح "نشعر بالرضا لوجود شيء مطروح الآن على الأقل".
ووصف أفيناش بيرسود مفاوض بربادوس الاقتراح بأنه "انتصار صغير من أجل البشرية" نتج عن قيادة الدول الجزرية الصغيرة وتضامن باقي العالم عبر الاعتراف بالتأثيرات المتزايدة للاحتباس الحراري.
وقال بيرسود "نحن الآن بحاجة إلى مضاعفة الجهود وراء التحول في مجال الطاقة والنقل والزراعة الذي سيحد من هذه الخسائر والأضرار المناخية في المستقبل"، في إشارة إلى التحول إلى أشكال أنظف من الطاقة وإلى الزراعة المستدامة.
وقال المفاوضون إن الفكرة لاقت تأييدا واسعا، لكن يجب أن تقترن بزيادة الطموح لخفض الانبعاثات التي تؤدي إلى الاحتباس الحراري.
وقالت رومينا بورمختاري، وزيرة المناخ السويدية "ليس من المقبول أن نمول مواجهة تداعيات تغير المناخ مع عدم الالتزام بالعمل على معالجة التداعيات الفعلية للانبعاثات".
ولم تعلق الصين ولا الولايات المتحدة، أكبر دولتين مصدرتين لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري، بعد على الاقتراح.
* الوقود الأحفوري
دعم الاتحاد الأوروبي في وقت سابق المناقشات من خلال عرض دعم صندوق الخسائر والأضرار، شريطة مساهمة كبار مسببي التلوث مثل الصين فيه، وأن تكثف الدول أيضا جهودها لخفض الانبعاثات.
ولم يتضح بعد ما إذا كان سيتم تلبية شروط الاتحاد الأوروبي.
وعلى سبيل المثال، لم تتضمن مسودة اتفاق كوب27 التي نشرها مكتب الأمم المتحدة المعني بالمناخ يوم السبت مقترحا من الهند والاتحاد الأوروبي يطالب الدول بالخفض التدريجي لاستخدام "جميع أنواع الوقود الأحفوري". وبدلا من ذلك طلبت من الدول التوقف تدريجيا فقط عن استخدام الفحم، وهو الوقود الأحفوري الأكثر تسببا في التلوث، وهو نفس ما تم الاتفاق عليه في مؤتمر العام الماضي في جلاسجو.
وقال ديفيد واسكو مدير مبادرة المناخ الدولية في معهد الموارد العالمية "هذا بالتأكيد مخيب للآمال بالنظر إلى أهمية القيام بذلك مع جميع أنواع الوقود الأحفوري للحفاظ على درجة الحرارة أقل من 1.5 درجة مئوية".
وخلال مفاوضات اللحظة الأخيرة مساء يوم السبت، اقترحت الولايات المتحدة "التخلص التدريجي" من الوقود الأحفوري وفقا لما ذكرته ثلاثة مصادر مطلعة.
وتعارض دول غنية بالنفط والغاز في أفريقيا والشرق الأوسط من بينها السعودية الصياغة الخاصة بالوقود الأحفوري، كما اعترضت على الاقتراح الأمريكي.
في محاولة لسد الفجوة الهائلة بين التعهدات المناخية الحالية والتخفيضات الأشد بكثير اللازمة لتجنب تداعيات كارثية لتغير المناخ، طالبت المسودة أيضا الدول، التي لم تفعل ذلك بعد، بتحديث أهداف خفض الانبعاثات لعام 2030 بحلول نهاية عام 2023.
لكن بعض المفاوضين حريصون على أن تتطلب المسودة تحسينات ليس فقط في العام المقبل، ولكن كل عام لبقية العقد لضمان انخفاض الانبعاثات بالسرعة التي يقول العلماء إنها ضرورية لتجنب أسوأ آثار تغير المناخ.
ومما زاد الأمور تعقيدا أن أثبتت الفحوص إصابة المبعوث الأمريكي الخاص للمناخ جون كيري، صاحب التأثير القوي في دبلوماسية المناخ، بكوفيد-19، وذلك بعد عقده على مدى أيام اجتماعات ثنائية مع نظرائه من الاتحاد الأوروبي والصين ودول أخرى.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إن كيري لم يتمكن من المشاركة في المفاوضات التي تمت بالحضور الشخصي يوم السبت، لكنه شارك في مكالمات ثنائية عبر الفيديو.
(إعداد حسن عمار ومحمد أيسم ومحمد علي فرج وأميرة زهران للنشرة العربية)