من نضال المغربي وميشيل نيكولز
القاهرة/الأمم المتحدة (رويترز) - قصفت طائرات حربية ودبابات إسرائيلية جنوب غزة خلال ساعات ليل الاثنين ويوم الثلاثاء، فيما تقول الأمم المتحدة إن توزيع المساعدات على سكان القطاع الذين يواجهون جوعا متزايدا توقف إلى حد كبير بسبب كثافة القتال في الحرب المستمرة منذ أكثر من شهرين بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس).
وقال سكان في خان يونس، المدينة الرئيسية بجنوب غزة والتي بدأت القوات الإسرائيلية اقتحامها الأسبوع الماضي، إن القصف المدفعي يتركز الآن على وسط المدينة. وقال أحدهم إن الدبابات كانت تنشط صباح يوم الثلاثاء في الشارع الذي يقع فيه منزل يحيى السنوار رئيس المكتب السياسي لحماس في غزة.
وقال توفيق أبو بريكة وهو فلسطيني مسن إن الحي الذي يسكنه في خان يونس بغزة تعرض لضربة إسرائيلية جديدة يوم الثلاثاء دون إنذار مسبق، مضيفا أن الضربة أدت لانهيار عدة مبان وتسببت في خسائر بشرية.
وتابع لرويترز بينما كان الجيران يبحثون وسط الأنقاض "ضمير العالم مات، لا إنسانية ولا أي نوع من الأخلاق. هذا هو الشهر الثالث الذي نواجه فيه الموت والدمار... هذا تطهير عرقي وتدمير كامل لقطاع غزة لتهجير كافة السكان".
وفي مدينة رفح بجنوب غزة والمتاخمة لمصر، قال مسؤولو صحة إن 22 شخصا بينهم أطفال قتلوا في ضربة جوية إسرائيلية على منازل خلال ليل الاثنين. ويواصل عمال الدفاع المدني البحث عن المزيد من الضحايا تحت الأنقاض.
وقال سكان إن قصف رفح، التي أعطى الجيش الإسرائيلي هذا الشهر السكان أوامر بالتوجه إليها حفاظا على سلامتهم، كان من بين الأعنف منذ أيام.
وقال أبو خليل (40 عاما) وهو أب لستة أطفال لرويترز عبر الهاتف من رفح "في الليل ما بنقدر ننام من القصف، والصبح بنطلع نلف الشوارع أدور للأولاد على شي يأكلوه، بس ما في أكل".
وتابع "ما لقيت خبز وأسعار الرز والملح والفول تضاعفت عدة كتيرة... هادا تجويع... إسرائيل بتقتلنا مرتين، مرة بالقنابل ومرة بالجوع".
وقال الجيش الإسرائيلي إنه قصف خلال يوم الاثنين عدة منصات كانت تستخدم لإطلاق الصواريخ، وداهم مبنى لحماس وعثر فيه على نحو 250 قذيفة صاروخية وغيرها من الأسلحة والذخائر الجاهزة للاستخدام.
* الجوع
اتسع نطاق الهجوم البري الإسرائيلي الذي كان يقتصر على الشمال إلى النصف الجنوبي من قطاع غزة بعد هدنة استمرت أسبوعا وانهارت في بداية ديسمبر كانون الأول.
ويقول السكان ومنظمات إغاثة إن هذا يعني أنه لم يعد هناك مكان آمن في القطاع حيث أجبر القصف غالبية السكان بالفعل على النزوح، كما توقف وصول إمدادات الغذاء والدواء والوقود تقريبا إلى كافة المناطق.
وتقول وكالات إغاثة إن الجوع يتفاقم بين السكان، وقال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إن نصف سكان غزة يتضورون جوعا.
وأشار مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية يوم الثلاثاء إلى أن عمليات توزيع محدودة للمساعدات تجري في منطقة رفح، لكن "في بقية قطاع غزة، توقف توزيع المساعدات إلى حد كبير خلال الأيام القليلة الماضية بسبب شدة الأعمال القتالية وقيود الحركة على الطرق الرئيسية".
ولفت إلى أن تدفقات المساعدات تتضرر أيضا من نقص الشاحنات في غزة واستمرار شح الوقود وانقطاع الاتصالات وتزايد أعداد الموظفين غير القادرين على التوجه لمعبر رفح مع مصر بسبب كثافة الأعمال القتالية.
وقال أشرف القدرة المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة إن القوات الإسرائيلية اقتحمت مستشفى كمال عدوان في شمال غزة يوم الثلاثاء وقامت باحتجاز الذكور ومن بينهم أفراد الأطقم الطبية في باحة المستشفى.
ولم يرد الجيش الإسرائيلي على الفور على طلب للتعليق على التقرير.
وقال ريتشارد بيبركورن ممثل منظمة الصحة العالمية في غزة والضفة الغربية إن المنظمة تدرس طلبا من وزارة الصحة في غزة للمساعدة في إجلاء محتمل للمرضى والموظفين من المستشفى. وقالت منظمة الصحة العالمية يوم الأحد إن احتمالات تفشي الأمراض في غزة تتزايد فيما تراجعت قدرة النظام الصحي إلى ثلث طاقته قبل اندلاع هذه الجولة من الصراع.
وتقول إسرائيل إن تعليماتها للأفراد بالانتقال من مكان لآخر هي من بين التدابير التي تتخذها لحماية المدنيين فيما تواصل مسعاها للقضاء على مسلحي حماس الذين قتلوا 1200 شخص واحتجزوا 240 رهينة في هجوم مباغت في السابع من أكتوبر تشرين الأول، وفقا للإحصائيات الإسرائيلية. وتم إطلاق سراح حوالي 100 رهينة منذ ذلك الحين.
* بايدن يقول إن نتنياهو في "موقف صعب"
أسفر الهجوم الذي أطلقته إسرائيل ردا على هجوم حماس عن مقتل 18205 أشخاص وإصابة نحو 50 ألفا، وفقا لوزارة الصحة في غزة.
ومن المرجح أن تصوت الجمعية العامة المكونة من 193 عضوا يوم الثلاثاء بالموافقة على مشروع قرار يتضمن صياغة شبيهة بمشروع قرار عرقلته الولايات المتحدة في مجلس الأمن المؤلف من 15 عضوا الأسبوع الماضي.
وقرارات الجمعية العامة ليست ملزمة ولكنها تتمتع بثقل سياسي وتعكس التوجهات العالمية.
ويتوقع بعض الدبلوماسيين والمراقبين أن يحظى التصويت بدعم أكبر من دعوة الجمعية العامة في أكتوبر تشرين الأول إلى "هدنة إنسانية فورية ودائمة ومستدامة".
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي يتعرض لانتقادات بسبب دعمه للهجوم الإسرائيلي خلال احتفال بالبيت الأبيض بمناسبة عيد حانوكا اليهودي يوم الاثنين إن التزامه تجاه إسرائيل "راسخ".
وتابع "لو لم تكن هناك إسرائيل، لما كان هناك يهودي آمن في العالم"، وألمح إلى علاقته المعقدة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي قال إنه في "موقف صعب".
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر للصحفيين إن إسرائيل ليست استثناء من السياسة الأمريكية التي تنص على أن أي دولة تتلقى أسلحة أمريكية يجب أن تمتثل لقوانين الحروب.
* نظام جديد لتفتيش المساعدات
يقول مسؤولو الأمم المتحدة إن 1.9 مليون شخص يمثلون 85 بالمئة من سكان غزة أصبحوا نازحين، ويصفون الأوضاع في المناطق الجنوبية التي يتركزون فيها بأنها كالجحيم.
وينصب نازحون لجأوا إلى رفح مآوي مؤقتة من الخشب والأغطية في العراء، فيما ينام آخرون في الشوارع.
ولزيادة المساعدات التي تصل إلى غزة، قالت إسرائيل يوم الاثنين إنها ستبدأ فحص شحنات عند معبر كرم أبو سالم الحدودي دون فتح المعبر نفسه.
وكانت معظم الشاحنات المتجهة إلى غزة تدخل عبر هذا المعبر قبل الحرب. وقال مصدران أمنيان مصريان إن عمليات التفتيش ستبدأ يوم الثلاثاء بموجب اتفاق جديد بين إسرائيل ومصر والولايات المتحدة.
(شارك في التغطية حميرة باموق ودافني بساليداكيس من واشنطن وآري رابينوفيتش من القدس ومعيان لوبيل من القدس وتوم بيري من بيروت وكلودا طانيوس من دبي وسليمان الخالدي من عمان وأيدن لويس وأحمد محمد حسن من القاهرة - إعداد مروة غريب للنشرة العربية - تحرير محمد اليماني)