من حميرة باموق ونضال المغربي
القاهرة (رويترز) - قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن يوم الخميس إنه يعتقد أنه لا يزال من الممكن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة خلال محادثات تجري في قطر، في الوقت الذي هاجمت فيه إسرائيل مسلحي حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في مستشفى الشفاء وأجلت مرضى.
واجتمع بلينكن مع وزراء خارجية عرب ومع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في القاهرة يوم الخميس، فيما ركزت محادثات قطر على هدنة تستمر نحو ستة أسابيع تسمح بالإفراج عن 40 من الرهائن الإسرائيليين مقابل المئات من الفلسطينيين المحتجزين في سجون إسرائيل.
وقال بلينكن "يواصل المفاوضون العمل. تضيق الفجوات، ونضغط من أجل التوصل إلى اتفاق في الدوحة. لا يزال هناك عمل شاق لتحقيق ذلك. لكنني ما زلت أعتقد بأن ذلك ممكن".
ونقطة الخلاف الرئيسية في محادثات وقف إطلاق النار هي أن حماس تقول إنها لن تفرج عن الرهائن سوى في إطار اتفاق من شأنه إنهاء الحرب، بينما تقول إسرائيل إنها ستبحث فحسب مسألة هدنة مؤقتة في القتال.
وأفاد بيان صدر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في وقت لاحق يوم الخميس بأن دافيد برنياع رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) سيتوجه إلى قطر يوم الجمعة للقاء وسطاء.
وفي غزة، تركز الهجوم العسكري الإسرائيلي لليوم الرابع على مستشفى الشفاء، وهو المرفق الطبي الوحيد الذي يعمل ولو جزئيا في شمال القطاع. وقال سكان إنهم رأوا مباني مشتعلة داخل المجمع، وذكر آخرون أنهم شاهدوا أعيرة نارية وأشخاصا مصابين بالرصاص في المجمع.
وقال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن مسلحين من حماس وحركة الجهاد الإسلامي مختبئون في المبنى الذي تقع فيه غرفة الطوارئ بالمستشفى وإنه يتوقع استمرار مداهمة الجيش لعدة أيام أخرى.
وتنفي حماس أن المستشفى يؤوي مقاتلين وقالت إن القتلى هم مرضى من الجرحى ونازحون.
وذكر الأميرال دانيال هاجاري في بيان بثه التلفزيون "نحن نجلي المرضى، نحو 220 مريضا، إلى مبنى آخر ... به المعدات الطبية المناسبة ليكون جميع المرضى والأطباء سالمين. نواصل دعوة جميع المسلحين في المبنى إلى الاستسلام".
وتابع هاجاري أن بعض قادة حماس "المهمين للغاية" أُلقي القبض عليهم، لكنه لم يفصح عن هوياتهم بعد لأنهم يقدمون معلومات مخابراتية قيّمة.
وكتب الصحفي المحلي أسامة العشي، الذي يعيش بالقرب من مستشفى الشفاء، على صفحته على منصة فيسبوك (NASDAQ:META) إنه غير قادر على مغادرة المنطقة لأنها محاصرة بالدبابات.
وأضاف "يمكن بأي لحظة أموت... لأني خايف ع كل اشي حواليا ومن كل اشي".
* انتشار الجوع في شهر الصيام
مع انتشار الجوع في القطاع حيث تسببت الحرب المستمرة منذ أكثر من خمسة أشهر في نقص حاد بالغذاء، قال مدير عام منظمة الصحة العالمية إنه لا سبيل لمنع المجاعة في غزة إلا بزيادة إنفاذ المساعدات عبر المعابر البرية.
وتسبب الهجوم الإسرائيلي حتى الآن في مقتل زهاء 32 ألف فلسطيني، بحسب السلطات الصحية في غزة.
واندلعت الحرب بعد أن شن مسلحون من حماس هجوما على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول تقول الإحصاءات الإسرائيلية إنه أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز 253 رهينة.
وشدد السيسي على "ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار"، مشيرا إلى كارثة إنسانية تهدد حياة المدنيين في غزة. وحذر الرئيس المصري من "العواقب الخطيرة لأي عملية عسكرية في مدينة رفح الفلسطينية"، مكررا المخاوف الدولية الآخذة في التزايد.
تمثل رفح حاليا آخر المناطق الآمنة نسبيا حيث نزح أكثر من نصف سكان القطاع وتكدسوا بالقرب من الحدود مع مصر.
لكن مسؤولا إسرائيليا أصر على أن إسرائيل ستسيطر على رفح حتى لو أحدث ذلك صدعا في العلاقات مع الولايات المتحدة، وقال إن ربع القوة القتالية الأصلية لحماس موجودة هناك.
وأضاف وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر "سيحدث هذا. سيحدث حتى لو اضطرت إسرائيل للقتال بمفردها".
وقال بلينكن إن أي عملية عسكرية كبيرة في رفح ستكون خطأ ولا داعي لها.
واجتمع مسؤولون من 36 دولة ومن وكالات تابعة للأمم المتحدة في قبرص لمناقشة سبل تسريع تسليم المساعدات الإنسانية.
وقال تيدروس أدهانوم جيبريسوس مدير عام منظمة الصحة العالمية "نرحب بالجهود الأخيرة لتوصيل الغذاء جوا وبحرا، لكن لا سبيل لتوصيل المساعدات على نطاق واسع لمنع المجاعة إلا بزيادة استخدام المعابر البرية".
وأضاف "مرة أخرى، نطالب إسرائيل بفتح مزيد من المعابر وتسريع إدخال وتوصيل المياه والغذاء والإمدادات الطبية وغيرها من المساعدات الإنسانية إلى داخل غزة".
* رمضان بدون موائد الإفطار العائلية
يعيش الفلسطينيون في غزة في حالة من اليأس في رمضان من دون أقاربهم الذين قُتلوا وأيضا من دون طعام يكفي لسد رمق أطفالهم.
والطعام المتوفر لآلاف الأشخاص الذين فروا من الغارات الجوية الإسرائيلية ويحتمون داخل مدرسة في غزة تديرها وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) يكفي بالكاد للإفطار في رمضان على عكس بقية المسلمين في أنحاء العالم.
وكان باسل السويدي الذي يعيش في مخيم جباليا للاجئين يطهو القليل من العدس لمن تبقى من أفراد عائلته على قيد الحياة بعدما قُتل منهم 17 في الحرب.
وقال وهو يكاد يبكي "لأول مرة إحنا قاعدين مفيش أكل ولا شرب ولا حاجة إحنا بنعاني، ولاد عمي كلهم ماتوا مفضلشي ولاد عم بقينا نتلم كنا في شهر رمضان ونقعد مع ولاد عمي".
وقالت إسرائيل إن قواتها قتلت أكثر من 50 مسلحا من حركة حماس يوم الأربعاء، ليرتفع عدد من تقول إنهم مسلحون قُتلوا حول المستشفى إلى 140، إضافة إلى مقتل جنديين إسرائيليين. وأضافت أنها قبضت على 358 مسلحا من حماس والجهاد الإسلامي خلال المداهمة في مجمع المستشفى.
(إعداد دعاء محمد ودنيا هشام وعبد الحميد مكاوي ونهى زكريا ومحمد أيسم للنشرة العربية - تحرير سها جادو ومحمد محمدين وأيمن سعد مسلم)