بات واضحا عزيزي القارئ أن مستويات التضخم في الولايات المتحدة لا تزال تحت السيطرة وبتوافق مع ما أكده البنك الفدرالي في مناسبات عديدة، إذ على ما يبدو أن الضعف في الأوضاع الاقتصادية وسط التشديد في الأسس الائتمانية ومعدلات البطالة المرتفعة لا تزال تلقي بظلالها السلبية على الأسعار، في حين أن الأوضاع في قطاع العمالة الأمريكي بدت وأنها تحسنت نوعا ما، إلا أنه يبقى موضوعا تحت وطأة التحديات الصعبة.
مشيرين إلى ان وزارة التجارة الأمريكية أصدرت اليوم تقرير أسعار المستهلكين والتي أظهرت أسعار المستهلكين قد انخفضت خلال نيسان بنسبة -0.1% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 0.1% وبأدنى من التوقعات التي بلغت 0.1%، أما على الصعيد السنوي فقد ارتفع المؤشر بنسبة 2.2% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 2.3% وبأدنى أيضا من التوقعات التي بلغت 2.4%.
أما بالنسبة لمؤشر أسعار المستهلكين الجوهرية تلك المستثنى منها أسعار الغذاء والطاقة فقد استقرت خلال نيسان عند القراءة الصفرية بأدنى من التوقعات التي بلغت 0.1% وبتطابق مع القراءة السابقة، مضيفين إلى ان مؤشر أسعار المستهلكين الجوهري ارتفع على الصعيد السنوي بنسبة 0.9% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 1.1% وبأدنى من التوقعات التي بلغت 1.0%.
وأظهرت المؤشرات الفرعية في التقرير الصادر أن الأسعار باستثناء الغذاء فقط انخفضت خلال نيسان بنسبة 0.1% مقارنة بالقراءة السابقة الصفرية، في حين أن الأسعار باستثناء الطاقة فقط ثبتت خلال نيسان عند القراءة السابقة التي أشارت إلى ارتفاع بنسبة 0.1%، هذا بالإضافة إلى انخفاض أسعار الطاقة بنسبة -1.4% مقارنة بالقراءة الصفرية السابقة، أما أسعار الخدمات فقد ارتفعت بنسبة 0.1% مقابل 0.2%.
أما أسعار السلع الأساسية فقد انخفضت بنسبة -0.4% مقابل انخفاض بنسبة -0.1%، في حين انخفضت أسعار المحروقات خلال شهر نيسان بنسبة 2.4% مقارنة بالانخفاض السابق الذي بلغ 0.8%.
وهنا نركز عزيزي القارئ أن مستويات التضخم تعتبر تحت السيطرة على المدى القصير، حيث أن الضعف الجاري في الاوضاع الاقتصادية لا يزال يثقل كاهل الأسعار، ناهيك عن معدلات البطالة المرتفعة وأوضاع التشديد الائتماني والتي تحد من مستويات الإنفاق لدى المستهلكين، وبالتالي تؤثر بالسلب على نمو الاقتصاد، إذ لاحظنا في التقارير السابقة أن معدلات البطالة المرتفعة والتضييق في الشروط الائتمانية حدت من تقدم مبيعات التجزئة خلال الفترة الماضية، حيث أن معدلات البطالة ارتفعت خلال نيسان إلى 9.9% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 9.7% وهو ما يثقل كاهل الإنفاق لدى المستهلكين.
إلا أن البنك الفدرالي طمأن الأسواق بأن مستويات التضخم ستبقى تحت السيطرة خلال الفترة القادمة، وذلك حتى لا يكون التضخم سببا في عرقلة سير الاقتصاد الأمريكي نحو التعافي التام، إذ اكد البنك الفدرالي أن مستويات التضخم لن تتعدى مستوى 2.0% خلال العامين القادمين، إلا أن المستثمرين يعيشون حالة من القلق إزاء الكميات الضخمة من الاموال التي تم ضخها في النظام المالي خلال فترة الأزمة، إلى جانب ارتفاع أسعار النفط الخام التي قد ترفع من الأسعار بشكل عام، ناهيك أيضا عن التقدم الاقتصادي الذي جرى مؤخرا وذلك لملاقاة توقعات البنك الفدرالي حول تراجع معدلات البطالة والتي قد تسعف مستويات الإنفاق لدى المستهلكين قبل أن تصبح مستويات التضخم أمر غير مسيطر عليه.
إلا أن مجمل البيانات التي صدرت اليوم أكدت ما جاء يوم أمس في تقرير أسعار المنتجين خلال نيسان أيضا وبتوافق أيضا مع تطلعات البنك الفدرالي، وبالتالي من المتوقع أن تسلك تداولات اليوم أداءا متباينا، حيث من ناحية فإن البيانات التي تفوق التوقعات من شأنها أن تسعف الأسهم على الارتفاع، ولكن من الناحية الأخرى لا يزال الحدث المسيطر على أذهان المستثمرين الوضع الأوروبي وأزمة ديون اليونان وبالتالي يتجه المستثمرون للدولار كاستثمار آمن في الوقت الراهن، كما أنهم سيتجنبون الذهب الذي يعتبر سلعة تحوط ضد التضخم، أما اليورو فيشهد مواصلة في النزيف أمام الدولار الأمريكي وسط أزمة اليونان والمخاوف التي انبثقت منها على الأسواق الأوروبية بخصوص الاقتصاد اليوناني.
مشيرين عزيزي القارئ إلى المستثمرين سينتظرون صدور محضر اجتماع اللجنة الفدرالية المفتوحة الذي سيصدر في وقت لاحق اليوم متحدثين عن أداء الاقتصاد منذ قرار تثبيت الفائدة وحتى الآن، حيث من المؤكد أن يتطرقّوا إلى قطاع العمالة والأوضاع فيه، كما من المؤكد أن يتحدثوا عن قطاع المنازل الذي لا يزال يحاول تحقيق الاستقرار وسط أوضاع التشديد الائتماني وانتهاء برنامج الإعفاء الضريبي، إضافة إلى أنهم سينوّهون إلى مستويات التضخم التي من المؤكد أن تبقى تحت مستويات 2.0% خلال العامين المقبلين.