من ليلى بسام وجون دافيسون
بيروت (رويترز) - انسحب حزب الله الشيعي وحلفاؤه المسيحيون من اجتماع مجلس الوزراء اللبناني الذي انعقد استثنائيا يوم الثلاثاء احتجاجا على حل مقترح لأزمة التخلص من القمامة التي أججت احتجاجات عنيفة في بيروت.
كما ألغت حكومة المصالحة الوطنية التي يتزعمها رئيس الوزراء تمام سلام مناقصات لاختيار شركات جديدة تعنى بجمع النفايات مما يظهر عجز الحكومة على التغلب على الازمة السياسية التي تحولت الى احتجاجات واعمال عنف في الشوارع وسط مطالب باستقالتها.
ووصف مسؤولون ومتظاهرون ووسائل اعلام المناقصات بانها "فضيحة" وانه تم توزيعها محاصصة بين الاحزاب السياسية المتنافسة في البلاد وباسعار باهظة.
وتحولت الاحتجاجات حول ازمة القمامة التي بدأت سلمية في العطلة الأسبوعية إلى العنف بعد أن أدت اشتباكات بين الشرطة والمحتجين إلى إصابة العشرات بجروح. وهدد رئيس الوزراء تمام سلام يوم الأحد بالاستقالة وهاجم السياسيين قائلا إن المشكلة الأكبر في البلد هي "النفايات السياسية".
وجاء في بيان للحكومة عقب اجتماعها بعد يوم من اعلان نتائج المناقصات "استمع المجلس إلى عرض وزير البيئة لنتائج مناقصات الخدمات المنزلية الصلبة وقد أفاد الوزير إلى أن النتائج تضمنت أسعارا مرتفعة مما يقتضي عدم الموافقة على تلك النتائج".
أضاف البيان الذي تلاه وزير الاعلام رمزي جريج "وبعد التداول قرر مجلس الوزراء اعتماد اقتراح وزير البيئة بعدم الموافقة على نتائج المناقصات وتكليف اللجنة الوزارية البحث في البدائل ورفعها إلى مجلس الوزراء."
وكانت وزارة البيئة أعلنت عن منح عقود لعدد من الشركات في خطوة انتقدتها وسائل الإعلام اللبنانية وهاجمها المتظاهرون.
وجاء في عناوين الصفحة الأولى لجريدة السفير "النفايات طلعت ريحتها: محاصصة مكشوفة وباهظة الثمن".وكتبت صحيفة النهار "محاصصة المناقصات تصطدم بعقدة الاسعار".
وقال وزير الاعلام أن رئيس الوزراء طرح خلال الجلسة تخصيص مبلغ مئة مليون دولار على مدى ثلاث سنوات إلى منطقة عكار في شمال لبنان وهي من المناطق الاكثر فقرا في البلاد لتنفيذ مشاريع تنمية مقابل "مساعدتنا على إيجاد حل سريع لموضوع النفايات."
وقال حزب الله في بيان أن "ازمة النفايات هي وجه من وجوه الفساد المستشري والمتركم خلال العقدين الاخيرين".
ونظم نشطاء من حركة "طلعت ريحتكم" احتجاجين كبيرين في العطلة الأسبوعية ومسيرة أصغر يوم الاثنين بسبب عدم جمع النفايات فيما يعكس غضبا يتأجج في النفوس منذ فترة طويلة بسبب عجز الحكومة والفساد السياسي.
وبدأت الحملة مستقلة عن الأحزاب الطائفية الكبيرة التي تهيمن على الحياة السياسة اللبنانية في إشارة لتحول مشاعر الاستياء من طول حالة الجمود السياسي في لبنان إلى غضب مفتوح.
ودعا منظمو الاحتجاجات اللبنانيين في الداخل والخارج للانضمام لصفوفهم في احتجاج حاشد يوم السبت.
وأقام عمال حوائط خرسانية يوم الاثنين حول مقر الحكومة المحصن تحصينا شديدا وسارع المحتجون إلى تغطيتها بالرسوم الملونة المناهضة للحكومة ما دفع رئيس الوزراء الى إعطاء الاوامر بازالته.
وتحولت الاحتجاجات التي بدأت سلمية في العطلة الأسبوعية إلى العنف بعد أن أدت اشتباكات بين الشرطة والمحتجين إلى إصابة العشرات بجروح.
وقال الجنرال جان قهوجي قائد الجيش اللبناني مساء يوم الاثنين إن القوات المسلحة ستحمي أي مظاهرات سلمية لكنها لن تتساهل مع من يحاولون المساس بالأمن أو المتسللين الذين يسعون لبث الفتنة والفوضى.
وعزا منظمو الاحتجاج العنف إلى مشاغبين قالوا إنهم تربطهم صلات بأحزاب طائفية منافسة. ويوم الاثنين حثت منسقة الأمم المتحدة الخاصة للبنان جميع الأطراف على إلتزام أقصى درجات ضبط النفس.
ووصلت العلاقات بين مجلس الوزراء والبرلمان إلى حالة من الجمود وعجز الساسة عن الاتفاق على رئيس جديد منذ أكثر من عام بينما تسببت الحرب السورية في تفاقم التوترات الطائفية ودفعت أكثر من مليون لاجيء إلى النزوح إلى لبنان.
وترجع جذور هذا الجمود إلى صراع على السلطة بين كتلتين سياسيتين منقسمتين إزاء سوريا الأولى تتمثل في حزب الله المدعوم من ايران وحلفائه بمن فيهم السياسي المسيحي ميشال عون والثانية حركة المستقبل السنية في الأساس المؤيدة للغرب والمدعومة من السعودية بقيادة السياسي سعد الحريري وحلفائه.
وأدى تشكيل حكومة سلام العام الماضي بمباركة السعودية وايران إلى تجنب فراغ كامل في السلطة التنفيذية. ويشارك فيها حركة المستقبل وحزب الله والمسيحيون.
لكنها واجهت صعوبات كبيرة في اتخاذ قرارات أساسية وتصاعد التوتر في مجلس الوزراء بسبب تعيينات في أجهزة الأمن والجيش.
وبدأت أزمة القمامة الشهر الماضي عندما أغلق مكب النفايات الرئيسي في بيروت دون إعداد بديل له. ورغم استئناف جمع النفايات من بعض الأماكن فلم يتم التوصل إلى حل دائم.