🌎 انضم إلى 150+ ألف مستثمر من 35+ دولة يمكنهم الوصول إلى اختيارات الأسهم المدعومة بالذكاء الاصطناعي مع عوائد تفوق السوقفعِل الآن

تحليل-بعد هجوم باردو.. تونس تطأ الخط الفاصل بين الأمن والحريات

تم النشر 08/04/2015, 19:48
محدث 08/04/2015, 19:51
© Reuters. تحليل-بعد هجوم باردو.. تونس تطأ الخط الفاصل بين الأمن والحريات

من باتريك ماركي وطارق عمارة

تونس (رويترز) - بعد قيام متشددين إسلاميين بقتل 21 سائحا أجنبيا في متحف باردو في تونس الشهر الماضي سارع كتاب الأعمدة في الصحف وضيوف البرامج الإذاعية ورجال السياسة بالمطالبة بشن حملة لا هوادة فيها لانقاذ ديمقراطيتهم الوليدة.

لكن في المقاهي والمساجد التي يرتادها ابناء الطبقة الوسطى في تونس .. برزت الآن مخاوف من أن شن حملة ضد المتشددين قد تتحول إلى حملة قمع تشبه ما كان سائدا في تونس في حقبة الدولة البوليسية قبل أن يحصل الشعب على حرياته في ثورة عام 2011.

ومنذ ذلك التاريخ ظلت تونس نموذجا للتحول الديمقراطي حيث كان البلد الوحيد الذي لم تنته انتفاضته فيما عرف "بالربيع العربي" بموجة عنف واسعة النطاق أو حرب أهلية.

لكن الهجوم الذي حدث الشهر الماضي يمثل اختبارا دقيقا لتونس للموازنة بين متطلبات الأمن والحريات الجديدة منذ الثورة التي أطاحت بالرئيس الذي حكم لفترة طويلة زين العابدين بن علي.

ويقول محامون وزعماء معارضة ونشطاء حقوقيون ان هناك مزيدا من عمليات الاعتقال العشوائي وتجاوزات الشرطة ويخشون من أن يؤدي قانون مكافة الارهاب المقترح إلى تقييد الحريات في ظل خضوع المشرعين لضغط الرأي العام.

وفي بعض مناطق تونس الفقيرة قال بعض الشبان المتدينين إنهم حلقوا لحاهم وحدوا من ترددهم على المساجد تجنبا لمضايقات الشرطة التي يخشون أن تقوم باعتقال أي أحد تبدو عليه مظاهر التشدد.

وقال معز وهو بائع متدين ومحافظ "الوضع تغير كثيرا. لقد حلقت لحيتي لاتفادى مراقبة الشرطة المستمرة... لكني انا ضد الارهاب واي تطرف يسيء لصورة الاسلام."‭‭‭‭‬‬‬

ولا تبدو تونس بعد أربع سنوات من ثورتها أنها تعود إلى أيام الدولة القمعية في عهد بن علي. فقد أجرت انتخابات حرة وأقرت دستورا جديدا ويسودها مناخ سياسي توافقي بين السياسيين العلمانيين والاسلاميين.

لكن هجوم باردو زاد من تعقيد الأسئلة الحرجة المعقدة أصلا بأن الحرية الديدنة في واحدة من أكثر البلدان العربية علمانية حيث تتعايش أنماط الحياة الليبرالية على مضض إلى جانب التصور السلفي المحافظ للاسلام.

وقالت النائبة بالبرلمان التونسي يمينة الزغلامي وهي قيادية في حركة النهضة الاسلامية "هناك عدة مخاوف في مسألة الحقوق والحريات في مناخ الغضب الكبير بعد اعتداء باردو الوحشي."

واضافت "نعم تونس تلقت ضربة موجعة لكن لا شيء يبرر التعدي على الحقوق والحريات في تونس الجديدة."

ويشيد الغرب بتونس منذ تحولها إلى الديمقراطية بوصفها أنموذجا للأمل الديمقراطي في منطقة انزلقت فيها بلدان أخرى من دول "الربيع العربي" إلى وهدة الانقسام وأعمال العنف والحرب الأهلية.

لكن تونس تكافح ايضا من أجل تحديد دور الإسلام في السياسة خاصة مع صعود الاسلاميين المتشددين والجماعات السلفية التي طفت على السطح في ظل مناخ الحريات الجديدة.

والأمن أساسي لصناعة السياحة الحيوية في تونس. وحتى الآن تقول الحكومة إن تأثير هجوم باردو على حجوزات الزائرين الأجانب مازال محدودا على الرغم من أن موسم الصيف لم يبدأ بعد.

وقال رئيس وزراء تونس الحبيب الصيد أمام البرلمان هذا الأسبوع إن السلطات ستزيد من حملتها لاستعادة السيطرة على المساجد التي هيمن علها المتشددون الذين تلقي عليهم الحكومة باللوم في تجنيد الشبان للانضمام إلى جماعات التشدد.

وقال الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي لصحيفة لوموند الفرنسية "نحن نحترم الحريات ولايمكن السقوط في دولة بوليسية."

واضاف السبسي "عندما يأتي شخص لقتلك وقتل جميع من حولك يجب ان تدافع عن نفسك. لكن ذلك لا يعني الخلط بين مكافحة الارهاب والحريات المدنية وحرية التعبير لانه بامكاننا مكافحة الارهاب واحترام الحقوق والحريات العامة."

لكن الجماعات المدافعة عن حقوق الانسان تشعر بالانزعاج.

تقول أمنة قلالي مديرة منظمة هيومن رايتس ووتس في تونس "هناك بعض الامور والتصريحات مثيرة للقلق فعلا.. قد تتوسع دائرة الاعتقالات العشوائية ولا يمكن ان نعرف الى اي حد يمكن ان تصل."

ومن بين بواعث القلق الحالية قانون مكافحة الارهاب الجديد المقترح الذي سيبحثه البرلمان التونسي. ويوسع مشروع القانون بعض سلطات الشرطة مثل مدةالاحتجاز قبل المحاكمة ويرفع حظرا على عقوبة الاعدام.

وحثت منظمة هيومن رايتس ووتش الحكومة على تعديل مشروع القانون. وقالت المنظمة إن التشريع يسمح للشرطة باحتجاز الأشخاص لمدة تصل إلى 15 يوما قبل تقديمهم للقضاء. كما يتضمن تعريفا فضفاضا للنشاط "الإرهابي" مما يفتح الطريق أمام الانتهاكات.

وتتركز المخاوف من القمع غالبا على السلفيين المحافظين والاسلاميين الذين عانوا طويلا من القمع في حكم بن علي وسلفه الحبيب بورقيبة الذي يعتبر مؤسس الكثير من التقاليد العلمانية في تونس.

وبينما يشترك السلفيون مع الجهاديين المتشددين في بعض الأفكار الدينية إلى أن غالبيتهم يرفضون عنفهم. لكن سعيهم من أجل دور أوسع للدين في الحياة العامة يزعج غالبا العلمانيين التونسيين الذين يخشون من أن ذلك قد يؤدي إلى تقويض الحريات الشخصية وحقوق المرأة.

وكان متشددون سلفين قد قاموا في خضم الأيام المضطربة بعد انتفاضة 2011 بمهاجمة مسارح ومعارض فنية ورموز أخرى يعتبرونها غير إسلامية وسيطر وعاظ متشددون على مساجد وأنشأوا مدارس دينية.

وحتى قبل هجوم متحف باردو كانت الحكومة قد بدأت بالفعل حملة واسعة على المتشددين المشتبه بهم وأعادت سيطرة وزارة الشؤون الدينية على المساجد. ويقول محامون ونشطاء حقوقيون إن هذا العملية اتسعت.

ويقول أنور اولاد علي وهو محامي كثير من الجهاديين والسلفيين لرويترز "الان نحن نرى أشخاصا يعتقلون فقط بسبب مظهرهم ولباسهم.. هناك حالة من الذعر.. هذا أمر خاطيء تماما.. هذا تشجيع وخلق لبؤر ارهاب جديدى وليس محاربة له."

وقال رضا بلحاج زعيم حزب التحرير ذو الخلفية الاسلامية والحاصل على ترخيص إن شن حملة قد تؤدي إلى مزيد من التطرف.

وأضاف "هذا كله تهديد لمبادئ الثورة وعودة لاساليب الماضي الاسود... الخطر الحقيقي (يكمن) في مواصلة حملات القمع واستهداف الشباب المتدين واستهداف المساجد لان ضرب مظاهر الاسلام سيخلق مزيدا من الاحتقان ورد الفعل لدى شبابنا المسلم."

لكن الانزلاق إلى عهد قمع على غرار حكم بن علي مازال أمارا غير مرجح. ويحكم حزب نداء تونس ضمن ائتلاف يشمل حركة النهضة وهو الحزب الاسلامي الذي فاز بأول انتخابات بعد الانتفاضة. ويمكن أن يحد هذا التوافق من اندفاع أولئك الداعين إلى مزيد من الاجراءات القمعية.

© Reuters. تحليل-بعد هجوم باردو.. تونس تطأ الخط الفاصل بين الأمن والحريات

وقال مسؤول أمني رفيع لرويترز "لن نعود للماضي ولما كنا عليه مع بن علي.. لا يمكنا فعل ذلك.. الديمقراطية وجدت هنا لتبقى وهي الان أقوى من اي وقت مضى."

أحدث التعليقات

قم بتثبيت تطبيقاتنا
تحذير المخاطر: ينطوي التداول في الأدوات المالية و/ أو العملات الرقمية على مخاطر عالية بما في ذلك مخاطر فقدان بعض أو كل مبلغ الاستثمار الخاص بك، وقد لا يكون مناسبًا لجميع المستثمرين. فأسعار العملات الرقمية متقلبة للغاية وقد تتأثر بعوامل خارجية مثل الأحداث المالية أو السياسية. كما يرفع التداول على الهامش من المخاطر المالية.
قبل اتخاذ قرار بالتداول في الأدوات المالية أو العملات الرقمية، يجب أن تكون على دراية كاملة بالمخاطر والتكاليف المرتبطة بتداول الأسواق المالية، والنظر بعناية في أهدافك الاستثمارية، مستوى الخبرة، الرغبة في المخاطرة وطلب المشورة المهنية عند الحاجة.
Fusion Media تود تذكيرك بأن البيانات الواردة في هذا الموقع ليست بالضرورة دقيقة أو في الوقت الفعلي. لا يتم توفير البيانات والأسعار على الموقع بالضرورة من قبل أي سوق أو بورصة، ولكن قد يتم توفيرها من قبل صانعي السوق، وبالتالي قد لا تكون الأسعار دقيقة وقد تختلف عن السعر الفعلي في أي سوق معين، مما يعني أن الأسعار متغيرة باستمرار وليست مناسبة لأغراض التداول. لن تتحمل Fusion Media وأي مزود للبيانات الواردة في هذا الموقع مسؤولية أي خسارة أو ضرر نتيجة لتداولك، أو اعتمادك على المعلومات الواردة في هذا الموقع.
يحظر استخدام، تخزين، إعادة إنتاج، عرض، تعديل، نقل أو توزيع البيانات الموجودة في هذا الموقع دون إذن كتابي صريح مسبق من Fusion Media و/ أو مزود البيانات. جميع حقوق الملكية الفكرية محفوظة من قبل مقدمي الخدمات و/ أو تبادل تقديم البيانات الواردة في هذا الموقع.
قد يتم تعويض Fusion Media عن طريق المعلنين الذين يظهرون على الموقع الإلكتروني، بناءً على تفاعلك مع الإعلانات أو المعلنين.
تعتبر النسخة الإنجليزية من هذه الاتفاقية هي النسخة المُعتمدَة والتي سيتم الرجوع إليها في حالة وجود أي تعارض بين النسخة الإنجليزية والنسخة العربية.
© 2007-2024 - كل الحقوق محفوظة لشركة Fusion Media Ltd.