من طوفان جومروكسو ونيك تاترسال
أنقرة/ اسطنبول (رويترز) - عزلت تركيا يوم الثلاثاء 15 ألفا آخرين من موظفي الدولة من جنود الجيش والشرطة إلى مفتشي الضرائب والقابلات وأغلقت 375 مؤسسة وبضع وسائل إعلام إخبارية مع مواصلتها عمليات تطهير يدينها حلفاء غربيون وجماعات حقوقية في أعقاب محاولة انقلاب.
ويرفع العزل الذي جاء في مرسومين عدد المفصولين أو الموقوفين عن العمل في الجيش والحكومة والقضاء وأجهزة أخرى إلى أكثر من 125 ألفا منذ انقلاب يوليو تموز الفاشل. ويوجد في السجون حاليا نحو 36 ألفا قيد المحاكمة.
وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن الإجراءات أضعفت بشكل ملحوظ شبكة الموالين لرجل الدين التركي المقيم في الولايات المتحدة فتح الله كولن الذين تتهمهم أنقرة باختراق مؤسسات الدولة على مدى عقود وتنفيذ محاولة الإنقلاب.
لكن إردوغان أوضح أن عمليات التطهير لم تنته بعد.
وقال اثناء مؤتمر في القصر الرئاسي "نعرف أن تطهيرهم لم ينته تماما. ما زالوا موجودين في جيشنا وشرطتنا وفي جهازنا القضائي."
وأضاف قائلا "لن نترك دولتنا لهم أبدا ولن ندعهم يستنزفون هذه الأمة. سنفعل كل ما هو ضروري."
وهز الانقلاب الفاشل وتداعياته الثقة في استقرار تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي وأحد الشركاء الرئيسيين في قتال تنظيم الدولة الإسلامية في جاريها العراق وسوريا.
وشملت حملة التطهير التي تشمل مروحة واسعة من المهن كثير منها ليس لها صلات واضحة بشبكة كولن مثل الاطباء والممرضات والقابلات.
ونشرت قرارات العزل في الجريدة الرسمية من دون إعطاء أسباب عدا عن "العضوية أو الصلة بتنظيمات إرهابية أو جماعات ينظر إليها على أنها تعمل ضد مصالح الأمن القومي."
واستهدف عدد من المتهمين لأن لهم حسابات مصرفية في بنك كان يسيطر عليه في الماضي أنصار لكولن أو لكونهم في نقابة معارضة أو لاستخدامهم تطبيقا للرسائل على الهواتف الذكية تعتبره السلطات وسيلة خاصة للتواصل بين أتباع كولن وفقا لتقارير إعلامية تركية.
وانتقد الحلفاء الغربيون اتساع نطاق عمليات التطهير التي يقودها إردوغان بينما طالب بعضهم بتجميد محادثات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي. ووصف مسؤول كبير بالأمم المتحدة تلك الإجراءات بأنها "شديدة القسوة" و"غير مبررة."
ورفض إردوغان مثل هذه الانتقادات وشدد على أن تركيا ستجتث أعداءها في الداخل والخارج وقد تعيد العمل بعقوبة الإعدام. واتهم الدول الغربية بالوقوف إلى جانب مخططي الانقلاب الفاشل وإيواء إرهابيين.
*باعوا أرواحهم
وتتهم أنقرة كولن المقيم في ولاية بنسلفانيا الامريكية وشبكة من أتباعه تشير إليهم باسم "منظمة كولن الإرهابية" بتدبير محاولة الانقلاب التي قتل خلالها أكثر من 240 شخصا فيما ينفي كولن أي صلة له بتلك المحاولة.
وقال إردوغان "على هذه الأرض المخضبة بدماء الشهداء.. لا يوجد مكان لهؤلاء الذين باعوا أرواحهم لبنسلفانيا وللتنظيم الإرهابي الانفصالي أو أي تنظيم آخر غير قانوني."
وكثيرا ما يذكر إردوغان بنسلفانيا اختصارا في إشارة إلى أنصار كولن ويذكر "التنظيم الانفصالي" في إشارة إلى حزب العمال الكردستاني.
وتضمن قرارا يوم الثلاثاء عزل ما يقرب من 2000 من أفراد القوات المسلحة و7600 من اعضاء الشرطة و400 من شرطة الدرك وأكثر من 5000 من العاملين في مؤسسات عامة بينهم ممرضات وأطباء ومهندسون وذلك للاشتباه في صلاتهم بتنظيمات إرهابية.
ونشرت أسماؤهم في الجريدة الرسمية مما يمنعهم من المطالبة بأي مستحقات مالية أو السعي للحصول على وظيفة حكومية أخرى. وصدر المرسومان في إطار حالة الطوارئ التي أعلنتها تركيا في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة مما يسمح لإردوغان وحكومته بتجاوز البرلمان.
واعتقل سياسيون موالون للأكراد في حملة موازية لإتهامهم بأن لهم صلات بحزب العمال الكردستاني ومن بينهم قادة ثاني أكبر كتلة معارضة في البرلمان التابعة لحزب الشعوب الديمقراطي.
*غضب أوروبي
وفضلا عن المرسومين اللذين نشرا يوم الثلاثاء أصدرت السلطات أوامر للقبض على 60 شخصا من بينهم طيارون بالقوات الجوية في مدينة قونية في وسط البلاد للاشتباه في صلتهم بمنظمة كولن.
وفي عملية أخرى في محيط اسطنبول تم احتجاز 19 من موظفي سجن سيليفري أكبر سجون تركيا من بينهم مدير السجن للاشتباه باستخدامهم تطبيق بايلوك للرسائل على الهواتف الذكية وهو التطبيق الذي قالت السلطات إن أعضاء شبكة كولن يستخدمونه.
وبدأت يوم الثلاثاء محاكمة كولن غيابيا و72 شخصا آخرين متهمين بمحاولة الإطاحة بالحكومة التركية ومن المتوقع أن تتسع القضية لتشمل اتهامات تتعلق بمحاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في يوليو تموز الماضي.
وذكرت صحيفة حريت التركية اليومية أن أوامر ضبط صدرت أيضا بحق 22 مسؤولا تنفيذيا في مؤسسة تورك تيليكوم للاتصالات. وأضافت أن 12 منهم اعتقلوا في عملية شملت أربعة أقاليم تركية.
وتضمنت قرارات يوم الثلاثاء أيضا إغلاق 375 مؤسسة و18 منظمة خيرية وتسع وسائل إعلامية. ومنذ يوليو تموز أغلقت تركيا أكثر من 130 وسيلة إعلامية.
وقال جاي فيرهوفستاد زعيم الليبراليين في البرلمان الأوروبي يوم الثلاثاء إن المجلس يدعو المسؤولين في الاتحاد الأوروبي لتعليق مفاوضات عضوية تركيا للاتحاد.
وقال في مؤتمر صحفي "لقد أغلقت عشرات الوسائل الاعلامية وعوقب عشرات من أعضاء البرلمان أو زج بهم في السجن وهناك نقاش بشأن عقوبة الإعدام والمزيد والمزيد من السيطرة السياسية على القضاء... علاقتنا بتركيا تضع على عاتقنا مسؤولية متزايدة."
(إعداد داليا نعمة ومحمد فرج للنشرة العربية- تحرير وجدي الالفي)