من حميرة باموق
كلس (تركيا) (رويترز) - في مستشفى ميداني بمدينة كلس الحدودية التركية يقول جرحى من مقاتلي المعارضة السورية إن الضربات الجوية الروسية دفعت بحملتهم على قوات الحكومة السورية وتنظيم الدولة الاسلامية إلى حافة الانهيار.
فقد أدى هجوم بري واسع في ريف حلب شنته قوات حكومة الرئيس بشار الأسد يدعمها القصف الروسي ومقاتلون من ايران وحزب الله اللبناني إلى تضييق الخناق على خطوط إمداد المعارضة وعرض مقاتلي المعارضة لخطر فقدان قاعدة نفوذهم في الشمال.
ويقول هؤلاء الجرحى إن من الممكن إنقاذ الانتفاضة في منطقة ذات أهمية استراتيجية في سوريا تتقاسم السيطرة عليها منذ سنوات القوات الحكومية وقوات المعارضة وذلك من خلال تدخل أطراف سنية مؤيدة للمعارضة من بينها تركيا والسعودية وقطر.
وقال أحد أفراد فيلق الشام يدعى قاسم (23 عاما) "لولا روسيا لكنا قد مزقنا الأسد إربا إربا الآن. هذه الحرب كانت على وشك الانتهاء قبل أربعة أو خمسة أشهر."
وأضاف قاسم إنه أصيب بجروح قبل عشرة أيام في اشتباكات شمال غربي حلب. وفيلق الشام واحد من عدة جماعات معارضة تشارك في القتال حول المدينة.
وقال وهو راقد على سريره في المستشفى وذراعه في الضمادات "إذا دخلت تركيا والسعودية وقطر بجنودها فستنتهي هذه الحرب في شهر. أرسلت تركيا أسلحة ومساعدات لكن يجب أن تساعدنا أكثر الآن. نحن نحارب الجميع هنا: الأسد والدولة الاسلامية وحزب الله وحزب العمال الكردستاني."
وقد قالت السعودية إنها مستعدة لإرسال قوات خاصة في إطار تدخل تحالف تحت قيادة الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الاسلامية في حين قالت الإمارات إنها مستعدة أيضا لارسال قوات برية لدعم أي تحالف دولي.
وقال مسؤول رفيع في الحكومة التركية إنه يجري باستمرار تقييم الوضع بالاشتراك مع الحلفاء لمعرفة ما يمكن عمله في سوريا غير أنه لا توجد استعدادات لأي عملية مع الرياض تشمل تدخلا بريا أو أعدادا كبيرة من القوات.
ويمثل هجوم القوات الحكومية السورية التي تدعمها روسيا في الأيام الأخيرة واحدا من أكبر التحولات في ميزان القوى في الحرب. وينذر الهجوم بإخراج مقاتلي المعارضة من واحد من معاقلهم في الشمال الغربي وتقريب القوات السورية والقوات المتحالفة معها لتصبح المسافة بينها وبين الحدود التركية نحو 25 كيلومترا فقط.
وقد استغل مقاتلو وحدات حماية الشعب الكردية تحول ميزان القوى فاستولوا على قرى من المعارضة محققين بذلك من المكاسب ما أزعج تركيا.
وترى أنقرة أن وحدات حماية الشعب - التي تتمع بدعم الولايات المتحدة في مواجهة تنظيم الدولة الاسلامية في بعض مناطق سوريا - جماعة إرهابية تربطها صلات عميقة بمقاتلي حزب العمال الكردستاني الذي يشن حملة تمرد في جنوب شرق تركيا منذ عشرات السنين.
وفي الشهر الماضي اندمج فيلق الشام مع جماعات أخرى لتشكيل كيان جديد أطلق عليه اسم كتيبة الشمال وذلك في إطار محاولة لتكوين جبهة أقوى في مواجهة القوات الموالية للحكومة التي كثفت هجماتها.
لكن يبدو أن هذه الاستراتيجية لم تكن مجدية.
فقد قال قاسم "نحن نطلب من أشقائنا المسلمين في السعودية وقطر وتركيا: أرجوكم ساعدونا. نحن بحاجة لمساعدة تركيا الآن أكثر من أي وقت مضى."
* "أمريكا توقفت عن المساعدة"
وتسيطر على الاراضي الواقعة إلى الشمال الغربي من حلب قوات المعارضة وجماعات كردية لكن المناطق الواقعة إلى الشمال الشرقي تخضع لسيطرة تنظيم الدولة الاسلامية.
وفي مستشفى كلس حيث شغل مقاتلو المعارضة نحو نصف عدد الأسرة البالغ 47 سريرا يدور الحديث حول مدى استفادة الجهاديين من تقدم القوات الحكومية.
وقال مقاتل من جبهة الشام ذكر أن اسمه محمد علي (27 عاما) إن مقاتلي الدولة الاسلامية أحاطوا بقريته وفرقته الصغيرة المكونة من نحو 20 مقاتلا شمال شرقي حلب قبل نحو عشرة أيام.
وأضاف وهو يعرض صور الأشعة لعظام ذراعه المحطمة "كنت أنا القائد. وبدأوا يطلقون النار علينا بكثافة. وفقدت أربعة من رجالي وأصبت برصاصة في مرفقي."
وتابع "بعد حوالي 15 دقيقة من بدء معركتنا مع الدولة الاسلامية جاءت الطائرات الحربية الروسية وبدأت اسقاط قنابلها. لم يكن قتالا بل كان مذبحة. كل شيء كان مدبرا."
وفي عنبر الجراحة حيث فقد بعض الراقدين على الأسرة ذراعا أو ساقا أو أصابتهم الشظايا بالعمى سمع علي مثل الآخرين أنباء تتحدث عن عرض السعودية المشاركة بقوات برية.
وصاح علي "بإذن الله يكون هذا حقيقيا. بوجود القوات السعودية وراءنا نستطيع أن نقتلهم جميعا ونسترد بلدنا."
وقال أسامة بارويش مدير المستشفى إن الإصابات التي وردت إلى المستشفى ازدادت خطورة منذ بدأت الضربات الجوية الروسية في العام الماضي.
والمستشفى عبارة عن مبنى من طابق واحد من الحاويات أنشأته منظمة الهلال الأزرق الدولي التركية قبل نحو عامين.
ورغم أن البعض يتحدث بتصميم عن العودة إلى خطوط الجبهة فإن الشعور الغالب أصبح ألا أمل في المعركة بسبب عدم الاكتراث الدولي وبخاصة ما يرى مقاتلو المعارضة أنه تخلي الولايات المتحدة عنهم.
وقال محمد الذي قاتل مع جماعة أحرار الشام لثلاث سنوات قبل أن يصيبه قناص كردي في ساقيه بالرصاص "أمريكا توقفت عن تقديم السلاح. وهم دعموا الأكراد وروسيا بدأت قصفنا من الجو."
وأضاف "العالم ضدنا. والأسد.. ايران وروسيا. ونحن نحاربهم جميعا. كلهم يساعدون بعضهم بعضا ونحن وحدنا."
وقال إنه لن يعود للقتال وسيستقر مع شقيقه في بلدة ألانيا التركية على البحر المتوسط.
وأضاف "نحن فزنا في الحرب لكن الغرب لم يعطنا نصرنا."
(إعداد منير البويطي للنشرة العربية - تحرير أميرة فهمي)