من توم بيري
بيروت (رويترز) - في الوقت الذي يحرز فيه تحالف مجموعة من الفصائل التي تدعمها الولايات المتحدة تقدما في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية في شمال سوريا يحقق حلفاؤه السياسيون تقدما في مسعاهم لإقامة نظام حكم فيدرالي جديد يأملون أن يترسخ في المناطق التي سيطروا عليها مؤخرا.
وقالت مسؤولة كردية إن الاتحاد الفيدرالي الذي يتمتع بالحكم الذاتي وتعتزم الأحزاب الكردية السورية وحلفاؤها إقامته يتبلور بسرعة وإن من المنتظر استكمال إعداد دستور له خلال ثلاثة أشهر وربما أقل من ذلك على أن يعقب ذلك انتخابات على وجه السرعة.
ورغم أن الجماعات الكردية تصر على أن هذا المسعى ليس انفصاليا فإنه سيعيد رسم الخريطة في وقت تعجز فيه دبلوماسية الأمم المتحدة عن تحقيق أي تقدم صوب إنهاء الحرب التي أدت إلى تفكك سوريا لمجموعة من المناطق كل منها تدار على حدة.
ومن المرجح أن يزيد ذلك من حدة المخاوف لدى تركيا عضو حلف شمال الأطلسي من تنامي النفوذ الكردي في شمال سوريا الذي يطلق عليه الأكراد اسم روج آفا الذي دخل الآن القاموس السياسي للشرق الأوسط.
واكتسبت الخطة أهمية أكبر منذ حقق تحالف قوات سوريا الديمقراطية الذي تأتي فصائل وحدات حماية الشعب الكردية على رأس المشاركين فيه تقدما جديدا سريعا باتجاه الغرب هذا الشهر في آخر موطئ قدم لتنظيم الدولة الإسلامية على الحدود التركية.
ويتيح ذلك إمكانية ضم مناطق جديدة إلى الاتحاد الفيدرالي الذي كشف النقاب عنه في مارس آذار.
وفي الأسبوع الماضي تم بحث فكرة انضمام المناطق التي وقعت تحت السيطرة في الآونة الأخيرة للاتحاد الفيدرالي الديمقراطي بروج آفا وشمال سوريا مع أعضاء مجلس محلي تشكل لإدارة مدينة منبج الخاضعة لسيطرة الدولة الإسلامية.
وقالت هدية يوسف الرئيسة المشاركة لمجلس يشرف على هذا المشروع "أعطيناهم فكرة عن الخطة التي نعمل عليها وأعربنا لهم عن رغبتنا في أن تكون منبج جزءا من منطقة الاتحاد الفيدرالي الديمقراطي بعد تحريرها."
وقالت لرويترز في مقابلة "كانت وجهة النظر متفائلة بهذه المسألة. أعجبتهم الخطة."
لكنها أضافت أنه في ضوء الطبيعة المؤقتة للمجلس فمن الضروري أن يتخذ مجلس له صفة الدوام أي قرار.
وتحدث مسؤول بمجلس مدينة منبج لرويتز طالبا عدم نشر اسمه فقال إنهم يتوقعون طرح النظام الفيدرالي عليهم لكنهم ليسوا مخولين للبت في هذا الأمر. وأضاف المسؤول الذي يعمل بالمكتب الإعلامي للمجلس إن البت في مثل هذه المسائل يرجع إلى المجلس الموسع الذي سيتم تشكيله فيما بعد.
وينتشر الأكراد في تركيا وسوريا وإيران والعراق حيث تمثل حكومة إقليم كردستان أقرب شيء لحلم الأكراد بأن تكون لهم دولتهم الخاصة.
* وحدات حماية الشعب .. قوة نيران ونفوذ
تستفيد خطة الاتحاد الفيدرالي لشمال سوريا من ثلاثة مناطق تتمتع بالحكم الذاتي اقتطعتها وحدات حماية الشعب منذ سقوط سوريا في براثن الصراع عام 2011 في انتفاضة كان الهدف منها الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد.
واتسع نطاق المنطقة في العام الماضي ليشمل مدينة تل أبيض التي انتزعت وحدات حماية الشعب السيطرة عليها من تنظيم الدولة الإسلامية في أكتوبر تشرين الأول الماضي.
ووحدات حماية الشعب هي أكثر شركاء الولايات المتحدة فاعلية في الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا. ومع ذلك فإن تركيا تعتبرها جماعة إرهابية بسبب صلاتها بحزب العمال الكردستاني الذي يشن حملة تمرد في جنوب شرق تركيا.
وأدى تأسيس قوات سوريا الديمقراطية العام الماضي إلى انضمام فصائل عربية رسميا إلى وحدات حماية الشعب في الحملة التي تدعمها الولايات المتحدة على تنظيم الدولة الإسلامية وهو من الاعتبارات المهمة في سعي القوات لدخول مناطق تقطنها أغلبية عربية.
ويقول محللون إن وحدات حماية الشعب ما زالت تملك أكبر قوة نيران وصاحبة أكبر نفوذ رغم أنها لا تتصدر المشهد العام.
ولم تخف جماعات كردية سورية أنها تستهدف توصيل المنطقتين التابعتين لها اللتين تتمتعان بالحكم الذاتي في شمال شرق سوريا بمنطقة أخرى في الغرب هي منطقة عفرين.
ويحول دون ذلك شريط من الأرض بامتداد 80 كيلومترا على الحدود التركية يخضع لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية بالقرب من منبج كما تحول دونه جماعات من المعارضة السورية تدعمها تركيا وتعادي وحدات حماية الشعب.
ويقول ساسة أكراد مشاركون في مساعي إقامة الاتحاد الفيدرالي إنه سيصون حقوق كل الجماعات العرقية الأمر الذي يسمح للتجمعات السكانية بأن تحكم نفسها وتمثل نموذجا لتسوية الحرب السورية في نهاية الأمر.
لكن المشروع واجه معارضة واسعة من أطراف مختلفة منها الولايات المتحدة والحكومة السورية وكذلك المعارضة السورية.
* لا اتفاق على العلم حتى الآن
قالت هدية يوسف إن اجتماعات عقدت في الولايات المتحدة وروسيا وأوروبا لشرح الخطة ولإشاعة الطمأنينة بأن الهدف ليس إقامة دولة مستقلة.
وأرسلت خطابات مباشرة أيضا إلى الرئيس الأمريكي باراك أوباما ومبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا ستافان دي ميستورا الذي لم يضم حزب الاتحاد الديمقراطي أكبر الأحزاب الكردية السورية إلى محادثات السلام التي دشنت في وقت سابق هذا العام تمشيا مع رغبة تركيا.
وقالت هدية يوسف "نتوقع قبول هذا المشروع ونعمل على كسب الدعم الدولي والإقليمي والداخلي."
وخلال مكالمة هاتفية من سوريا قالت إن الدستور الذي سيعرف باسم "العقد الاجتماعي" أوشك على الاكتمال.
وأي منطقة تود الانضمام للنظام الاتحادي سيتعين عليها الموافقة على هذا العقد التي يتضمن حقوقا مساوية للنساء ويضمن قيادة مشتركة لكل الجهات الإدارية وشكلا من الاقتصاد الاشتراكي.
ومن بين القضايا العالقة تصميم علم جديد ليرفع إلى جانب العلم السوري وتحديد موقع المجلس التشريعي الذي سيعرف باسم مؤتمر الشعوب وترسيم الحدود الإدارية للمناطق في النظام الجديد.
وقالت "خلال ثلاثة شهور من المفروض أن نكون انتهينا من كل التحضيرات والصياغات للعقد الاجتماعي."
وبمجرد الموافقة عليه من قبل المجلس المؤلف من 151 عضوا والذي تشارك هدية يوسف في رئاسته سيبدأ الإعداد لانتخابات بعدها بثلاثة أشهر.
وقالت إنهم لم يقرروا بعد أي الانتخابات ستجرى أولا.. انتخابات مؤتمر الشعوب أم المجالس الإقليمية. وقالت "العملية كلها سوف تستغرق ستة أشهر وربما أقل."
(إعداد منير البويطي وليليان وجدي للنشرة العربية - تحرير أمل أبو السعود)