أداء الدولار في الآونة الأخيرة هو متميّز للغاية. فقد ارتفع مؤشر الدولار داو جونز أف أكس سي أم للأسبوع الثامن على التوالي يوم الجمعة- وهي أطول سلسلة ارتفاع في 15 عامًا. في ذلك الوقت، اكتسب 3.1%. علاوة على ذلك، يعتبر التقدّم الذي بلغ 0.8% في الأسبوع السابق الأكبر منذ يناير ودفع المؤشر الى بلوغ ذروات إثني عشر شهرًا. مع ذلك، نجد وراء هذا التسارع الصعودي محفز أساسي متفكّك وغير مباشر... محرّك من شأنه التبدّد ببساطة.
نظرًا الى مدى تحرّك الدولار في الأشهر الأخيرة، ثمّة بدون أدنى شكّ طبيعة فطرية لقوّته. لقد رأينا ارتفاع قراءات التذبذبات بشكل ملحوظ من القيع التاريخية التي بلغتها في يوليو وأغسطس. يعزّز هذا الأمر بدوره جاذبية الدولار كعملة ذات سيولة. كما تقدّمت عائدات سندات الخزانة وسط اقتراب موعد تطبيق أوّل زيادة للمعدّلات من قبل بنك الاحتياطي الفدرالي. وعلى الرغم من التطوّرات العامّة، ثمّة تناقض ملموس بين التقدّم المحرز على صعيد الآفاق الأساسية وأداء الدولار.
التباين بين "قيمة" السوق و"الأداء" يبدأ بالتبلور عندما ننظر الى أداء الدولار مقابل نظرائه الرئيسيين. في الأسبوع السابق، سجّلت عملة الإحتياطي تسارعًا صعوديًا بنسبة 1.6% مقابل الجنيه الاسترليني و1.4% مقابل اليورو و1.0% مقابل الين الياباني. كانت تلك هي العملات التي هوت على صعيد عالمي بسبب الرياح المعاكسة الناشطة والكثيفة. في غضون ذلك، تقدّم الدولار بنسبة طفيف مقارنة بالدولار النيوزيلندي (0.4%)، لم يشهد تغييرات تذكر مقابل الدولار الكندي وتراجع في الواقع مقابل الأسترالي.
إذا في الواقع، كان الدولار يتقدّم على خلفية المشاكل التي يواجهها نظرائه الأكثر سيولة؛ فإتّجاهه هشّ ومعرّض لخطر التوقّف. على صعيد القوّة غير المباشرة، يعتبر اليورو ظهيرًا رئيسيًا، إذ عمد البنك المركزي الأوروبي الى تقليص معدّلات الفائدة وإعلان عمليات شراء أصول جديدة. عند إجراء مقارنة، نجد أنّ بنك انجلترا لا يزال يسلك مسار زيادة المعدّلات قبل نظيره الأميركي. على صعيد الدولار/ين، من المستبعد بروز تسارع صعودي مستدام في اتّجاهات المخاطر وتجدّد الشهية للعملات ذات العائدات الأعلى.
الأداء الذي يعتمد على النضال المتزامن لنظرائه الرئيسيين يعني أنّ تجار الدولار عليهم التنبّه الى الجدول الاقتصادي العالمي تمامًا كما يفعلون على صعيد الجدول الأميركي. فأرقام التضخم في منطقة اليورو وشهادة بنك انجلترا في التقرير الفصلي لشهر أغسطس ومسح ثقة الأعمال اليابانية للفصل الثالث هي من الأحداث المرتقبة التي تهدّد الدولار.
تعتبر تخمينات معدّلات الفائدة المسألة التي من شأنها تغيير المعادلة القائمة. وسط ترقب قرار فائدة مجلس الاحتياطي الفدرالي في 17 سبتمبر (مع التوقعات المحدّثة والمؤتمر الصحفي)، سيكون من الصعب زيادة التقديرات. ووسط غياب خطابات مسؤولي الاحتياطي الفدرالي وترقّب بيانات غير مرتبطة بالسياسة النقدية (مبيعات التجزئة وثقة المستهلك)، سيكون هذا الأمر أصعب وأصعب. المحفز الأكثر قدرة على قلب الموازين ولكن ذات الفرص الضئيلة يتمثّل بتغيير في اتّجاه المستثمرين يدفع بدوره رؤوس الأموال الى العودة الى النظام المالي الأميركي- وبالتالي عملته.