وأخيراً وبعد مفاوضات طويلة وشاقة, يبدو أن براجماتية ترامب كرجل أعمال ومدير تنفيذي مع الشريك التجاري جنوب الحدود أتت بنتيجة وتم التوصل الى اتفاقية تجارية جديدة مع المكسيكيين تلغي بموجبها اتفاقية نافتا القديمة . هذا خبر جيد للادارة الأمريكية واثبات لصحة وجهة نظرها فيما يتعلق بقدرتها على تغيير المعادلة التجارية الدولية على الرغم من أن الطريق ما يزال في بدايته حيث ستكون المفاوضات التجارية شاقةً أكثر ومعقدة مع الصينيين وكذلك الكنديين .
لابد أن ننظر الى هذه الاتفاقية بطريقة مختلفة . من ناحية المبدأ ستنجح هذه الاتفاقية كبداية في تخفيف مستويات مخاطر الحرب التجارية وتدعم شهية المخاطرة مرة جديدة , هذه الشهية التي تراجعت بموجب المخاوف وخاصة مع الصين . ماذا يعني هذه كله ؟ يعني ببساطة أننا قد نشهد مزيداً من الأداء الايجابي للأسهم الأمريكية وخاصة التي لها علاقة بالصادرات والواردات والتجارة والسيارات. من جهة أخرى , قد تنجح الأسهم الصينية في تحقيق اختراق ايجابي والارتفاع مرة جديدة بقوة , مؤشر شنجهاي خسر مستويات 3600 نقطة تقريباً مع بداية العام ويتداول الآن عند مستويات 2781 نقطة (متراجعاً بنسبة 22% تقريباً خلال العام الجاري), بينما تراجع مؤشر هانج سينج بهونغ كونغ من مستويات 33154 نقطة التي حققها في بداية العام (أعلى مستوياته التاريخية) ليتداول حالياً عند 28360 نقطة (خسر كذلك قرابة 15% من قيمته منذ بداية العام الجاري) , فرصة للبناء عليها من جديد . هذا التراجع يأتي بالتوازي مع تراجع اليوان الصيني بنسبة تقارب 10% منذ بداية العام الجاري .لاشك بأن سعر الصرف في دولة كالصين هو سلاح بيد البنك المركزي (بنك الشعب الصيني), نعتقد بأن الأجواء الايجابية للاتفاقيات التجارية بين أمريكا وبقية الدول قد تقودنا الى سيناريو محتمل .
أولاً , ارتفاع اليوان مجدداً بشكل تدريجي كنوع من المناورة بين الطرفين , مع توقعنا بتراجع مؤشر الدولار الأمريكي لعوامل تتعلق بسياسة الفيدرالي الأمريكي وكذلك ترامب الذي لن يقبل بيوان ضعيف مجدداً وهذا بالتأكيد أحد الملفات المعقدة بين الطرفين.
ثانياً , اذا لم ترتفع تكلفة الواردات الأمريكية بقوة ( في حال تم الاتفاق ) هذه معناه أن معدلات التضخم الأمريكية ستبقى ضمن التوقعات عند 2% بالتالي لن يستعجل الفيدرالي في رفع الفائدة وستبقى السياسة مرتبطة بالبيانات , بمعنى آخر متكيفة الى حد ما.
ثالثاً ,عود تحسن أسعار الذهب تدريجياً ولا أحد يبالغ بزخم الارتفاع . سيكون تراجع الدولار الأمريكي هو العامل الأساسي مجدداً بينما سيعزز ارتفاع اليوان وتحسن أداء مؤشر الأسهم الصينية من جاذبية المعدن الثمين , وكنا وضحنا سابقاً كيف الترابط بين مؤشر تراجع اليوان الصيني وبين مؤشر تراجع الذهب .