خلال الأيام القليلة الفائتة , عاشت الأسواق العالمية على إيقاع حدثين مهمين , الأول كان التراجع القاسي للمؤشرات الأمريكية والعالمية مع نهاية الأسبوع الفائت , والثاني كان ولاشك هذا التوتر الذي لم ينتهي بعد بقضية الصحفي السعودي المختفي الى الآن. كنا قد قلنا قبل يومين أن هكذا نوع من التوتر سيرفع من أسعار النفط وفعلاً افتتحت أسواق النفط يوم أمس على ارتفاع عاد ليصل خام غرب تكساس الى 72.50$ للبرميل الواحد . لا نعتقد بأن هذا التوتر سيستمر كما أن تأثير هذه القضية السياسية لن يدوم أكثر من عدة أيام حسب اعتقادنا . ما يجري حالياً بين إيطاليا والمفوضية الأوربية يبدو أكثر أهمية وخاصةً للمراهنين على اليورو. بعد نقاشات طويلة , توصلت الحكومة الإيطالية يوم أمس الى اتفاق بشأن ميزانية العام القادم 2019 , حيث سيصل العجز الى 2.4% بينما تطلب المفوضية ألأوربية ألا يتجاوز العجز 0.8% ! حقيقةً هناك فرق كبير بين الرقمين , ولكننا نعتقد أن المفوضية لن تحارب الحكومة الإيطالية لأن الفشل بالمفاوضات بين الطرفين سيكون سيئاً لليورو أولاً , ويعطي اشارةً سياسية سلبية ثانياً بشأن عدم قدرة المفوضية على التعامل مع حكومات قد لا تكون معتدلة بالتعريف الأوربي للحكومة. ما زلنا نعتقد أن العوامل الحالية تبقى مؤقتة لليورو , خاصةً أن التراجع الذي حدث لليورو في الأسابيع الأخيرة قد يكون فرصةً ممتازة للبناء من جديد , يتداول اليورو دولار حالياً عند 1.1570$ .
في الجانب الأخر من العالم ,أظهرت الأرقام الصينية ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين (التضخم) بنسبة 2.5% على أساس سنوي مرتفعة من 2.3% سابقاً , بينما استقرت عند 0.7% على أساس شهري متماشية مع التوقعات . تعتبر هذه الأرقام جيدة بالمطلق ,المشكلة أن الحكومة الصينية تفكر بمنطقين اقتصادي وسياسي .
الأول, سياسي ويتعلق بالحرب التجارية مع أمريكا وإبقاء اليوان ضعيفاً بدعم من بنك الشعب الصيني . والثاني سيكون من الصعب على بنك الشعب أن يبقي معدلات التضخم عند مستويات مقبولة اذا لم يرفع من قيمة اليوان خاصةً أنه اتخذ قرار قبل أسبوع بتخفيض مستويات الاحتياطيات المطلوبة من البنوك الصينية . هذا السيناريو سيجعل من ارتفاع اليوان قراراً سياسياً أكثر منه اقتصادياً, وعادةً ما كان المسؤولون الصينيون يتمتعون بالكثير من الصبر وشراء الوقت.