لطالما قلنا سابقاً وفي عدة مناسبات أن التصحيح المتوقع لن يحدث لمؤشر الدولار الأمريكي حالياً , أو على الأقل ليس قبل الربع الأول من العام القادم 2019 . يوم أمس , عاد الدولار الأمريكي للارتفاع مجدداً مقابل جميع العملات الرئيسية ليعود مجدداً الى مستويات 97.03 نقطة التي خسرها قبل يومين . لا يبدو أن أداء الدولار الأمريكي عبثياً بل على العكس بقي متماهياً مع الأرقام الاقتصادية الأمريكية ومع حالة عدم الاستقرار في بقية الاقتصاديات العالمية كبريطانيا ومنطقة اليورو .
لابد أن ندقق في الأرقام الاقتصادية , بمعنى قراءتها بشكل صحيح . أرقام الإسكان ارتفعت بنسبة 1.5% , اقل من التوقعات 1.6% ولكنها أفضل بكثير من السابق عند -5.5% . كذلك الأمر بالنسبة لأذونات البناء التي أتت أقل من السابق حيث وصلت الى 1.263 مليون ’ بينما سابقاً 1.27 مليون ولكنها أيضاً أفضل من التوقعات عند 1.260 مليون . هذه الأرقام حقيقةً تشير تماماً الى أن الاقتصاد الأمريكي بقي ممتازاً حتى مع تراجع بسيط خلال الشهر الماضي لقطاع الإسكان وهو كان مؤقتاً. هناك من يحاول أن يتكلم سياسياً اتجاه الأرقام ولكن هذه الأرقام حسب اعتقادنا تبقى جيدة جداً وتبقي الدولار بموقف قوي .
أشار البنك الفيدرالي لسان فرانسيسكو في تقريره قبل عدة أيام الى نقطة مهمة للغاية , حيث أوضح أن أمريكا قد وصلت تقريباً الى أعلى مستويات التوظيف وهذا يعني أن الضغوط قد تبدأ على الأجور مما قد يرفعها . هكذا سيناريو سيعزز من قوة الدولار الأمريكي حتى لو كان مؤقتاً ويساعد الفيدرالي في رفع الفائدة حتى ما بعد الشهر القادم ديسمبر / كانون الأول 2018 خاصةً اذا انعكست الأجور المرتفعة الى مستويات أعلى للتضخم وأداء أفضل للإنفاق الداخلي الأمريكي .
عاد اليورو مجدداً للتراجع يوم أمس , وصل الى مستويات 1.1360$ . قد نكون مقتنعين بأهمية شراء اليورو تدريجياً ولكن لابد أن نشير الى نقطة مهمة جداً وهي أن هذا اللغط السياسي في إيطاليا لن يكون في صالح اليورو حالياً ولكن حسب اعتقادنا أن قضية البريكزت تؤثر على اليورو سلباً أكثر في الوقت الحالي . كلما اتسع الفارق بين عوائد السندات الألمانية والإيطالية بحيث تتراجع الألمانية وترتفع الإيطالية عندها سيبقى اليورو تحت الضغط . ليس من مصلحة المفوضية الأوربية أن تبقي قضية الميزانية الإيطالية معقدة أو تقف ضد الحكومة الإيطالية بطريقة تشير الى السيطرة ولذلك نرى أن اليورو يبقى خياراً جيداً .