يوم صاخب بلا شك , ليس للأسواق العالمية ككل , بل فقط لرئيسة وزراء بريطانيا العظمى التي يمكن القول أنها كدولة تواجه التحدي الأكبر سياسياً واقتصادياً منذ الحرب العالمية الثانية . سيكون مجلس العموم البريطاني المكون من 650 عضو على موعد اليوم للتصويت على خطة رئيسة الوزراء تيريزا ماي للخروج من الاتحاد الأوربي بالاتفاقية التي تقترحها ماي .
كان ولا شك طريقاً شاقاً منذ حزيران 2016 عندما تم التصويت على الخروج من الاتحاد الأوربي بفارق بسيط جداً , لتتجه بريطانيا من بعده الى تخبط سياسي واقتصادي أطاح بالعملة البريطانية الجنيه الإسترليني الى أدنى مستوياته منذ ثمانينات القرن الماضي أي أكثر من ثلاثين عاماً. بعد شهرين من التصويت وصل الباوند / دولار أمريكي الى 1.2230$ قبل أن يتعافى الى مستويات 1.4220$ مع بداية العام الفائت 2018 , ثم يمنى بخسائر مجدداً جعلته حالياً عند مستويات 1.2910$ .
لا يبدو أن رئيسة الوزراء البريطانية تملك الكثير من الخيارات , هما خيارين لا ثالث لهما , اما الفوز والتصويت لصالح خطتها أو الخسارة والدخول في سيناريوهات جديدة قد لا تكون سهلةً. ويبدو السؤال الآن على الشكل التالي , ماهي تبعات كل من هذه الخيارات على أداء الجنيه الإسترليني ؟
أولاً , فوز تيريزا ماي بالتصويت لصالح خطتها سيكون ممتازاً للباوند , بغض النظر عن هامش الفوز ان كان واسعاً أو لا . هي بحاجة الى 318 صوت للفوز من أصل 650 , هكذا سيناريو سيدفع الباوند الى مستويات 1.3270$ ثم 1.35$ .
ثانياً , خسارة تيريزا ماي ( احتمال قوي جداً ) سيكون له تبعات سلبية على الباوند ولكن علينا أن نركز على نقطتين أساسيتين :
النقطة الأولى: ان كان هامش الخسارة بسيطاً عندها سيكون التأثير متواضعاً , وسيعود الباوند للارتفاع مجدداً . خسارة بسيطة بأقل من خمسين صوتاً لأن هذا يعني أن الدعم لتيريزا ماي قد يكون لصالحها لاحقاً.
النقطة الثانية: هامش الخسارة سيكون كبيراً ليصل الى مئة صوت مثلاً وعندها قد يكون بيع الباوند قوياً.
لا ننصح بشراء الباوند حالياً , على الأقل حتى ينتهي التصويت . كما أن الشراء من مستويات مرتفعة سيكون محفوفاً بالمخاطر لأن التصويت لصالح خطة تيريزا ماي سيرفع الباوند وعندها حتى لو ارتفع بسرعة سيكون هناك مجال للمزيد من الارتفاعات القادمة تدريجياً والوصول مجدداً الى مستويات 1.40$ . كنا قد قلنا قبل شهرين من الآن أن مستويات الباوند المتدنية تاريخياً تشكل فرصة جيدة للرهان على ارتفاعه آخذين بعين الاعتبار أن الأسواق قد استوعبت تبعات البريكزت السلبية كما أن الاقتصاد البريطاني أبدى حقيقةً مرونةً جيدة بالتعامل مع هذا الوضع خلال العامين الأخيرين.
