صحيح أن الاحتياطي الفدرالي أبقى معدلات الفائدة دون تغيير كما كان متوقعًا يوم أمس، الّا أن الاجتماع لم يخلو من المفاجآت. تبنى صناع السياسة لهجة أكثر حذراً، حيث أسقطوا الإشارة إلى أنه قد تكون هناك حاجة إلى مزيد من الزيادات التدريجية على معدلات الفائدة، وأعادوا عوضاً من ذلك التأكيد على أنهم سيكونون “صبورين” في الوقت الراهن. لم يكن المؤتمر الصحفي للرئيس باول مختلفًا. فقد كان هذا الأخير مترددًا في تحديد ما إذا كان البنك سيتوقف عن الرفع أم لا، مشيرًا إلى أنه لكي يضطر الى رفع الفائدة مجدداً، على التضخم الارتفاع بشكل كبير. وأكد المسؤولون أيضا أن تصفية الميزانية قد تنتهي قريباً. وهو ما يُعتبر بمثابة تلميح متشائم آخر.
تراجع الدولار أمام جميع العملات وانخفضت عائدات السندات الأمريكية. في الوقت نفسه، ساعدت الإشارات عن توقف رفع معدلات الفائدة للوقت الراهن، الأصول ذات المخاطر الأعلى على تحقيق مكاسب ملحوظة، حيث ارتفع مؤشرا ستاندرد آند بورز 500 (+1.55٪) وداو جونز (+1.77٪) بشكل حاد. كما سجل الذهب المقوم بالدولار أعلى مستوياته في عدة أشهر، مستفيداً من ضعف الدولار.
بالتركيز على الدولا، في حين أن تحوّل نبرة الاحتياطي الفيدرالي سلبي بشكل واضح للعملة، يجب التنبّه الى أن السوق لم يكن يسعّر أية زيادات مستقبلية في المعدلات بشكل كبير. وبالتالي، في حين أن العواطف على العملة الأمريكية يبدو أنها تتحوّل بشكل تدريجي، فمن غير المحتمل أن تفقد العملة الاحتياطية كل تألقها بين ليلة وضحاها وخاصةً مع بقاء فروق العوائد على العملات واسعة، وفي صالحها. وستحافظ على تألقها حتى تبدأ البنوك المركزية الأخرى مثل البنك المركزي الأوروبي تزداد “ثقةً”، الأمر الذي يبدو مستبعدًا خلال الأشهر القادمة على الأقل.