يبدو أن حيرة البنوك المركزية تعكس حقيقةً تناقض الأرقام الاقتصادية والبيانات المهمة التي تشير الى أداء هذا الاقتصاد أو ذاك . في اقتصاد منطقة اليورو , والذي يعتبر ثاني أكبر ناتج محلي في العالم ( اذا نظرنا اليه كاقتصاد واحد ) بعد أمريكا , بناتج محلي يصل الى 12.5$ تريليون , لا يبدو أن هذا الاقتصاد يسير في طريق ثابت نحو تحقيق نمو جيد ومترافق مع رفع الفائدة تدريجياً والتي ماتزال حالياً عند مستويات 0.0% دون أي كلام عن رفع الفائدة .
الرسوم البيانية التي أرفقناها توضح تماماً أن نمو الناتج المحلي في تراجع مستمر خلال أكثر من عام , وكذلك معدلات التضخم التي وصلت حالياً الى 1.4% مبتعدةً عن هدف المركزي الأوربي عند 2% . في نفس الوقت , هناك نمو مستمر في مستويات الأجور في منطقة اليورو وهي ارتفعت بقوة , بينما يشير الرسم البياني الى أن أسعار المستهلكين ككل ارتفع أيضاً خلال العام الفائت لكن هذه الارتفاع لم ينعكس في قوة العملة الأوربية المشتركة اليورو الذي يتداول حالياً عند مستويات 1.1330$ مقابل الدولار الأمريكي.
هذا الكلام يؤكد تماماً على المعضلة وحالة عدم الاستقرار التي يعيشها المركزي الأوربي أكثر من الفيدرالي الأمريكي وحتى بنك إنكلترا ولذلك نعتقد أن قوة اليورو خلال الأشهر القادمة ستكون بسبب تراجع الدولار الأمريكي أكثر من كونها قوةً لليورو . تعتبر مستويات اليورو حالياً ضعيفة , وبالتالي فان أي خبر جيد سيفيده , بينما الأخبار السيئة والأرقام الضعيفة ستضغط عليه ولكن ليس بالشكل المتوقع لأنه لا يوجد أصلاً أسعار فائدة مرتفعة يعتمد عليها البنك لتخفيضها لاحقاً , كما أن الأسواق استوعبت فكرةً مهمة وهي أن قرار رفع الفائدة الأوربية سيكو ن سياسيا أكثر من كونه سياسة نقدية متأثراً بلا شك بمسار الفيدرالي الأمريكي لاحقاً وتطورات الحرب التجارية التي تضعف هامش الأوربيين في المناورة بسعر الفائدة .
كان اتجاه مسار أسعار الفائدة الأوربية ضعيفاً حتى خلال السنوات الخمس الماضية, لأنه حتى عندما كانت الفائدة أعلى من المستوى الحالي فإنها كانت فقط عند مستويات 0.25% عندما كان اليورو / دولار أمريكي وقتها عند 1.35$ . النتيجة التي يمكن أن تكون منطقية أكثر هي :
أولاً , قوة تدريجية بسيطة لليورو لا ترفعه بعيداً .
ثانياً , خطاب ضعيف للمركزي الأوروبي لا يبالغ فيه بقراءته لقوة الاقتصاد كما أنه لا يحجب الثقة للاستثمار الطويل الأجل .
ثالثاً , مزيد من التعقيدات التجارية الأمريكية – الأوربية ستجعل اليورو أمام تحدي جديد لم تقرأه الأسواق بعد .
رابعاً , هناك شركات ممتازة في مؤشرات الأسهم الأوربية والتي نتوقع لها مزيداً من الارتفاع ولكن لآجل متوسط وطويل .