المقال مترجم من اللغة الإنجليزية بتاريخ 27/2/2019
دخلت العملات المشفرة في شتاء طويل مستمر حتى الآن، ورغم ذلك توجد منطقة واحدة دام فيها النمو، وهي: نشاط الدمج والاستحواذ في فضاء سلسلة الكتل (بلوكشين) والعملات الرقمية. وتقول التنبؤات إن هذا النشاط متوقع له أن ينمو بمقدار يزيد عن 300% على أساس سنوي، جاءت تلك التنبؤات في تقرير شركة تمويل العملات المشفرة العالمية، Circle، وعنوان التقرير "نظرة بحثية للخلف على العملات المشفرة،" يتناول ما حدث وما سيحدث للعملات المشفرة في 2018.
استحوذت منصات عملات المشفرة استحواذات استراتيجية على شركات ليس لها بالمجال، وهذا النشاط يسجل نموًا ضخمًا.
فهل تلك التحركات الاستراتيجية تهدف إلى تنويع أو زواج مصالح بين شركات العملات المشفرة لتتمكن من دخول سوق الاتجاه العام بالاستحواذ على شركاته؟
بدت بعض عمليات الدمج غريبة ومتنافرة مع بعضها، ويعود ذلك لنقص نقاط الالتقاء بين منصات العملات المشفرة، والشركات أو المؤسسات التي تدمجها إليها. يقول، جيهان تشو، الشريك في Kenetic، والشريك المؤسس في SocialAlphaFoundation، وهي منصة غير هادفة للربح:
"دمجت منصة Coinbase المشروع الناشئ المناهض لعمليات الاحتيال Neutrino، وانفقت شركة Kraken مبلغًا يقدر بـ 100 مليون دولار لشراء Crypto Facilities، ولدينا أيضًا OKCoin، التي انفقت 60 مليون دولار لشراء شركة مدرجة على بورصة هونغ كونغ. وتقع الشركات السابق ذكرها كافة تحت وطأة القوانين والقواعد التنظيمية، والضغوط التكنولوجية، ويحاولون بعمليات الشراء المسرفة تلك التوصل لحلول."
ويقول تشو:
"انغمست منصات العملات المشفرة في عمليات الاندماج العكسي. فالمنصات الرئيسية لديها نقد كافي، ويسعون للوصول إلى طرق تؤهل لهم تنويع أشكال رأس المال لديهم، والتقليل من حجم المخاطرة التي تكتنف تداولاتهم عليها."
يستمر تشو شارحًا لما يحدث فيقول إن شركات العملات المشفرة تسعى هي الأخرى لتوسيع إمكانية الوصول لرأس المال من خلال الأسواق العامة، فلدينا شركات الكبرى من أمثال: OKCoin، و Huobi، و ANX، تدمج معها شركات مدرجة على البورصات، وتقوم بذلك من 2018. ويقول تشو:
"برهنت طريقة الاندماج العكسي على نجاحها في صناعات أخرى، إلا أن شهية السوق العام للعملات المشفرة ما زالت غير مستقرة، ولم يتضح لها مسار على المدى القريب."
ويضيف أن هناك عمليات اندماج مثيرة للجدل مثل: دفع مشروع Tron مبلغ 120 مليون دولار للاستحواذ على منصة تشارك الملفات BitTorrent، وبدت تلك الخطوة عشوائية وغير مدروسة. وبمرور الوقت سنكتسب مزيدًا من المعرفة حول سلسلة الكتل واستخدامها رافعة لتطوير المنصات القائمة بالفعل، وتطوير تكنولوجيا الإنترنت التقليدية.
صناعة العملات المشفرة عند مفترق الطرق
ارتفع عدد عمليات الدمج والاستحواذ بين شركات العملات المشفرة، والمنظمات التقليدية، وربما يبرز هذا أن هناك توسعًا في فضاء سلسلة الكتل (بلوكشين). فيقول تشاندلر سونج، المدير التنفيذي لـ Ankr، وهي شركة حوسبة موزعة تزيد فاعلية المصادر غير ذات الأهمية في مراكز البيانات:
"جاءت تقارير العام الماضي توضح أن عدد العقود المبرمة مع المنصات والشركات ذات الصلة بالعملات المشفرة ارتفع أكثر من 200%، في حين تراجع سوق العملات المشفرة نفسه. فيبدو أن الصناعة عند مفترق طرق، ويظهر أن النظام البيئي لسلسلة الكتل يتفرع الآن، فعديد من المشروعات تستغل سوق الدببة المستمر للتركيز على التطويرات التقنية."
ويلقي سونج الضوء على آخر العقود المبرمة لـ Coinbase، والتي استحوذت على منصة التداول اللامركزية ERC20، كما استحوذت Paradex على Earn، والشركة المدعومة من (NYSE:غولدمان ساكس) Circle، استحوذت على منصة تداول العملات المشفرة Poloniex.
وتابع سونج:
"يتزايد اهتمام شركات التكنولوجيا التقليدية بتكنولوجيا البلوكشين، وهذا يعزز من أنشطة الدمج والاستحواذ، فعلى سبيل المثال، نرى: شركة فيس بوك (NASDAQ:FB) استحوذت على مشروع البلوكشين الناشئ تشانسبيس. كما يسعى عملاقة الصناعة التقليدية من أمثال أمازون، ومايكروسوفت نحو تطوير أنظمة عملهم وتقديم خدمات سلسلة الكتل للمستخدمين، وتحسين البنية التحتية للأنظمة السحابية، فهم يسيرون نحو تبني تلك التكنولوجيا. وعلى الجهة الأخرى تتطلع لدخول الاتجاه العام، فاستحوذت Trade على شركة السمسرة البريطانية Primus Capital، لتقدم خدمات تداول الفوركس المدعومة (ببتكوين)."
الدلالات السلبية للعملات المشفرة
ربما تحاول شركات العملات المشفرة شق طريقها نحو الاتجاه العام باستحواذها على تلك الشركات، ولكن هناك نية أخرى من فضاء العملات المشفرة، فالاستحواذ يجنبهم معارك مع الجهات التنظيمية. لسوء الحظ، انتشرت كثير من العناوين السلبية حول عمليات قرصنة العملات المشفرة، والمعاملات المثيرة للريبة التي لطخت سمعة القطاع بأكمله.
يقول رامون فيراز، المدير التنفيذي لـ 2gether، وهي منصة بنكية تدعمها KPMG، إن الدلالات السلبية لكلمة "عملة مشفرة" شاعت، وأدركت بعض الشركات الخطر المحدق. ويتابع:
"وبغرض تغيير المفهوم السلبي عن العملات المشفرة، تعمل الشركات على دخول الاتجاه العام للسوق، دخولًا عضويًا وغير عضويًا، عن طريق عمليات الاستحواذ والشراكات. بالنسبة لشركة عملات المشفرة من السهل عليها أن تحصل على القبول من الاتجاه العام إذا استحوذت على حصة من أحد شركات هذا الاتجاه، حتى إذا كانت ستدمج عكسيًا شركة مدرجة على البورصات، ستتمكن من الوصول لهدفها."
يقول المدير التنفيذي لـ Wachsman، دافيد فاكسمان، إن منصات العملات المشفرة الرئيسية هندست سلسلة من الاستحواذات، وهدفت بذلك لاختراق أسواق جغرافية جديدة لتسرع تبني المستخدمين الجدد. من المهم ملاحظة، منذ بداية صناعة سلسلة الكتل كانت هناك فترات محددة للتعزيز والتوالد، وتلك العمليات مرتبطة بسوقي الدببة والثيران.
يقول فاكسمان:
"تستحوذ منصات التداول اليوم على شركاء يعتقدون بقدرتهم على منح نوع من التفرد، والصفات التسويقية المميزة، لزيادة توليد العائد، وترفع من قيمة السلسلة، أو لتسرع من عمليات الترخيص، وتمنح الإذن بمزاولة نشاط التداول في سوق جديدة أو في فئة أصول جديدة."
بلغ نشاط الدمج والاستحواذ أوجه في 2018، بنسبة تقترب من 200%. ويضيف فاكسمان:
"تولت بعض الشركات الكبرى في الصناعة دفة القيادة، فاستحوذت Huobi على Bit Trade، واشترت Circle منصة Poloniex. ولا تظهر أي أدلة تباطؤ في 2019، ومن المحتمل أن يبدأ حوار بين العملات المشفرة والهيئات والمنظمات، وستدخل شركات عملاقة في حلقة الدمج والاستحواذ، بينما تعزل سلسلة الكتل نفسها عن سوق العملات المشفرة المتقلب."
ويقول ستيفان نيجو، أحد مؤسسي Persona، إن سوق سلسلة الكتل يحاول إنضاج نفسه. بدأت تلك المشروعات منذ عام أو عامين، ولتوها أوفت بما وعدت.
ويقول نيجو:
"يتحول شكل صناعة الفضاء المشفرة، وهناك حاجة ماسة إلى منتجات وخدمات أفضل وأكثر تطورًا. فتميل شركات البلوكشين نحو تعزيز مركزها، مثلما تفعل Kraken، أو دخول خط عمل جديد، نظرًا لضخامة ما بحوزتهم من أموال (حتى لو كانت أموال مشفرة). وإجمالًا، وأعتقد أن هذا التحول مفيد لنظام العملات المشفرة بأكمله. تعد منصات التداول وسيط، وهو أمر تجعل العملات المشفرة منه تافه لا معنى له، لأنها تحد من دور الوسطاء. وإذا ظلت تلك المنصات جامدة عن فعل أي شيء عدا جمع رسوم الإدراج، عندها يتوجب عليهم إعادة التفكير في استراتيجيتهم، ويجدر بهم اللجوء للإبداع والابتكار."
وبينما يستمر سوق الدببة، يبدو أن عمليات الدمج والاستحواذ مستمرة هي الأخرى.