المقال مترجم من اللغة الإنجليزية بتاريخ 12/3/2019
يرى محللو بنك (NYSE:مورجان ستانلي) ثبات أسعار نفط برنت عند 65 دولار للبرميل، وذلك على المدى الطويل، وفي الجانب الآخر يقول محللو المنافس، (NYSE:غولدمان ساكس)، أن سعر برنت يتحرك عاليًا نحو 75 دولار للبرميل.
وأيا ما كانت التوقعات المستقبلية للسعر، يبدو أن عمق تخفيضات الإنتاج غير المعهودة تلك لها تأثيرات إيجابية وسلبية على الرياض. فالآن تحصل السعودية على عائد أكبر من بيع البرميل الواحد، وفي الوقت نفسه تخاطر بخسارة حصتها السوقية في الولايات المتحدة وآسيا، لصالح المنافسين.
وعلى وجه التحديد، يأتي خطر كبير يهدد المملكة وخططها من: شركات النفط العملاقة مثل (NYSE:إكسون موبيل)، (NYSE:وشيفرون)، تلك التي تخطط لزيادة السعة الإنتاجية من النفط الصخري على مدار السنوات القادمة، وبتلك الخطط يمكن أن يمتلكوا، مستقبلًا، نفس قوة تأثير الأوبك، ويمكنهم أن يحلوا محل أعضاء المنظمة في تصدير النفط الخام للأسواق الآسيوية، وكذلك ربما تتركز في يدهم قوة تحديد الأسعار.
هل نحن بصدد أوبك جديد؟
ويعلق الشريك المؤسس لصندوق التحوط Again Capital، جون كيلدوف، قائلًا إن هذا يضع "مستقبل النفط السعودي أمام مشهد غير مألوف،" "وهي فرصة عظيمة للقوى الكبرى في السوق لتتوحد كلمتها، وتصبح أوبك جديدة."
وحصلنا على لمحة لما يحتمل حدوثه مستقبلًا عندما تخرج تلك الأوبك الجديدة للوجود، وجاءت تلك الرؤى عند إعلان إكسون وشيفرون عن خططهم القاضية بإضافة مليون برميل من النفط الخام للإنتاج اليومي من منطقة حوض بيرميان، أحد المناطق الرئيسية لإنتاج النفط الصخري الأمريكي. وتابع مسؤول إكسون التعليق ليقول إن هناك توقعات بارتفاع عوائد استثمارات حوض بيرميان ارتفاعا ثنائي الأرقام، حتى إذا استمرت أسعار النفط على الانخفاض الحالي. على سبيل المثال، إذا كان سعر النفط عند 35 دولار للبرميل، سيكون متوسط عائد الإنتاج النفطي من حوض برميان أكثر بنسبة 10%.
ببساطة، في ذروة انهيار الأسعار خلال العام الماضي، هبط خام غرب تكساس الوسيط إلى سعر 43 دولار، وفي الأوقات العسيرة تلك كانت إكسون موبيل مستمر في توليد الأموال من نفط برميان، في وقت كانت شركات النفط القومية لدول الأوبك تتضور جوعًا للنقد.
شركات النفط الكبرى تجد ضالتها في النفط الصخري
أكد تقرير من بلومبرج صحة مزاعم إكسون موبيل، فجاء في التقرير معلومات حول شركات النفط التي عانت خلال انهيار السوق عام 2014، وتلك الشركات تعلمت الدرس القاسي، وعرفت سبل النجاة عند انخفاض الأسعار لفترة زمنية طويلة. وتستطيع تلك الشركات الآن جني أرباح مماثلة في فترات ارتفاع الأسعار إلى 100 دولار، وفي فترات الانخفاض الكبير. وأقدمت تلك الشركات على تشارك تصميم كل المرافق، من الصمامات تحت الماء، إلى المضخات، والتصميمات المعتمدة تجعل تكلفة العمل والتشغيل أقل، وتجذب نحو الاستثمار في شركات النفط الصخري الأمريكي، بدلًا من السفر وراء المشروعات في العالم أجمع. وهبط إنفاق أكبر ثماني شركات للنفط والغاز إلى 118 مليار دولار، أي بانخفاض 45% عن ذروة ما قبل الأزمة، عندما كان إنفاق تلك الشركات يبلغ 215 مليار دولار في 2013.
وأشار تقرير بلومبرج إلى أن انخفاض النفقات لا يعني ضعفًا في التنمية أو العائد. فيشير دومينيك تشيرشيلا، من معهد إدارة الطاقة في نيويورك، إلى انخفاض عدد حفر التنقيب عن النفط بنسبة 48%، عن مستويات أكتوبر 2014، ورغم ذلك تستمر الولايات المتحدة في إنتاج نفط يزيد مقدار 36%. كما ذكرت إدارة معلومات الطاقة أن إنتاج النفط الخام يقف عند الرقم القياسي 12.2 مليون برميل يوميًا، ومن المتوقع أن يصل هذا الرقم إلى 13 مليون برميل يوميًا بنهاية عام 2020.
وبحلول 2025، ستقدر الولايات المتحدة على إنتاج 24 مليون برميل يوميًا، ليصبح الإنتاج النفطي لها أكبر من إنتاج السعودية وروسيا مجتمعتين، وذلك وفق توقعات. ويرجع ذلك جزئيًا للتطور الذي لحق بكفاءة الحفر، وتطور الكفاءة من عجائب الصناعة، ولكن لا أحد يركز عليه مقدار التركيز على أرقام الإنتاج قياسية الارتفاع.
وتغفل نقاشات الاتجاه العام أيضًا عن إمكانية ضم شركات النفط الكبرى لجهودها واستحواذها على الشركات الصغرى لتزداد حجمًا، خاصة وأن الحفارات المستقلة تشكل الأغلبية العظمى من الصناعة.
يقول كيلدوف:
"تدخل الشركات الكبرى لمنطقة برميان لتغير وجهها، والشركات المستقلة تتعرض لضغط من البنوك، التي تحاول أن تعصر منهم أموال أكثر مما يربحون، وإذا لم يكن هذا، ليخرجوا من السوق."
"كانت الشركات الصغرى والمستقلة أحد الأسباب التي جعلت صناعة النفط الصخري جذابة، فيجتمع الصغار لتغيير ديناميكيات اللعبة. ولكن إذا استحوذت الشركات الكبرى عليهم، ستتركز في يدها قوة التحكم في النفط الصخري، وبالتالي في الأسعار، ونهاية يقرروا أين سيتجه النفط."
السعودية وخطر خسارة حصة السوق الآسيوية
يزداد النفط المصدر للدول الآسيوية، وتؤمن السعودية الجزء الأكبر من الاحتياجات الآسيوية النفطية. ومن ناحية أخرى، تترأس الرياض تحالف الأوبك+، المكون من 25 دولة منتجة للنفط، ويعمل هذا التحالف على خفض إمدادات النفط العالمية، لرفع السعر نسبة 25% هذا العام، ومن المعروف أن تلك التخفيضات موجهة نحو السوق الأمريكية، لأنها تصدر أكثر البيانات دقة حول توازن العرض والطلب، وتؤثر تقاريرها على الأسعار العالمية للنفط الخام. وبينما تقلل السعودية الصادرات لأمريكا، تلتزم بتلبية طلب كل محطة تكرير آسيوية، تلك المحطات التي يمكنها العمل على النفط شديد الخفة الذي تنتجه الدول العربية، أو النفط الخفيف غير الكبريتي الآتي من الولايات المتحدة.
ويثير ذعر السعوديين ما جاء في تقرير إس آند بي جلوبال بلاتس في بداية شهر فبراير، إذ أتى التقرير على ذكر زيادة الصادرات الأمريكية الموجهة للسوق الآسيوية على مدار شهري مارس وأبريل، إذ تراجعت عدد الشحنات من السعودية ودول الأوبك، مما زاد القوة التنافسية للشحنات الأمريكية.
وتجاوزت الإمدادات الأمريكية الرقم القياسي 3.6 مليون برميل يوميًا. ولا تكترث أي دول بالصادرات النفطية الأمريكية للدول الآسيوية، وبينما يحدث ذلك، يزداد الطلب الأسيوي على النفط الأمريكي المتداول بتخفيضات سعرية مقارنة بالنفط الخفيف والمتوسط من منطقة الخليج العربي، وفق تقرير بلاتس.
ارتفاع الصادرات الأمريكية
وتحتاج صناعة النفط الصخري لمزيد من خطوط الأنابيب، حتى تتجاوز مرحلة عنق الزجاج، وإذا أراد العاملون في الصناعة استمرار الصادرات النفطية تنمو على نفس الوجه. فالفقر في خطوط الأنابيب يعيق نقل النفط خارج حوض برميان، ومن أحواض أخرى مثل باكين.
ولكن حتى تلك الأزمة بدأت تنفرج، فتزداد السعة الاستيعابية لخطوط أنابيب برميان، وتشير التوقعات لوصولها لثلاث أمثال، لتصبح عند 9 مليون برميل يوميًا، بنهاية 2021. باكين، تزيد سعتها بحلول نوفمبر، مقدار 1.4 مليون برميل يوميًا، وبنهاية العام القادم يمكن لهذا الرقم الوصول إلى 1.8 مليون برميل يوميًا
يلخص كيلدوف الوضع بقول:
"هناك فرصة سانحة للشركات الكبرى للتحكم في صناعة النفط الصخري، ولتحدد تسعير النفط الخفيف المُصدَر لآسيا. وإن لم يكن للعالم أجمع. ستكون تلك الشركات أوبك جديد باسم مختلف."