الكثير من القرّاء يعرف تماماً العلاقة الطردية بين الذهب ومؤشر الدولار الأمريكي ’ يرتفع الدولار الأمريكي ويتراجع الذهب . قد تكون حقيقةً هذه الصورة واضحة خلال العامين الأخيرين ولكن لطالما كان لكل قاعدة استثناء كما أن الأسواق العالمية عودتنا على أن هذا الترابط بين الأصول قد لا يبقى قاعدةً عامة .
يتداول مؤشر الدولار الأمريكي حالياً عند مستويات 96.35 وهو بذلك يحافظ على مستوياته منذ 2017 تقريباً, ببساطة لا بديل آخر للدولار الأمريكي لسببين .
أولاً , عوائد سندات الخزينة الأمريكية هي الأعلى بين الاقتصاديات المتقدمة ’ تشكل انعكاساً لأسعار الفائدة الأمريكية التي لوحدها ارتفعت في العامين الأخيرين الى 2.5% حالياً.
ثانياً , لا يوجد أي اقتصاد متقدم آخر يقدم أداءً مهماً ويشكل بديلاً حقيقياً للأصول الأمريكية أو بديلاً للعملة الأمريكية.
ولذلك فان الدولار الأمريكي حافظ على مكاسبه تقريباً دون تصحيح قاسي في العامين الأخيرين ليضغط على سعر الذهب خلال عام 2017 حتى النصف الثاني من العام الفائت 2018 قبل أن يعود للارتفاع مجدداً في الأشهر الثلاثة الأخيرة ليرتفع من مستويات 1184$ للأونصة ويصل مجدداً الى 1320$ للأونصة أي ما يقارب 11.5% مكاسب. في نفس الوقت كانت المكاسب القياسية للمؤشرات الأمريكية تشكل تحدياً للمعدن الثمين لنه لا أحد يرغب بالرهان على الأدوات الأكثر أماناً عندما تكون شهية المخاطر عالية, وبالتالي قوة الدولار الأمريكي هنا قد لا تكون العامل الوحيد .
هذا الكلام يقودنا للمقارنة بين عوائد سندات الخزينة الأمريكية وبين أداء مؤشر داو جونز . في الوقت الذي كانت فيه العوائد الأمريكية ترتفع كان مؤشر داو جونز يصل الى مستويات قياسية في تشرين الأول / أكتوبر 2018 فوق مستويات 26000 نقطة ’ كانت العوائد على سندات الخزينة الأمريكية لعشر سنوات عند 3.2% . عندما بدأت العوائد بالتراجع لتصل اليوم في آسيا الى 2.35% الأدنى في خمسة عشر شهراً يمكننا التوقع عندها أن مؤشرات الأسهم الأمريكية في طريقها للمزيد من الخسائر لأن الموضوع مرتبط أساساً بتوقعات سلبية للنمو الأمريكي خلال العامين القادمين كما أن تراجع العوائد لعشر سنوات يشير تماماً أن العوائد المرتفعة جعلت من أسعار السندات أرخص وبالتالي تشكل فرصة للرهان عليها قبل أن يرتفع سعرها مجدداً حيث نعتقد أن عمليات شراء السندات لم تنتهي بعد.