عندما يكون اتجاه الأسواق واضحاً للكثيرين , والعوامل التي تقف خلف الارتفاع أو الانخفاض مفهومةً للجميع هذا يعني أننا علينا البحث عن أسباب أخرى تفيدنا في تحديد الاتجاه العام لأي أداة استثمارية سواءً كانت عملةً أو المعادن الثمينة أو غيرها.
كنا قد قلنا سابقاً ومنذ أن كان الذهب عند مستويات 1220$ للأونصة أن شراؤه سيكون هدفاً ممتازاً وهذا الكلام كان يلزمه القليل من الصبر والبناء التدريجي للمراكز الشرائية , أي بمعنى آخر الانكشاف البسيط على معدلات المخاطر . يقف الآن الذهب عند مستويات 1290.31$ للأونصة وهو بذلك وصل الى المستويات التي كان عندها في أيار 2018 , أي أعلى مستوياته في أحد عشر شهراً علماً أن الذهب بعد شهر أيار المذكور تراجع دون توقف الى 1174$ للأونصة في آب 2018 قبل ان يبدأ رحلة الاتجاه الصاعد الى المستويات الحالية. والحق يقال أن هذه المستويات الحالية فنياً لا تشكل دعماً قوياً ولكن كما قلنا في بداية مقالنا لنركز على عوامل وأرقام واقعية , ماذا تقول الأرقام ؟
تقول الأرقام الصادرة عن مجلس الذهب العالمي أن موجودات الذهب في عقود اي تي اف ارتفعت بشكل بسيط 3 طن خلال الشهر الفائت ووصلت الى 2483 طن اي ما يعادل 183$ مليون من التدفقات النقدية الجديدة. هذا رقم جيد ولكنه ليس قوياً , وبالمقابل لا ننسى أن سعر الذهب تراجع بنسبة 2% خلال نفس الشهر وتراجعت الأصول التي تدار في الذهب بنسبة 1.6% خلال نفس الفترة, أي باختصار انها أرقام محيرة فعلاً. من جهة أخرى , وهذا تفصيل مهم , ان أحجام التداول في الذهب ارتفعت بنسبة 15% خلال آذار الفائت وتجاوزت النسبة عن العام الفائت 2018 ليصل الى 125$ مليار في اليوم الواحد حيث أن كل المناطق الجغرافية شهدت ارتفاعات هامشية . لنحدد مجموعة من النتائج التي قد نأخذها من هذه الأرقام :
أولاً, ان عمليات شراء الذهب مستمرة ولكن ببطئ , دون زخم قوي .
ثانياً, لايمكن فصل شراء الذهب بأي حال عما يجري حالياً من سياسات نقدية ’ فوضى تجارية وتدخلات بنوك مركزية.
ثالثاً, لن يرتفع مستوى التضخم حسبب اعتقادنا في أمريكا والاقتصاديات المتقدمة حتى لو بقيت عمليات التيسير النقدية والفائدة متدنية لسنوات وسنوات , معنى هذا أن التضخم يجب أن يكون في مكان آخر وليس أي مكان بل دول مهمة تشتري الذهب بقوة وتراهن عليه .
رابعاً, من غير المتوقع أن تغير أرقام الوظائف الأمريكية اليوم في هذا الاتجاه العام ,و لن يكون تراجع الذهب مستمراً ( ان حدث).
