ربما يكون مستغرباً لدى العديد من القرّاء والمتابعين أننا نكتب عن الذهب لعدة أيام متتالية. والحقيقة أن الكتابة أو التحليل المقدم عن الذهب لا يرتبط بمعايير محددة الا بما يجري ربما في الأسواق من تطورات سريعة , اضافةً الى أننا نفضل أن يكون جميع المضاربين والمستثمرين والمتابعين على اطلاع كامل من أجل اتخاذ قرار استثماري أفضل.
يعلم الجميع تقريباً أن الصين هي ثاني أكبر اقتصاد في العالم , ولكن ربما العديد لا يعلم أن الصين هي أكبر منتج للسلع في العالم كما أنها أكبر مستهلك لها كذلك , وهذا ينطبق تماماً على الذهب حيث تعتبر الصين الدولة الأولى في انتاجه واستهلاكه وليس الهند مثلاً. تشير الأرقام الواردة من الصين الى أن الصين لم تتوقف خلال الأشهر الثلاثة من العام الجاري عن إضافة الذهب الى مخزونها الاحتياطي حيث ارتفعت موجوداتها الى 60.62 مليون اونصة في آذار مرتفعة من 60.26 مليون أونصة في شباط مضيفة بذلك 11.2 طن الشهر الفائت و 9.95 طن في شباط وكذلك 11.8 طن في كانون الثاني من العام الجاري 2019 , التي كانت تسبقها 9.95 طن في كانون الأول 2018 كما ذكرت الأرقام الواردة من بلومبييرغ, وبالتالي تكون الحكومات على مستوى العالم قد أضافت 651.5 طن من السبائك الذهبية خلال العام الفائت 2018 وهو أعلى إضافة تاريخياً على الاطلاق حسب مجلس الذهب العالمي .
هذا التجميع التدريجي للذهب يوضح تماماً كيف أن تقلبات الذهب أحياناً تكون ضعيفة , والتي أساساً تنسجم مع استراتيجيتنا التي تقوم على بناء المراكز الشرائية تدريجيا دون انكشاف كبير للمخاطر حتى نترك مجالاً مهماً للشراء في حال التصحيح السعري القوي . لننظر الى هذه الأرقام من زاوية أخرى , حيث تشير الى عدة جوانب :
أولاً , على الرغم من تراجع معدل التضخم الصيني الا أن الشراء مستمر , هذا يعني أن التضخم قد لا يعني شراء الذهب في جميع الأحيان كنوع من التحوط .
ثانياً , باعتقادنا أن شراء الذهب من قبل الصين يعني التوقعات المتقدمة لمزيد من الضعف في الدولار الأمريكي .
ثالثاً , تريد الصين التحوط ولكن ليس من ارتفاع التضخم بل من قوة اليوان المفاجئة في حال حدوثها والتي قد تضغط على بعض الأرقام الصينية التجارية .
رابعاً , على الرغم من أن الصين تعتبر المالك الأكبر في العالم لسندات الخزينة الأمريكية وتملك ما يقارب 1.5$ تريليون , الا أنه من المستبعد أن تبيع هذه السندات لعوامل سياسية وعوامل تتعلق بالمزيد من التراجع في العوائد ,وهذا يعني أن قيمة السندات الأساسية ترتفع وهذا مجدي أكثر لحملة السندات , ترتفع العوائد وتصبح السندات أرخص والعكس هو الصحيح.