لطالما كان السويسريون انعكاساً للجبال التي يعيشون بظلها , ان كان من ناحية السياسة النقدية أو من ناحية السياسة الاقتصادية ( السياسات المتحفظة الدقيقة والهدوء البارد أحياناً في تعاملهم مع التحديات ) في بلد كان من أواخر البلدان التي دخلت الى الأمم المتحدة واتبعت سياسة محايدة جنبتها الكثير من ويلات الحروب منذ سنوات الحرب العالمية الثانية وقبلها بكثير. توماس جوردان , محافظ البنك المركزي السويسري لطالما كان نجماً في تصريحاته حيث قال قبل يومين أن البنك المركزي سيكون مستعداً للتدخل اذا ما بقي الفرنك السويسري مرتفعاً ويشكل عبئاً على الاقتصاد السويسري.
السؤال الآن , ماذا يمكن أن يفعله جوردان في بلد يملك معدلات فائدة في السالب ! أي أن المستثمر عليه أن يدفع للبنك حتى يبقي أمواله ليحافظ عليها في بلد اشتهر بأنه أكثر بلاد العالم سرية مصرفية وأكثرها استقراراً. الفائدة في البنك المركزي السويسري الآن عند -0.75% الأدنى على الاطلاق بين الاقتصاديات المتقدمة , حتى اليورو بقيت الفائدة عند 0.0% حالياً. تشير الأرقام التي بين يدينا الى أن الفرنك السويسري ارتفع بنسبة 4.6% مقابل اليورو خلال عام من الآن , وكذلك 4.7% مقابل الباوند , وبنسبة 3.8% تقريباً مقابل الدولار الأسترالي وهذا ربما ما يفسر كلا جوردان , ويبقى الاستثناء الوحيد هو الدولار الأمريكي الذي ارتفع بنسبة 4.3% مقابل الفرنك السويسري خلال عام , يتداول حالياً عند 1.0018$ .
لا نعتقد أن توماس جوردان قد يتجه الى مزيد من التخفيض حالياً الا بحالتين :
أولاً , أن يبدأ المركزي الأوربي وبنك إنكلترا بهكذا اجراء .
ثانياً, أن تدخل القارة الأوربية في ركود مستمر مع تراجع أداء الاقتصاد الأمريكي تدريجياً خلال الربع الأخير من العام الجاري.
اذا أخذنا بعين الاعتبار أسعار الفائدة حالياً , واستثنينا إمكانية حدوث ركود اقتصاد قوي في الستة أشهر القادمة , يمكن عندها البدء ببناء مراكز شراء لليورو والباوند مقابل الفرنك السويسري . اليورو / فرنك سويسري 1.1326 , والباوند / فرنك سويسري 1.3112 حالياً.
قد تكون حالة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في بريطانيا ومنطقة اليورو عاملاً مهماً في ارتفاع الفرنك السويسري, وبالتالي من المستبعد أن نرى تغيراً لأسعار الفائدة السويسرية حالياً ولكنه سيكون مزيجاً من التدخل لبنك سويسرا اضافةً للتحسن التدريجي في ملف البريكزت سيترك تأثيراً مهماً لليورو والباوند مقابل الفرنك السويسري.
