المقال مترجم من اللغة الإنجليزية بتاريخ 1/5/2019
يبدو أن السعوديين قرروا أن يردوا للرئيس ترامب الصفعة التي تلقوها منه نهاية العام الماضي، عندما هبطت أسعار النفط إلى 40 دولار للبرميل.
فأجهض وزير الطاقة السعودي، خالد الفالح، مساعي الرئيس ترامب للضغط على الأوبك، ونفى ما صرح به ترامب علانية من رفع السعودية للإنتاج عن طريق مكالمة هاتفية أجراها معهم. وخرج مصدر مجهول من الأوبك، يخبرنا أن الرياض تثبت أقدامها في قتالها مع البيت الأبيض بشأن صراع التحكم في سوق النفط.
لا رفع للإنتاج، ولكن ربما ينخفض الإنتاج أكثر
قال الفالح إن اجتماع يونيو، لدول الأوبك+، والتي من بينها روسيا، ربما ينتج عنه تمديد تخفيض الإنتاج حتى نهاية العام الجاري، وليس إنهاء العمل بالاتفاق.
وما يثير الاهتمام في تلك التعليقات أن وكالة الأنباء الروسية RIA هي التي أعلنت عنها، وتأتي تلك التعليقات بعد تذكير الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، للسعودية بأنه روسيا هي التي وقفت إلى جانبهم لجلب الاستقرار لسوق النفط، في حين كان ترامب هو سبب انهيار السوق. وما يحدث منطقي، فيحاول وزير الطاقة السعودي الوقوف على أرضية مشتركة مع نظيره الروسي، ألكسندر نوفاك، فيما يتعلق بتأمين الإمدادات النفطية، بحيث يظل السوق في فقر إلى الإمدادات، وبه مساحة تسمح للبيع.
تقول النظرية الشائعة إن السعودية يلزمها وصول النفط إلى 80 دولار للبرميل، حتى تتمكن من تمويل الميزانية العامة التي أقرتها. وقال صندوق النقد الدولي في وقت سابق من هذا الأسبوع إن المملكة تحتاج وصول السعر إلى 85 دولار للبرميل على الأقل. وكتبت إيلين آر والد، مؤرخ لتحركات سوق النفط، وأحد مساهمي فوربس، في مقالها الأسبوعي لـ Investing.com، تقول إنه هذا ليس صحيحًا. فكتبت في منشور لها على مجلة فوربس هذا الأسبوع: "من الناحية التاريخية، سعت السعودية إلى الحفاظ على أسعار النفط معقولة، بدلًا من أن تضع السعر المرتفع أولوية وحيدة لها، لأن السعر المرتفع يؤدي إلى الركود العالمي، الذي يخفض الطلب على النفط."
تخفيضات الإنتاج لعبة سياسية بالنسبة لروسيا
كما يحيرنا موقف الرئيس بوتين، إذ انتشرت أخبار حول تحذيرات من رئيس صندوق الثروة السيادية، كيريل ديمترييف، ورئيس عملاق النفط، روسنفت، إيجور سيشين، حول تخفيضات الإنتاج، والتكلفة التي تدفعها الدولة الروسية من خسارة لحصتها السوقية لصالح النفط الخام الأمريكي.
فيدفع هؤلاء الأوليغشارية نحو رفع الإنتاج، للحفاظ على منافسة صحية في سوق النفط. وقال نائب رئيس الوزراء الأول، أنطون سيلوانوف، في ديسمبر إن الميزانية الروسية تحتاج وصول سعر النفط إلى 42 دولار فقط.
وعلى هذا، إذا لم يكن الاقتصاد هو الإجابة على قرار الرئيس بوتين، فالسياسة إذن هي السبب في قراره، فأفعال ترامب تؤذي إيران، أحد أهم حلفاء روسيا.
العلاقات السعودية الإيرانية
بينما يبدو أن السعوديين يحظون بأسباب 3 قوية تحافظ على السعر، فروسيا إلى جانبهم، وترامب يحافظ على أسعار النفط فوق 70 دولار، دون إرادة منه، عن طريق ما يفرض من عقوبات على إيران أعتى أعداء السعودية. أمّا بالنسبة للمحلل المتابع لشؤون الأوبك، نرى أن العلاقات السعودية الإيرانية هي لغز، ففي الواجهة تبدوان دولتان تتعاونان مع بعضهما البعض لصالح النفط، بينما هما على استعداد لتطعن أحداهما الأخرى في أول فرصة سانحة.
وتتعكر الرؤية المستقبلية في سوق النفط بفعل نشاط الثلاثي: روسيا، والسعودية، والولايات المتحدة، هذا بالنسبة للمتداول.
فمنذ أسبوع مضى، بدا أن أسعار النفط لا يسعها سوى الارتفاع بفرض الولايات المتحدة حظرًا على النفط الإيراني، وما تفرضه على فنزويلا، ومعوقات الإنتاج في ليبيا وأنغولا، جميهم يأتون معًا، لزيادة الضغط للأعلى على السوق، الذي لم يرتفع سوى 32% خلال الربع الأول.
وأثناء تداولات يوم الثلاثاء، اندلع القتال في شوارع العاصمة الفنزويلية، كاراكاس، بين القوى التابعة للرئيس مادورو، وقوى خوان غوايدو، ورغم ذلك لم يرتفع السعر سوى 6% لشهر أبريل بأكمله. فلم يحصل النفط على مساعدة، برغم دعم بوتين لمادورو، ودعم ترامب لغوايدو.
ترامب وما يشكله من خطر على السوق
عاد ترامب إلى مهمة خفض أسعار البنزين قبل الانتخابات الرئاسية لعام 2020، ولا علم لدينا بما سيفعله تاليًّا. وحتى الآن، يحاول ترامب اكتشاف طرق ابتكارية فيما يتعلق بتدخله بأسعار النفط، ويظل بحوزته بطاقة قوية وخطيرة على السوق، بينما ترتفع مستودعات الولايات المتحدة من النفط الخام مجددًا.
انتشرت شائعات حول تفكير ترامب بمنح الصين إعفاءات من العقوبات حتى تتمكن من شراء النفط الإيراني، وذلك على عكس رغبة الصقور في إدارته وفي الكونجرس، وينظر ترامب لهذا الحل بعين الاعتبار خاصة في حال لم تخضع له الأوبك وترفع الإنتاج. ونظرًا إلى طريقة اتخاذه القرارات بطريقة غير مدروسة، من السهل تصديق أنه ربما يلجأ لمثل هذا الحل.
تستهلك الصين يوميًا 500,000 برميل نفط، من أصل ما تنتجه إيران، وهو 1.1 مليون برميل يوميًا، وتلك الأرقام ليست بالضخمة، ولكن شعور السوق سيتأثر بمثل هذا القرار، وسيهبط السوق للأسفل. وبالطبع، إذا حدث ذلك، سيقوم السعوديون والروس بزيادة عمق تخفيضات الإنتاج، ليتركوا المتداولين في حالة ارتباك بشأن اتجاه السوق، خاصة لو استمرت مستودعات النفط الخام الأمريكية في النمو