بعد أن وصلنا الى اليوم المحدد لتطبيق الزيادة في التعرفة الجمركية الامريكية على نحو نصف الواردات الصينية، بات جليا أن الامال التي بنيت سابقا بامكانية الوصول الى اتفاق امريكي صيني يحول دون تطبيق هذه التعرفة الجمركية قد لا ينطبق على الوضع الحالي والتعرفة الجمركية قد تم تطبيقها فعليا بزيادة التعرفة الجمركية الامريكية على 200 مليار دولار من الواردات الصينية لتصبح 25% بدلا من 10% مع بداية اليوم الجمعة.
ولكن، تبقى الانظار نحو لقاءات البيت الابيض بين الوفد الصيني ومسؤولون امريكيون وامكانية التوصل إلى اتفاق وسط تصريحات من الطرفين استخدم فيها اسلوب العقاب ولاانتقام.
فالولايات المتحدة ومن خلال تغريدات رئيسها ترامب هددت بعقاب أكبر بزيادة السلع التي سيتم فرض التعرفة الجمركية عليها لتصل الى 325 مليار دولار فيما أظهر المسؤولون الصينيون
استعدادهم لجولة من الاجراءات الانتقامية والتي قد تحمل الكثير من السناريوهات قد تكون بمبدأ التعامل بالمثل وفرض جمارك على بضائع امريكية او من خلال استخدام القوة المالية بخفض وتقليص المشتريات الصينية من السندات الحكومية الامريكية أو حتى العودة لحرب العملات من خلال تخفيض قيمة اليوان الصيني لتعديل أثر التعرفة على اسعار السلع الصينية.
في كافة الاحوال، فإن الاخفاق في التوصل لاتفاق باسرع وقت ممكن ودخول أثر التعرفة الجمركية على اقتصاد الدولتين وأثر اي انتقام قد تقوم به الصين والردود الامريكية بل العالمية على هذه الحالة من الحرب التجارية لن تكون في مصلحة اقتصاديات الدولتين بل لن تكون في مصلحة الاقتصاد العالمي ككل.
ومع استمرار هذه الحالة، وعلى الرغم من أن الاثر المباشر حتى اللحظة لم نلمسه على ارض الواقع حتى في ظل دخول التعرفة الجمركية الجديدة حيز التنفيذ، حيث أن التعرفة الجمركية لن تطال البضائع التي تم شحنها قبل اليوم والتي قد تحتاج من اسبوعين الى ثلاث اسابيع حتى تصل الى وجهتها في الموانئ الامريكية، إلا ان المخاوف من امكانية تصاعد حدة التوتر ما لم يتم التوصل لاتفاق باسرع وقت ممكن قد يؤدي الى بدء الاسواق بتحرك اسرع وأن نبدأ بالتحول من حالة القلق وعدم اليقين إلى حالة من الذعر وهو ما قد يصاحبه تحركات قوية في الاسواق المالية قد يكون الخاسر الاكبر بها هو أسواق الأسهم والرابح الاكبر هو الملاذات الآمنة.
في الفترة الحالية، يمكن أن نرى أن الملاذات الامنة المتمثلة في عملات الأمان مثل الين الياباني والفرنك السويسري قد استفادت من تزايد حدة التوتر وحالة عدم اليقين حول امكانية التوصل لاتفاق صيني امريكي. في الوقت نفسه نرى أن ارتفاعات الذهب الذي يعتبر الملاذ الآمن التقليدي بقيت محدودة ولكن لا يمكن تجاهل بعض المكاسب البسيطة على المدى الطويل.
كل هذا ونحن لا نزال في حالة عدم اليقين دون التحول الى مرحلة الذعر والنظرة الفنية للدولار ين تظهر أن الزوج يتجه نحو المزيد من الضعف للدولار والقوة للين الياباني بعد هبوطه دون مستوى الدعم المهم عند 109.720 ووصوله إلى أدنى مستوياته منذ فبراير هذا العام.
فيما يظهر الدولار فرنك سويسري ايضا بعض الضعف للدولار والقوة للفرنك مع اقترابه من مستويات دعم ذات اهمية كبيرة عند 1.0126 التي اختبرها مرتين خلال الاسبوعين الماضيين وكسرها يعني المزيد من القوة للفرنك السويسري مقابل الدولار.
من خلال هذه النظرة الفنية لأشهر عملات الامان نرى أن الاسواق في حالة ترقب وأن تأكد المخاوف بعدم امكانية الوصول لاتفاق ستكون بداية انطلاقة حالة الذعر وتحول المستثمرين نحو عملات الامان بشكل أكبر قد نشهد خلالها هبوط ماراثوني للدولار مقابل هذه العملات.
وسيبقى الاهم للترقب اليوم هو أي أخبار قد تخرج عن المفاوضات الجارية بين الوفد الصيني والمسؤولين الامريكيين والتي قد تمنح الاسواق القدرة على تحديد الاتجاه.
والاهم هنا أن على المتداولين الاخذ بعين الاعتبار عطلة نهاية الاسبوع التي يمكن أن نشهد فيها أي مفاجآت في ظل الوضع الحالي وهو ما قد يكون سببا في فجوات سعرية مع بداية الاسبوع المقبل وهو ما يجب اتخاذ اجراءات تحوطية حتى لا يكون سببا في تعرض المتداولين لمخاطر قد تكون كبيرة.