المقال مترجم من اللغة الإنجليزية بتاريخ 10/5/2019
كما الحال في قصة زمار هاملين*، حاول الرئيس ترامب تخليص سوق النفط من الإمدادات المفرطة بفرضه عقوبات على منتجين من أمثال إيران وفنزويلا.
وعندما طلب من الأوبك رفع الإنتاج رفضت ذلك، فأشعل قتالًا مع الصين، وجاء هذا القتال في الوقت المناسب، إذ هبطت أسعار النفط، وضربها التقلب.
ويخشى ثيران النفط، والمنتجون من تصرفات الرئيس ترامب، التي تزعزع السوق، وتضرب أسعار السلعة المرتفعة.
لم يمر أسبوع دون أن يندفع الثيران ومعهم الأوبك للترقب ومتابعة حساب ترامب على تويتر ومعرفة ما سيقوله، أو ما سيفعله لتمزيق رالي النفط.
ما مدى الهبوط الذي يحتاجه ترامب؟
لا يخفى على أحد حاجة ترامب لأسعار نفط خام منخفضة، أو الأكثر أهمية من ذلك، يلزمه أسعار بنزين منخفضة، على مدار الشهور الـ 18 القادمة، إذ يحين موعد محاولته الحصول على إعادة الانتخاب مرة ثانية في نوفمبر 2020.
والسؤال بالطبع، ما مدى الهبوط المُرضِي لترامب؟
لو استدللنا على تلك الإجابة من التغريدات التي أرسلها الرئيس ترامب احتفالًا بالهبوط، وكانت تتضمن دعوات لمزيد من الهبوط، يمكننا أن نقول إنه لا حد للانخفاض الذي يرضي ترامب.
وبالطبع تأخذ منظمة الأوبك، بقيادة السعودية، موقفًا مخالفًا لترامب حول مكان تواجد السوق.
ولكن، التغريدات حول النفط هي مركز مناقشة محتدمة. فكتب محلل الطاقة، أنس الحاج، في مدونة شهر مارس: "مفاجأة: تغريدات ترامب حول النفط غير مهمة، وتوصل إلى هذا الاستنتاج من مراجعته لعشر تغريدات، والتأثيرات القبلية والبعدية لها."
"وبغض النظر عن هذا" يقول الحاج، "يوجد حقيقة واحدة: يستغل الرئيس الأمريكي سلطته للتلاعب بأسعار النفط."
وتتفاعل الأسواق مع تغريدات ترامب، لأن صناديق تحوط الطاقة شديدة الحساسية إزاء الزخم، ومثلها وكالات الأنباء، والمتداولين في وول ستريت، فتدفعهم تلك التغريدات إلى البيع.
ويقول محلل الطاقة، فيل فلين، من Price Futures Group،في شيكاغو:
"لا يمكن التغلب على تأثير التغريدات الرئاسية. فلا تأثير لصواريخ كوريا الشمالية أو الاضطرابات في إسرائيل. الأمر كله متركز على التغريدات. فهذا فن التفاوض (كتاب لترامب)، أو ربما نقول فن التغريد. فبمجرد أن يغرد ترامب حول ارتفاع الأسعار، تهبط مجددًا."
التغريدات تشتت الانتباه بعيدًا عن الأساسيات الحقيقية
وبالنسبة لثيران من أمثال فلين، ما يصيب السوق من انزلاقات على خلفية التغريدات، يخالف الوضع الحقيقي في السوق، فيشهد السوق توترات جيوسياسية، وإعاقات في الإمدادات، وهذا يدفع السعر إلى الارتفاع.
وبالنسبة له، حالة الارتباك في سوق النفط التي جاءت بسبب تهديدات ترامب للصين هي "أسبوع غريب في السوق، ويبدو أن حالة الغرابة تلك تزداد يومًا بعد يوم."
ويتحسر ترامب على تشتيت انتباه سوق النفط بعيدًا عن أمور هامة مثل: تراجع المستودعات الأمريكية من النفط الخام 4 مليون برميل، والصواريخ التي أطلقتها كوريا الشمالية، واستمرار الاقتتال في ليبيا، وتهديدات إيران بغلق اثنين من أهم الممرات المائية في العالم، مضيق هرمز، ومضيق باب المندب.
ويضيف فلين:
"منحت إيران كامل صبرها لأوروبا، لتبتعد عن الولايات المتحدة أو ستنقض تعهدها السابق والتزامها بالاتفاق القديم، وتعود لتخصيب اليورانيوم مرة أخرى."
"وحث الاتحاد الأوروبي خلال الليل إيران على احترام الاتفاق النووي، قائلًا إن الاتحاد يتطلع إلى استمرار التجارية بينه وبين إيران رغم العقوبات الأمريكية."
لا يتوفر لدينا دليل مادي على تغريدات ترامب التي أطلقها هذا الأسبوع حول الصين، فهل كانت معنية بالفعل بزعزعة استقرار سوق النفط؟ ولكن حقيقة عدم إعرابه عن أي ندم على ما أحدث من تأثير، تؤكد تحيزه.
مزيد من المعارك بين ترامب والأوبك
للأمانة، قال ترامب يوم الخميس إن الرئيس الصيني، تشي جين بينغ، كتب له "رسالة جميلة،" جعلته يتوقف عن فرض تعريفات أقوى على الصين، وكان لهذا الزعم تأثير مهدئ على سوقي النفط والأسهم، فاستعاد النفط تقريبًا الـ 2% التي خسرها في وقت سابق عندما قال ترامب إن الصين "خرقت الاتفاق" في المحادثات و"ستدفع الثمن."
وسنشهد خلال الشهور القادمة معركة سعرية بين ترامب، والسعودية، ورفعت الأخيرة سعر البيع الرسمي للنفط العربي الثقيل الذي تبيعه للعملاء الآسيويين، في محاولة لإبقاء عقود السوق على قدم المساواة مع العقود الآجلة في التحركات.
وينزعج ترامب لعدم رفع السعودية الإنتاج بعد اتخاذه قرار يقتضي وقف العمل بالاستثناءات التي منحها لعدد من الدول لاستيراد النفط الإيراني دون التعرض للعقوبات.
وتستمر مساعي ترامب الرامية للهبوط بأسعار البنزين في تشكيل تهديد للثيران وللأوبك.
*زمار هاملين: هي قصة تحكي عن قرية انتشرت فيها الفئران، فاستدعوا شخص يمتلك مزمار سحري، بمجرد عزفه خرج الفئران وتبعوه لنهر حيث ماتوا، ورفض عمدة القرية منح الشخص مكافأة نظير ما فعله. فعاد الزمار للانتقام، وعزف نغمته السحرية وقاد أطفال القرية جميعًا لخارجها، ولم يرهم أحد بعد ذلك. وتنطبق القصة على عقوبات ترامب لإيران، ورفض السعودية رفع الإنتاج.