ربما تكون الأسواق العالمية قد عاشت خلال الأيام القليلة الفائتة على إيقاع الحرب التجارية المتجددة بين الصينين والأمريكيين حيث أعاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 25% أعلى من النسبة الحالية عند 10% على ما قيمته 200$ مليار من البضائع والصادرات الصينية الى أمريكا .
هذا ليس بجديد على هذا الرئيس الأمريكي الجدلي الذي ما توقف لحظةً عن تقديم اثبات للآخرين أن العولمة الأمريكية التي حكمت العالم بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في طريقها للتغيير , هذا التغيير قد يكون أبدياً وسوف يرسم معالم السياسة الأمريكية ورؤيتها للعالم خلال العقود القادمة . المهم أنه رغم كل هذا الضجيج لم تستمر مؤشرات الأسهم بالتراجع بل عادت للارتفاع يوم أمس , بينما فشل الذهب في الاستمرار في تحقيق الارتفاع بعد أن وصل قبل يومين الى 1303.24$ للأونصة , أعلى مستوياته في شهر كامل . كنا قد قلنا بأن شراء الذهب سيكون مجدياً من عند مستويات 1267$ التي وصلها قبل شهر تقريباً ’ طالما أن مستويات الدعم المهمة القريبة من 1265$ لم يتم كسرها وهذا ما حدث فعلاً.
ليس هناك من سيناريو جديد حالياً , بمعنى الوصول الى مستويات 1300$ مرةً أخرى يشكل برأينا إشارة إيجابية على بقاء الزخم للارتفاع , ولكن هذا الزخم يشوبه البطىء حالياً , لثلاثة أسباب حسب اعتقادنا .
أولاً , بقاء اليوان الصيني ضعيفاً عند أدنى مستوياته هذا العام , قريباً من 6.89 لكل دولار أمريكي , وهو بذلك يكون قد خسر ما يعادل 8.6% من قيمته في عام الى الآن مقابل الدولار الأمريكي . لن نبحث بأسباب التراجع ولكن هذا التراجع لن يكون نهائياً طالما أن أمريكا تضغط على الصين ولن تتراجع الصين عن جعل عملتها أداة سياسية في مفاوضاتها الشاقة مع الأمريكيين. وكنا قد قلنا سابقاً أن اليوان القوي كان متماهياً مع الذهب القوي والعكس هو الصحيح . لا ننسى أن اليوان الضعيف يفيد الصادرات الصينية , يرفع التضخم على البضائع الأجنبية و سيرفع التضخم الصيني داخلياً , هذا سبب إضافي لشراء الذهب للمستثمرين في المدى المتوسط .
ثانياً , لم تقنع هذه التوترات التجارية المضاربين باستمراريتها , بمعنى سيجلس الطرفان على طاولة المفاوضات للنقاش مجدداً. في أوقات الأزمات , قد لا يكون شراء الذهب هو الهدف المطلوب . لنتذكر جميعاً ان الذهب لم يرتفع بعد الأزمة المالية العالمية الا بعد أن بدا الفيدرالي الأمريكي بعمليات التيسير النقدية التاريخية ’ بمعنى بتأثير من الدولار الأمريكي الضعيف والفائدة المتدنية في البنك الفيدرالي وليس بتأثير عدم الاستقرار.
ثالثاً , بقاء عوائد السندات الأمريكية مستقرة قريبة من 2.42% لسندات العشر سنوات , هذا كان كافياً لإبقاء مؤشر الدولار الأمريكي قوياً عند 97.50 نقطة .
لذلك نعتقد أن الشراء سيكون له عوامل أكثر شمولية من مجرد الرهان على الأزمة بين الصين وأمريكا. بقاء الذهب عند المستويات الحالية قريباً من 1293$ للأونصة يشكل مستويات محيرة لأنها للحقيقة ليس مقاومة مهمة . ولكن كما قلنا سابقاً , لنراقب مؤشرات الأسهم الأمريكية عند افتتاحها اليوم بعد مبيعات التجزئة الأمريكية التي ان فشلت في تحقيق ارتفاعات مهمة عندها سيعود الذهب مجدداً الى 1300$ .