المقال مترجم من اللغة الإنجليزية بتاريخ 5/6/2019
بالرجوع إلى السجل التاريخي القريب المدى، نرى أنه كلما اجتمع صانعو سياسة البنك المركزي الأوروبي، يهبط اليورو. ولكن، يبدو أن الصورة تلك بدأت في التحسن اليوم، فحظوظ العملة الموحدة، وقدرتها على كسر تلك السلسلة أفضل. يعود السبب في ذلك إلى أن الرئيس ماريو دراغي، وباقي أعضاء المجلس الحاكم يحاولون بكل جهدهم محاربة السيناريو المتشائم الذي انعكس تأثيره على التداولات الأجنبية، وأسواق الدين، وفق ما يذكره محللون.
وصلت عوائد سندات أجل 10 سنوات الألمانية، ملاذ منطقة اليورو الآمن، إلى رقم قياسي الانخفاض يوم الثلاثاء، عند -0.22%، وسجل النظراء في البرتغال، واليونان أرقام مشابهة. وهبطت أداة البنك المركزي المفضلة لقياس توقعات التضخم لتصبح في نطاق 3 نقاط أساسية، لتصل إلى الرقم القياسي للانخفاض بنسبة 1.25%، يوم الثلاثاء؛ يُسمى هذا المقياس مبادلة التضخم من خمس سنوات لخمس سنوات (5Y5Y inflation swap).
التحركات الأسبوعية لليورو/دولار بين أعوام 2014-2019
واقترب اليورو نفسه من انخفاض عامين أمام الدولارالأمريكي خلال الأسبوعين الماضيين. وأوضحت آخر الاستقصاءات المجراة في قطاع الأعمال، خاصة الألماني -أكبر اقتصاد في المنطقة، أن النمو الأفضل من المتوقع للربع الأول ربما هو مجرد حدث عارض.
لا نتوقع أن يغير البنك المركزي الأوروبي المعدلات الرسمية خلال هذا الاجتماع، والذي ينعقد في العاصمة الليتوانية، فيلنيوس. ولكن تحت الضغط، ربما يلجأ لاتخاذ إجراءات تخفف من تأثيرات تصاعد حدة الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، تلك الحرب الموصوفة بأنها أكبر مخاطرة على اقتصاد الإقليم.
وأسهل الخيارات أمام صانعي السياسية: تسهيل السياسة المالية، للدفع أمام تلك التطورات، واستمرارها لما بعد نهاية العام الجاري، وبذلك يتمكن البنك من تأجيل تاريخ رفع معدل الفائدة لهذه الدورة الاقتصادية (حتى مارس 2020 على الأقل، وفق ما رئيس المحللين جان فون غريش، من Nordea). والثاني: إعلان مسبق لشروط "عمليات إعادة التمويل طويلة المدى المستهدِفة،" المعروفة اختصارًا بـ TLTROs، والتي تبدأ في سبتمبر.
وفي الدورة الأخيرة من عمليات إعادة التمويل، حفّز المركزي الأوروبي البنوك على الاستدانة فيما يعرف ببرنامج (real economy) المرتبط بالاقتصاد الكلي، وربط معدلاته بكمية القروض التي أخذتها البنوك. وإذا انتهج البنك ميكانيكية مشابهة، يمكن عندها أن يهبط المعدل إلى سعر الفائدة المقرر من جانب البنك المركزي الأوروبي بـ -0.4%، وفق رئيس محللي المالي، نيك كوينس، من ABN Amro. ويتفق محللو بنك مورغان ستانلي في مذكرة بحثية، أن هذا ربما يكون "تسهيل ائتماني."
بيد أنه، لا يتضح أن البنك سيكون بمثل هذا الكرم المتوقع، في مدى زمني قريب. فتقترح مواقف أعضاء المجلس الحاكم أنه ليس هناك اتفاقًا حول اللجوء إلى TLTROs، بغرض تسهيل السياسة، ويقترح البعض وجود نقطة توقف للبنوك التي تواجه صعوبات في سداد الديون، وتكون تلك النقطة عبارة عن حد أدنى من مستويات السيولة. كما لم يخلص البنك إلى حساب التأثيرات الضارة التي ستلحق بالقطاع المالي جراء معدلات البنك المركزي الأوروبي السلبية (على الرغم من إشارة محلل إي إن خي، كارستين برزيسك، أن البنوك تمكنت من مسايرة تلك الآليات في الماضي، وهذا ما قد يزيل عقبة أمام الإمعان في التسهيل، أتت البيانات وفق استقصاء الإقراض الذي قام به البنك).
وربما يخلق البنك سياقًا للتسهيل المالي بمراجعة النمو الاقتصادي إلى الهبوط، وتنبؤات التضخم للأسفل على مدار العامين القادمين. بيد أنهم بالفعل قاموا بتخفيض توقعات النمو لعام 2019، من 1.7% إلى 1.1%، في مارس، وإذا ما قام بحركة مماثلة مرة أخرى، سيكون الأمر غاية الإثارة للجدل، لأن العلة هذه المرة ستكون النزاع التجاري بين الصين والولايات المتحدة. وليس من المرجح أن يأتي رئيس اقتصاديين البنك المركزي الأوروبي الجديد، الأيرلندي فيليب لاين، بمثل تلك الحركة.
على أي حال، ستكون هناك معارضة لأي محاولة تسهيل مالي. فقال رئيس البنك المركزي الألماني، ينس فايدمان، منذ أقل من أسبوعين، إنه لا يرى سببًا لتغيير السياسة المالية. إذ جاء الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو خلال الربع الأول فوق التوقعات بنسبة 0.4%.
ويقول محلل العملة، جاين فولي، من Rabobank، "إن البنك المركزي الأوروبي ربما لن يكون على نفس حمائمية توقعات السوق."
"ربما يرفع هذا اليورو في المدى القريب، ولكن لذلك تأثيرات سلبية على النمو، وربما يكون لذلك دورًا في زيادة غموض موقف اليورو على المدى المتوسط، ويحد من أي ارتفاع لزوج اليورو/دولار، في 2020، وما بعدها."