المقال مترجم من اللغة الإنجليزية بتاريخ 18/6/2019
ربما وجب الإنصات للدكتور للنحاس منذ البداية، إذا فعلنا، لكانت الحرب التجارية أقل ألمًا.
يستطيع النحاس فحص الحالة الاقتصادية للعالم، وحذرنا مرارًا ولأكثر من عام حول فقر صحة الاقتصاد العالمي.
يستطيع النحاس جس نبض النمو العالمي، وقبل إطلاق ترامب أولى رصاصات حرب التعريفات على الصين، أظهر النحاس المخاطر التي تكتنف الوضع العالمي من خلال الأسعار المتراجعة له، ليدلل على القدرة التدميرية لحرب ترامب على الصين، تلك التي عرفنا حجمها مؤخرًا.
الأسعار تهبط من انخفاض 8 أشهر إلى انخفاض عامين
في مايو 2018 كانت الحرب سيئة السمعة في بدايتها، وفي تلك الأثناء هبطت عقود النحاس لـ 3 أشهر على بورصة لندن (LON:LSE) للمعادن إلى انخفاض 8 أشهر، عند سعر 6,998.50 دولار للطن.
ووصلت أسعار العقود العالمية المعيارية للنحاس إلى انخفاض عامين، في غضون 12 شهر من الوصول لانخفاض 8 شهور، لتقف عند سعر 5,742.50 دولار للطن في الأسبوع الأول من شهر يونيو.
بيد أن النحاس لم يدخل في سقوط حر تام. فكان له ارتدادين لشهرين، الأول بنسبة 3%، والثاني بنسبة 5%، مما أنقذه من محو أرباحه المسجلة العام الماضي، بنسبة 18%.
ومثله مثل النفط(السلعة المؤشر الثانية)، فحازت عقود برنت المعيارية أرباح بنسبة 13% للعام، كان للنحاس أيضًا ربح بنسبة 0.7%. ويحدث الهبوط الآن على الرغم من بقاء التوسع الاقتصادي الأمريكي قرب الرقم القياسي لعقد كامل، ومحافظة الصين على وضع النمو رغم كل السلبيات المنبعثة من حرب التجارة.
وبينما النفط هو السلعة التي تحرك العالم بفضل الطاقة التي تزوده بها، يُعرف النحاس هو الآخر بالمعدن الأحمر، ويدخل تقريبًا في كل الصناعات من: مولدات الطاقة الكهربية، والاتصالات، وأعمال البناء والتشييد.
وبالنسبة للنفط، تحاول الأوبك السيطرة على الإمداد بتخفيض الإنتاج، إلا أن الإمدادات تراكمت مؤخرًا بفضل الإنتاج الأمريكي.
النحاس يقف على الضفة المقابلة من النفط، فيواجه تقلصًا في الإمداد، فأحد أكبر مناجم النحاس، Chuquicamata،ينتج نصف سعته الآن، يعود ذلك إلى إضرابات الاتحادات العمالية، التي تبدأ يومها الرابع، كما قال مسؤولو منجم تشيلي، Codelco،إن المنجم لن ينتج سوى 50% من سعته الإنتاجية للنحاس.
وبينما يحاول الاقتصاديون معرفة سبب تراجع أداء النحاس على مدار العام الماضي، يتضح أن السوق تجاهل رسالة المعدن التي تحاول توصيلها حول: أن الأمور ليست مشرقة كما يبدو.
تراجع مؤشر صناعة إمباير ستايت يوم الاثنين ليسقط في منطقة سلبية، بعد تسجيل أكبر تراجع على الإطلاق، كما يتباطأ الناتج الصناعي الصيني لأدنى المستويات ف 17 عام، مما يدعم فكرة تباطؤ الاقتصاد العالمي. فالصين، هي أكبر مشتري للنحاس، وغيره من المعادن الصناعية.
التراجع لم ينته
يقول راسم الشارت، مايك سييري، الذي يتابع مسار النحاس على مدار العام الماضي من شركة الاستشارية للسلع في إيلنوي، إن عملة البيع لم تنته بعد، على الرغم من ترجع الإمداد من منجم Chuquicamata.
يقول سييري، مستخدمًا عقود النحاس الأمريكي لشهر يوليو على بورصة نيويورك كمرجع له:
"تظل أسعار تداول النحاس أسفل المتوسط المتحرك لـ 20، و100 يوم، وبالتالي الاتجاه يبقى سلبيًا."
"أزكي المراكز الدبيّة على مدار الشهر الماضي ونحوه، من حول مستوى 2.8420 دولار. إذا دخلت صفقة، يظل وقف الخسارة عند 2.7020 دولار، ولن يتغير هذا على مدار ست جلسات تداول."
حرب التجارة السبب
يقول (NYSE:بنك أوف أمريكا) إن أساسيات النحاس ظلت بناءة، مع استقرار الطلب من الصين، وتراجع رسوم المعالجة والتكرير، ولكن أسعار عقود النحاس الآجلة أو أسعاره في السوق لم تعكس أي من تلك الأساسيات.
ويشرح البنك في آخر مذكراته الصادرة يوم الجمعة:
"في وجهة نظرنا، السبب الرئيسي فيما يحدث هي: حرب التجارة، ويصاحبها التأثير السلبي المستمر لمحاولة إعادة توازن اقتصاد الصين فيما يتعلق بالنمو."
"كما توجد عناصر استراتيجية للنزاع التجاري. وربما يعجز الطرفان عن معالجة شاملة لتلك العناصر من خلال اتفاق تجاري واحد، مما يعني أن بعض الانقسامات مستمرة بين الولايات المتحدة والصين حول تلك القضية في المدى المتوسط. وبقولنا هذا، ربما يشهد الموقف تراجعًا في التصعيد، ولكن لحين تحقق ذلك، ليس من المتوقع مرور النحاس بأي رالي مستدام."
فهل يستمعون للدكتور نحاس هذه المرة؟
(يطلق على النحاس لقب (Dr/Copper) لقدرته على التنبؤ بحالة الاقتصاد من خلال تحركاته)