لطالما كان للأسواق لغتها الخاصة التي قد لا تتطابق مع توقعات المستثمرين والمضاربين، هي مزيج من المعنويات الإيجابية والسلبية , مع التوقعات المستقبلية القصيرة الأجل والبعيدة، ويضاف اليها قراءة ما بعد أي قرار للسياسة النقدية قد يكون متوقعاً أو مفاجئاً.
ما يخبرنا مؤشر الدولار الأمريكي قد لا يعجب الكثيرين من المراهنين على تراجعه السريع. أغلق مؤشر الدولار الأمريكي يوم الجمعة عند 98.01 نقطة، أعلى مستوياته في شهرين، هل فعلاً هذا أداء عملة من المتوقع أن يقوم بنكها الفيدرالي بتخفيض الفائدة بعد عدة أيام؟ هذا أولاً..
ثانياً، تخبرنا العوائد الأمريكية على سندات الخزينة لعشر سنوات بقاءها عند 2.08%، لم تتراجع بقوة.
ثالثاً، أرقام اللجنة الأمريكية للعقود الآجلة والسلع أشارت أن عقود شراء الدولار الأمريكي ارتفعت ( لم تتراجع بالمناسبة ) خلال الأسبوع الفائت إلى 54 ألف عقد من 38 ألف عقد سابقاً، هو ارتفاع مهم جداً.
هذه كلها أرقام مهمة للغاية وليست توقعات خلبية أو بيانات غير حقيقية، لابد من قراءة تبعاتها بشكل دقيق .
أولاً، تخفيض أسعار الفائدة ( ان حدث ) بعد عدة أيام تم تسعيره بشكل كامل تقريباً .
ثانياً، الأرقام الاقتصادية الأمريكية الجيدة للوظائف والتضخم والتجزئة أعادت خلط أوراق هذا التراجع الاقتصادي لأن التوقعات أسوء من الواقع , على الأقل حالياً.
ثالثاً، إن خفض الفيدرالي الأمريكي الفائدة من 2.5% فهذا سيكون ضربة استباقية، أي لن يكون بداية لسياسة نقدية مستمرة لأن السياسة المتكيفة ستبقى في التخفيض أو التأجيل. أي أن التخفيض سيكون بمثابة اجراء احترازي للأمان من أي تراجع محتمل قريب.
رابعاً، التراجع الاقتصادي للأرقام ان حدث سيجبر الفيدرالي على مزيد من التخفيض خلال الأشهر و الأعوام القادمة، بمعنى حتى لو خفض الفائدة حالياً فان التراجع اذا بدأ فسيكون سيكون لأسباب بنيوية اقتصادية تتعلق بالدورة الاقتصادية وأسعار الأصول وليس لأن الفيدرالي توقع ذلك.
خامساً،السياسات النقدية الحالية لبقية البنوك ( المركزي الأوربي – بنك إنكلترا – الياباني ) تجعلنا مقتنعين أن ما بدأ من أيام الأزمة المالية العالمية كتيسير نقدي وتغيير جذري للسياسة النقدية الدولية سيكون مستمراً على خطى الفيدرالي.
سادساً, سياسة بقية البنوك المركزية التي تتمثل بعملة ضعيفة وتيسير نقدي تجعل من الصعب على بقية العملات منافسة الدولار الأمريكي بعوائدها, ولذلك غالباً سيبقى تصحيح الدولار الأمريكي بطيئاً وتدريجياً يتوازى مع أداء عوائده وعوائد سنداته. في أوقات الأزمات، حتى لو تراجعت العوائد على السندات الأمريكية، قد يبقى الطلب جيداً على الدولار الأمريكي، لننتبه جميعا.
سابعاً، في حربه التجارية, ترامب يخسر من قوة الدولار الأمريكي. هذا سبب آخر لمزيد من الشد والجذب السياسي الذي قد يجعل الدولار الأمريكي هشاً .
تابعونا على حساباتنا في تويتر وتيليجرام للمزيد من التحديثات والتحليلات المباشرة للأسواق العالمية.