المقال مترجم من اللغة الإنجليزية بتاريخ 1/8/2019
لو كان هدف رئيس الاحتياطي الفيدرالي، وزملائه أعضاء لجنة السوق المفتوح، هو: بث الثقة في المستثمرين، والأعمال والمستهلكين، هادفين إلى استبقاء التوسع الاقتصادي، يبدو أنهم فشلوا في مساعهم فشلًا ذريعًا.
بينما يتحدث باول هبطت الأسهم بقوة، بينما استمر رئيس الفيدرالي يصدر بياناته وتعليقاته المتعارضة والمربكة، وكان المستثمرون أول من أعرب عن استيائه من فشل الفيدرالي في الالتزام بتحفيز السياسة النقدية، والحفاظ على التوسع الاقتصادي.
فهبط داو جونز الصناعي، ليغلق منخفضًا 333.75 نقطة، أو نسبة 1.23%، بينما المؤشر ستاندرد آند بورز 500، فانخفض 1.09%.
أداء بالغ السوء
لم يكن رد فعل المستثمرين على تخفيض الفيدرالي ربع نقطة، ذلك التخفيض الذي أحسن الفيدرالي إعداد السوق له، ولا عن إيقاف تخفيض الفيدرالي محفظته الاقتصادية يوم الخميس، قبل شهرين من الوقت المفترض، وذلك القرار كان محض إضافة جمالية للسوق.
كانت ردة فعل المستثمرين على ما تفوه به باول وعن أدائه أثناء المؤتمر الصحفي، والذي كان بائسًا، حتى لو تم قياسه على المعايير المنخفضة التي وضعها هو نفسه من مؤتمراته السابقة.
فعندما وُجه إليه سؤالًا حول ما إذا كانت الربع نقطة كافية لتحقيق ما يصبو الفيدرالي إليه -أي استدامة النمو، وتحفيز التوظيف، ورفع التضخم، والاحتياط من مخاطرة الهبوط جراء التوترات الاقتصادية، والتباطؤ- أصر بأول على أن الـ 25 نقطة أساس ليست هي النقطة الرئيسية هنا، بل الأمر متركز على مسار سياسة الفيدرالي.
حاول رئيس الفيدرالي أن يرسم صورة تحول تدريجي من سياسات التشديد للتيسير، مر خلال الفيدرالي بعملية ذهنية معقدة، وأنهك الأعضاء تفكيرهم لإجراء هذا التحول. في حين كان مسار الفيدرالي كالتالي: رفع معدلات الفائدة، إلى الصبر والإبقاء على المعدل ثابت، ثم اللجوء إلى التخفيض، مما يدل على أننا الآن نسير في اتجاه هابط، كما ألمح بأول.
حتى الآن تبدو الأمور على ما يرام، بيد أن بأول انتقل إلى التهوين من شأن تعليقاته، بشرحه لما اتخذه الفيدرالي من تخفيضات أنه محض "تعديلات في منتصف الدورة،" وليس بالضرورة إنذارًا لمزيد من التخفيضات المستقبلية، كما لو كان الفيدرالي يساير الركود.
آذان باول الصماء
ما هو الاختلاف بين: محاولة استباق الركود بخطوة، وإعادة منحنى معدل الفائدة إلى وضعه، والتأقلم مع الركود؟ لو كان هناك فارق كما ألمح باول، فالمستثمرون لم يقتنعوا به. وعلق المحللون فورًا على أ، ما وقع سيوصل سوق الأسهم لأقصى ذروة له.
وليس باول وحده صاحب الأذن الصماء، كما أوضح مرارًا، ولكن لجنة السوق المفتوح هي الأخرى ليست لديها أي فكرة عن الفجوة الموجودة بين سياساتها وبين الاقتصاد.
إذ تحتفي تلك اللجنة بالبيانات الإيجابية، بينما تنظر إلى الخلف وترى أن تلك البيانات الإيجابية تولدت عن التطلعات المستقبلية التي أطلقتها للسوق، وليس جراء سياسة الصبر، ولا النقاط المحورية التي تحولت عندها السياسة. وتظل البيانات الاقتصادية إيجابية لأن الفيدرالي رفع الآمال حول التحول للسياسة التيسيرية، لتكون تلك الدورة المتأخرة من التراجع (وليس كما ذكر أن فترة 10 أعوام كانت دورة انتصافية).
الصقور في مواجهة الحمائم
لذا، لدينا الآن بين أعضاء لجنة السوق المفتوح، صقرين: إليزابيث جورج من كنساس سيتي، وإيريك روس إينغرين، من بوسطن، وهو أحد الحمائم الذي تحول لمعسكر الصقور، ويعارض هؤلاء ما يحدث لأنه في وجهة نظرهم كان الأفضل إبقاء المعدل القياسي بين 2.25-2.50، بدلًا من التخفيض إلى 2.00-2.25، كما قررت اللجنة.
كما أن هناك حمائم، كجايمس بولارد، وعارض بولارد قرار الإبقاء على المعدلات في يونيو الماضي، ورغب في تخفيض الفائدة ذلك الحين، وقال بولارد قبل الاجتماع لشهر يوليو إن كل ما يتطلبه الموقف تخفيض 25 نقطة أساس. وأضاف أنه الوحيد الذي دفع نحو إعادة التفكير في معدل الفائدة الطبيعي، ووجوب تخفيضه، وتعديل إطار العمل لسياسة الفيدرالي.
ماذا يحدث لبقية البنوك
بينما يحاول البنك المركزي الأوروبي التقاط أنفاسه، ويستعد لخفض معدلات الفائدة لتصبح مقدرة بالسالب، وينتظر الوقت المناسب لإعادة العمل ببرنامج شراء الأصول، وبنك إنجلترا هو الآخر ينظر في احتمالية تخفيض معدلات الفائدة، حتى وشبح التضخم يحوم فوق بريطانيا، كما أن بنك اليابان غارق في المعدلات السلبية، وهو مجبر على إبقاء معدلات الفائدة عند مستوياتها الحالية، ويجب أن يرد سريعًا على أي حدث مستجد. وفي خضم كل هذا، يستمتع بأول وأعضاء لجنته الفيدرالي بحياة رخية في عالم مختلف عن الذي تعايشه البنوك المركزية الرئيسية في العالم.
وليس من وظيفة رئيس الفيدرالي تهدئة الآراء المعارضة بتقديم تسويات تخيب آمال الجميع. فلم يكن بأول مجبرًا على فعل أي من هذا، ولكنه خرج وزاد الطين بلة بتعليقات غير المقنعة.
يأمل البعض أن يستوعب الفيدرالي ردة فعل السوق والعنيفة، ويلجأ لتخفيض الفائدة مرة أخرى في سبتمبر. ولكن ما قام به باول، بغير مهارة، ولا حنكة، ربما سيكون له ضرر مستدام هذه المرة.