النصيحة رقم واحد: لا تتجادل مع السعر الحالي… (نهائياً)

تم النشر 13/05/2020, 21:39

كل متداول لديه نماذج فنية يتابعها بإستمرار واسباب خاصة يقوم على إثرها بتفعيل صفقاته في السوق.. وعندما نبدأ بملاحظة تكون أحد هذه النماذج نشعر بالإثارة وننتظر بفارغ الصبر اكتمال اشارات الدخول الفنية لنقوم بالشراء والمراهنة على حركة السعر القادمة.. وبالتأكيد سنشعر بالرضا والسعادة عندما يتحرك السعر نحو المستوى المستهدف وبالعكس سنشعر بالخوف والقلق عندما يتحرك السعر عكس ذلك أو على الأقل في اتجاه جانبي ضيق.. بين هذا المضارب وذاك تبقى فئة خاصة من المضاربين لا يتوقعون فقط حركة السعر القادمة بل يزيدون من ذلك بالشعور بالصدمة والإنكار لحركة السعر الحالية في حال تحرك السعر عكس المتوقع ، وهذه الفئة من المضاربين هم محور حديثنا في هذا المقال.

لنفترض بأن المضارب اكس قام بمراقبة الشارت وقرر الشراء عند سعر 30 ريال لأن تحليله للسهم يشير إلى أن السعر سيتجه الى 31 ريال.. بعد الشراء تحرك السعر بشكل جانبي بعض الشئ ثم وصل الى سعر 30.50 ريال.. بدأت مشاعر النشوة والسعادة تتضح على المضارب وإطمئن إلى أن الأمور تسير حسب الخطة.. في اليوم التالي هبط السعر الى نقطة الدخول واستمر بحركة جانبية الى نهاية اليوم.. في اليوم الذي تلى ذلك بدأ سعر السهم بالهبوط وبشكل متواصل من 30 ريال الى 29 ثم 28 ثم الى 27 ريال وهكذا على مدار الأيام التالية.. والآن ومع هذا السيناريو الذي يتكرر بشكل مستمر مع كل المضاربين بلا استثناء ، لنلقي نظرة واسعة على ما حدث مع المضارب اكس في هذه الصفقة بالتحديد..

عندما تبدأ الأسعار بالتحرك عكس التوقعات تحدث حالة نفسية للمتداولين تشبه حالة الإنكار للواقع والتشبث باللحظة السابقة التي سبقت هذا الهبوط في السعر.. حالة الإنكار للواقع – وللسعر الحالي – تقوم بتنشيط حالة جمود حقيقية في عقلية المضارب فلا يقوم بملاحظة السعر الحالي بشكل متجرد من المشاعر بل يعود دائما الى منطقة دخوله وينظر للأعلى الى منطقة المستوى المستهدف الذي لا تصدق عيناه بأن السعر لم يتجه اليها مباشرة.. أو يبدأ بسلسلة من التخيلات والتهيؤات أنه قام بتفعيل الصفقة واتجه السعر نحو المستوى المستهدف مباشرة وحقق الارباح ، أو أن يتخيل أنه قام في آخر لحظة بعدم الدخول في الصفقة لأنه كان يبدوا على السعر أنه سيتجه للأسفل.. كل هذه السيناريوهات والأفكار التي تدور في عقلية هذا المضارب تعود لحالة الجمود الفكري التي اصابته بعد أن تحرك السعر عكس المتوقع أو إلى حالة الإنكار للواقع والتي لم يخرج منها بعد.. مهما اختلفت التسميات لهذه الحالة تبقى جميع هذه التخيلات في عقلية المضارب وحده وغير حقيقية.. بينما الواقع ينص بشكل واضح إلى أن الصفقة تعاني من خسارة عائمة وبأن السعر في اتجاه هابط مستمر منذ عدة أيام.

إذاً.. لماذا يعاني هذا المضارب – وكلنا نمر بهذه الحالة بشكل يومي – من حالة هروب مستمرة من الاتجاه الحالي للسعر ونرفض تصديق ذلك.. ببساطة لأننا لا نرغب بتخيل النهاية المريرة لهذه الصفقة وما ستسببه من خسارة لرأس المال وللثقة بالنفس.. لذلك تبدأ عقولنا بإطلاق العنان لنا لنتخيل واقع مختلف عن الحالي كي لا نشعر بنفس حالة البؤس التي سنعاني منها لو صدقنا ما يحدث بالفعل.. ولكن ومع كل هذه التهيؤات يبقى الواقع كما هو بدون تغيير.. الخسارة قائمة والصفقة لم تكن موفقة وقد يستمر السعر في مسافة بعيدة عن نقطة الدخول لعدة ايام او اسابيع قادمة.

مالحل في هذا الأمر إذاً؟

الحل يكمن في قبول الواقع كما هو بدون محاولات مستمرة لإنكار ما يحدث فعلياً وبدون تأخير.. في هذه الحالة ستبقى انت في وضع مسيطر على عقلك من تهيؤات وتخيلات لن تفيدك بشئ.. وستبقى مستمر بحالة واعية من تحليل حركة السعر الحالية واستخدام بدائل أخرى او صفقات تحوط تخفف من خسارة الصفقة الأولى.. أو تحديد أماكن يمكن معها الخروج بأقل الخسائر بدلا من متابعة حركة السعر الهابطة بلا جدوى.. الحل يكون بعدم التجادل مع السعر الحالي نهائيا وقبول الواقع كما هو حتى لو لم يعجبنا.. هذا القبول للواقع الحالي سيساعدنا بشكل قوي على متابعة ما يحدث الآن ( اللحظة الحالية ) واستخدام البدائل المناسبة لحل المشكلة.. وهناك بالتأكيد طرق عديدة بإستطاعتك معها تقوية التركيز على ما يحدث الآن بدلاً من الهروب منه ، وهي كالتالي:

1- توقعاتك قبل تفعيل الصفقة يحدد مشاعرك وعواطفك أثناء الصفقة:

عندما تقوم في المرة القادمة بتحليل شارت معين وتحديد نقطة دخول مناسبة قم بتحديد توقعاتك بشكل منطقي وليس بشكل عاطفي فقط.. من البديهي جداً أن تدرك أن الأسعار تتحرك في كل الإتجاهات وبأنه – ومن الممكن جدا – أن يهبط السعر بعد الشراء من مستوى دعم.. فكما أن مستويات الدعم تعتبر أماكن يرتد منها السعر للأعلى فهي أيضا نفس الأماكن التي يحدث بها كسر وهبوط للسعر للأسفل.. انفتاح عقليتك على كل السيناريوهات المتوقعة سيجعلك في حالة قبول افضل للمستقبل.. أو كما يطلق عليه في علم الإدارة (توقع السيناريو الأسوأ) لتعرف كيف تتعامل معه عند حدوثه.

2- الخطة ( ب ):

بالرغم من أن الكثير لا يحبذ التفكير في خطة احتياطية لأن ذلك يدعم فكرة حدوث أمر مأساوي في الخطة الأصلية إلا أن هذه الخطوة تؤكد بأنك مضارب مسؤول ومحترف وتتوقع أسوأ ما يمكن حدوثه مسبقاً وتتخذ خطوات استباقية لتخفيف ذلك.. بعض الخطط الإحتياطية تكون مثال على تحديد وقف خسارة.. تعزيز الصفقة الأولى بأماكن أخرى في حال هبوط السعر.. البيع بعد هبوط السعر من منطقة الدخول في حالة الشراء كنوع من انواع التحوط وهكذا.. في ظل الأزمات دائماً ما نلاحظ سقوط مدوي لشركات ومؤسسات مالية كبرى فقط لأن هذه الكيانات العملاقة لم تقم بعمل خطة طوارئ أو خطة احتياطية لإحتواء الأزمة.. وبالتأكيد أنت لا تريد أن تكون في مثل هذا الموقف.. أليس كذلك؟

3- مقارنة السعر الحالي (الحقيقي) بالسعر السابق (الحقيقي) أيضاً:

كل ما انتبهت إلى أن عقلك بدأ بالإبحار بعيداً عن حركة السعر الحالية قم بمقارنة مكان السعر الحالي مع مكان السعر عند نقطة الدخول.. هذا التمرين سيعيدك مرة أخرى إلى اللحظة الحالية والواقع الحقيقي وسيساعدك على إتخاذ قرارات منطقية ومسؤولة وليس على إتخاذ قرارات عاطفية لا علاقة لها بما يحدث الآن.. السعر الحالي هو السعر الحقيقي لأنه النقطة التي اتفق البائع والمشتري عليها لإتمام الصفقة.. إنكارك لحركة السعر الحالية سيبعدك شيئا فشيئا عن الواقع الحالي ولن يفيدك بإتخاذ خطوات ضرورية لإصلاح ما حدث بالفعل.

الختام:

من اكثر الأمور التي يصعب تصديقها بالرغم من أنها أمور أساسية في عالم التداول هو أن الأسعار تتحرك بحرية كاملة بناءاً على قوى العرض والطلب.. قد تتغير الأسعار فجأة من اتجاه صاعد الى اتجاه هابط بدون سابق إنذار.. قد يتحرك السعرف في اتجاه هابط في مسافة طويلة قد تمتد لعدة اشهر او سنوات حتى بدون ظهور بوادر تفيد بعكس الإتجاه الحالي.. قد نشاهد تكون نماذج انعكاسية ايجابية ثم نلاحظ استمرار هبوط السعر بعدها للأسفل وهكذا.. دخولنا في عالم التداول بدون أن نفتح أعيننا على كافة الإحتمالات التي من الممكن أن تحدث أو بدون أن نفهم بإننا لا نستطيع السيطرة على حركة السعر الحالية سيصيبنا بتعب نفسي حقيقي.. حاول على الأقل في المرة القادمة أن تسيطر على ما انت قادر على السيطرة عليه ( تفكيرك المنطقي وإعادته للواقع بإستمرار ) بدلا من المحاولة على السيطرة على ما لا تستطيع ولن تستطيع السيطرة عليه ( حركة السعر والاتجاهات ونتائج صفقاتك القادمة ) مع تذكير نفسك بإستمرار بأن الأسعار الحالية هي الأسعار الحقيقية التي يجب علينا كمضاربين محترفين عدم المجادلة معها ومع حركاتها العشوائية في بعض الأحيان..

وهذا يعني بإختصار عدم التجادل مع السعر الحالي ( نهائياً )..تحرير

أحدث التعليقات

جاري تحميل المقال التالي...
قم بتثبيت تطبيقاتنا
تحذير المخاطر: ينطوي التداول في الأدوات المالية و/ أو العملات الرقمية على مخاطر عالية بما في ذلك مخاطر فقدان بعض أو كل مبلغ الاستثمار الخاص بك، وقد لا يكون مناسبًا لجميع المستثمرين. فأسعار العملات الرقمية متقلبة للغاية وقد تتأثر بعوامل خارجية مثل الأحداث المالية أو السياسية. كما يرفع التداول على الهامش من المخاطر المالية.
قبل اتخاذ قرار بالتداول في الأدوات المالية أو العملات الرقمية، يجب أن تكون على دراية كاملة بالمخاطر والتكاليف المرتبطة بتداول الأسواق المالية، والنظر بعناية في أهدافك الاستثمارية، مستوى الخبرة، الرغبة في المخاطرة وطلب المشورة المهنية عند الحاجة.
Fusion Media تود تذكيرك بأن البيانات الواردة في هذا الموقع ليست بالضرورة دقيقة أو في الوقت الفعلي. لا يتم توفير البيانات والأسعار على الموقع بالضرورة من قبل أي سوق أو بورصة، ولكن قد يتم توفيرها من قبل صانعي السوق، وبالتالي قد لا تكون الأسعار دقيقة وقد تختلف عن السعر الفعلي في أي سوق معين، مما يعني أن الأسعار متغيرة باستمرار وليست مناسبة لأغراض التداول. لن تتحمل Fusion Media وأي مزود للبيانات الواردة في هذا الموقع مسؤولية أي خسارة أو ضرر نتيجة لتداولك، أو اعتمادك على المعلومات الواردة في هذا الموقع.
يحظر استخدام، تخزين، إعادة إنتاج، عرض، تعديل، نقل أو توزيع البيانات الموجودة في هذا الموقع دون إذن كتابي صريح مسبق من Fusion Media و/ أو مزود البيانات. جميع حقوق الملكية الفكرية محفوظة من قبل مقدمي الخدمات و/ أو تبادل تقديم البيانات الواردة في هذا الموقع.
قد يتم تعويض Fusion Media عن طريق المعلنين الذين يظهرون على الموقع الإلكتروني، بناءً على تفاعلك مع الإعلانات أو المعلنين.
تعتبر النسخة الإنجليزية من هذه الاتفاقية هي النسخة المُعتمدَة والتي سيتم الرجوع إليها في حالة وجود أي تعارض بين النسخة الإنجليزية والنسخة العربية.
© 2007-2025 - كل الحقوق محفوظة لشركة Fusion Media Ltd.