لم تكن الأسواق بحاجة لمزيد من الاضطراب حتى على وقع الأنباء السعيدة التي تحدثت عن الوصول للقاح ناجع لجائحة كوفيد 19 والتى لطرافة الأمر كانت أحد الأسباب الرئيسية لخسارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للانتخابات الرئاسية بينما كانت أول بنود الوعود الانتخابية التي تحدث عنها منافسه جو بايدن ليعلن أنه لن يفعل شيئا قبل الانتهاء من جائحة كوفيد 19 ، لتأتي الرياح بما تشتهيه سفن جو بايدن وتصل شركة فايزر (NYSE:PFE) الأمريكية لدواء ناجح لـ كوفيد 19 والذي رفضت بعد ذلك أن تنسب أي فضل لإدارة ترامب في دعمها للشركة للوصول لهذا الدواء
الأسواق تفاعلت بشكل قد يكون مبالغا فيه لكنه مبرر ومنطقي:
الذهب تهاوي كثيرا من قمم وصل إليها خلال أول أيام تداولات هذا الأسبوع حول 1955 لكن الملاحظة الأهم أننا لم نخسر قاع منطقة الطلب حول 1845 والتي تحدثنا عنها كثيرا خلال الفترة الماضية
الجنيه الإسترليني الذي يوشك اقتصاده على الإغلاق الكامل وجد ضالته بكثير من الاحتفال مع إعلان التوصل للقاح ناجح ليقفز الجنيه الإسترليني مقابل جميع العملات سريعا
الين الياباني المثقل كثيرا بالطلب والذي استطاع التأدية بشكل قوي أمام الدولار الأمريكي خلال الأيام الماضية دافعا سعر الصرف إلى نحو 103.4 فقد الكثير من توازنه مع ارتفاع شهية المخاطرة ليصل إلى أعلى من 105 خلال لحظات
اليورو احتفل بشكل قد يكون مبالغا فيه حيث داعب مستويات الـ 1.19 احتفالا بزوال خطر الإغلاق أو بالأمل في ذلك لكن فعليا تبقى اقتصادات أوروبا مثقلة بما هو أكثر من آثار كوفيد 19
لكن تلك الاحتفالية السريعة لن تستمر طويلا فيما يخص الذهب وأزواج العملات
الجنيه الإسترليني: مازال مثقلا بتبعات الخروج البريطاني الممل والطويل ومازال مثقلا بتبعات سيتحملها الاقتصاد البريطاني فيما يخص فقدان الوظائف وفرص اجتذاب رؤوس أموال على خلفية الخروج البريطاني بينما سيكون لديه ما يعالجه من آثار الإغلاق السابق للأسواق
اليورو: في النهاية لا يعدو اليورو كونه المارك الألماني تحت قناع جديد حيث تشكل ألمانيا أهم دعامة لتلك العملة التي بدأت حسابية قبل أن تنتقل إلى ما هو ملموس ، وفي كل مرة يتحرك أحدهم لفصل جزء من مكونات دول اليورو كما حدث مع اليونان تكون ألمانيا هي من يبقى على منطقة اليورو موحدة حفاظا على اليورو ، لكن ألمانيا ليست في أفضل أحوالها حاليا سواء بسبب تأثر الاقتصاد بجائحة كوفيد 19 بما يحتاج لنحو ثلاث سنوات من العلاج للعودة إلى اليوم صفر ، أو بسبب تراجع قدرة اقتصادات العالم المتأثرة كثيرا عن استيراد البضائع الألمانية
الدولار الأمريكي: هو يمرض لكنه لا يموت ففي النهاية يحتفظ العالم بثرواته بالدولار الأمريكي أو قياسا للدولار الأمريكي ، وحتى الخصم الصيني اللدود لديه ما يخشى عليه في سندات الخزانة الأمريكية بينما مازالت تحتفظ الولايات المتحدة الأمريكية بغطاء ذهب ضخم جمعته على مدار عقود سواء تنقيبا وبحثا أو شراء أو حتى استيلاء كما في حالة الذهب الأسباني من حقبة الجنرال فرانكو ، لذلك يستمر الدولار الأمريكي في تلقي الدعم في النهاية حتى في حالة تراجع الفائدة فإنه يبقى واحدا من العملات التي تقدم فائدة إيجابية عوضا عن الفوائد الصفرية والسلبية أحيانا
الذهب: سيستمر العالم في التعامل معه كمخزن للقيمة والتراجعات الحالية ستمنح المشترين فرصة أخيرة للشراء قبل الإقلاع المنتظر باتجاه مستويات أعلى من 2000 ربما بكثير ، فالثقة في أداء اقتصاديات الدول لم تعد كما كانت و ما ينتظره العالم من توجهات ديمقراطية أمريكية تلتزم بالصناعات الصديقة للبيئة وخطتها الضريبية تجاه كبار المستثمرين لن تقدم دعما كبيرا للدولار مقابل الذهب كما لن تكون داعمة للأسهم والمؤشرات الأمريكية والتي ربما حان الوقت للتخلي عن بعض الحيازات المجمدة بها لشراء الذهب من المناطق الحالية اختصارا احتفل العالم خلال لحظات بما أعلنته شركة فايزر الأمريكية حل الوصول لعلاج لكوفيد 19 لكن ربما كان هذا الاحتفال مبالغا فيه كثيرا ولم يقدم للمتداولين سوى بعض الخسائر العابرة في أول أسبوع تداول بعد تخلصهم من توترات دونالد ترامب السياسية ، ويبدو أن عام 2020 لا يريد أن يمضي هادئا دون أحداث حتى نهايته التي يبدو أنها لن تختلف كثيرا عن بدايته الصاخبة.