يشكل الدولار الأمريكي85% من العملات المتداولة في التجارة الدولية، وصلت الاحتياطات المقومة بالدولارالى أكثر من 65% في العالم.
إن الضعف الكبير للدولار هذا العام هو بداية لتحرك كبير للغاية، يمكن أن يضر بأعداد كبيرة من المستثمرين من خلال ممتلكاتهم في الأسهم والسندات الأمريكية.
يرى عدد لا بأس به من استراتيجيي الأسواق أن الولايات المتحدة التي تقترض مبالغ ضخمة معرضة لهبوط حاد في قيمة الدولار، لأسباب كثيرة أهمها:
العجز التجاري الهائل، الإنفاق الحكومي الغير منتظم، الاستهلاكية المسرفة كلها دلائل على أن الدولار يعتمد على صيته أكثر من الواقع.
لكن المناصرين لهذه النظرية قد فاتهم الكثير رغم منطقية ادعاءاتهم إلا أنها تفتقر للتأصيل للأسباب التالية:
أولا: الصين بحاجة الى نمو الولايات المتحدة لأنها ببساطة أكبر مشتري للبضائع الصينية، لتفهم أكثر فإن العجز التجاري للصين مع الولايات المتحدة (الفرق بين قيمة الصادرات والواردات) عام 2008 وصل 195 مليار$, عام 2019 وصل 376مليار$ لصالح الصين. بدون هذا العجز سيكون مئات الآلاف من الصينيين بدون وظائف وتزداد معدلات الفقر إضافة الى معدلات البطالة المهولة وهذا لا يريده المسؤول الصيني.
ثانيا: مهما كان الاقتصاد الأمريكي غارق في مشكلات عويصة فإن الدول التي تمر بوضع مالي أفضل منه معدودة، الاتحاد الأوروبي لديه مشاكله الخاصة ربما أكثر من تلك في الولايات المتحدة، اليابان لا زالت تعاني من الانكماش والصين ربما يوما ما ستكون قادرة على الوفاء بالتزاماتها المالية دون الحاجة الى التهافت على الدولار لكن ليس اليوم بالتأكيد وإلى أن يأتي ستستمر الصين في مراكمة وزيادة الطلب على الدولار.
ثالثا: يبقى الدولار العملة الاحتياطية العالمية الرئيسية، بالتأكيد اليورو مهم لكن تبقى الدول كلها تحتفظ بالدولار كعملة احتياطية الأولى والأهم! وبالتالي هبوط الدولار أكثر يعني مشكلات اقتصادية أكبر وأعمق لدى الدول الأخرى لذلك هم يفضلون بطبيعة الحال عدم وقوعها.
الخلاصة: صحيح أن الدولار فقد 16% من قيمته هذا العام لكن العام القادم حتى مع عدم رفع الفدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة ستلجأ مع الدول الى محاولة خفض قيمة عملتهم أمام الدولار أكثر وربما سنبدأ بداية لعصر سياسة إفقار الجار كما حدث في الثلاثينات من القرن الماضي.
أنصح المستثمرين بعدم المراهنة على ضعف الدولار مقابل العملات الأخرى وأن يراهن على الدولار لأنه سيعود الى مكانته الطبيعية مهما تأخر ولن يعود بخفي حنين!
وتذكر عزيزي أنه في أغلب الأزمات السابقة استطاع اقتصاديو العم سام المحافظة على مكانة واستقرار الدولار في كل مرة...