تمكن الدولار الأمريكي اليوم من إيجاد الدعم أمام كافة العملات الرئيسية بصدور عن التضخم في الولايات المُتحدة الأمريكية مُؤشر الأسعار للإنفاق الشخصي على الإستهلاك المؤشر المُفضل لدى الفدرالي لإحتساب التضخُم على إرتفاع سنوي بلغ عن شهر إبريل 3.6% ليكون الأعلى فيما يقرُب من 13 عاما في حين كان المُتوقع إرتفاعه ب 2.2% فقط بعد إرتفاع ب 2.3% في مارس تم مُراجعته اليوم ليكون ب 2.4%، كما أُظهر بيان المؤشر بإستثناء أسعار المواد الغذائية والطاقة إرتفاع سنوي ب 3.1% في حين كان المُنتظر ارتفاع ب 2.9% بعد ارتفاع ب 1.8% في مارس تم مُراجعته اليوم ليُصبح ب 1.9%.
بينما كانت أخر التوقعات الصادرة عن أعضاء لجنة السوق في مارس الماضي تُشير إلى إرتفاع التضخُم ليبلُغ مُؤشر الأسعار للإنفاق الشخصي على الإستهلاك المؤشر المُفضل للفدرالي لإحتساب التضخم 2.4% هذا العام قبل أن يتراجع ل 2% العام القادم، كما توقعت أن يكون المؤشر بإستثناء أسعار المواد الغذائية والطاقة على إرتفاع ب 2.2% هذا العام من 1.8% كانت تتوقعها اللجنة في ديسمبر الماضي قبل أن يكون ب 2% أيضاً العام المُقبل.
البيان صُب في مصلحة التوقعات بقيام الفدرالي بتقليل الدعم الكمي في وقت أقرب من المُنتظر ليدعم بذلك الدولار أمام العملات الرئيسية ويضغط على الذهب للهبوط مُباشرةً بعد صدور البيان ل 1882.32 دولار للأونصة بعدما كان عند 1891 دولار للأونصة قبل صدوره.
كما صدر اليوم أيضاً بيان الإنفاق على الإستهلاك في الولايات المُتحدة الذي يُمثل حوالي 70% من إجمالي الناتج القومي الأمريكي على إرتفاع شهري ب 0.5% كما كانت تُشير التوقعات عن شهر إبريل بعد ارتفاع ب 4.2% عن شهر مارس تم مُراجعته اليوم ليكون ب 4.7%.
بينما أظهر في نفس الوقت بيان الدخل الشخصي إنخفاض شهري ب 13.1% في حين كان المُنتظر إنخفاض ب 14.1% بعد إرتفاع ب 21.1% في مارس تم مُراجعته ليكون ب 20.9% فقط بالطبع نتيجة الجمود الاقتصادي الذي أصاب الولايات المُتحدة خلال فترة الحظر منذ عام تقريباً لإحتواء فيروس كورونا.
بعدما سبق وأظهرت القراءة الثانية لبيان إجمالي الناتج القومي الأمريكي عن الربع الأول من العام إرتفاع سنوي ب 6.4% كما أظهرت القراءة الأولى في حين كانت تُشير أغلب التوقعات لنمو ب 6.5%، بعد نمو ب 4.3% في الربع الرابع من العام الماضي وب 33.4% في الربع الثالث أعقب إنكماش ب 31.4% في الربع الثاني وب 5% في الربع الأول بسبب الجمود الإقتصادي الذي تسبب فيه فيروس كورونا في النصف الأول من العام الماضي.
كما سبق وجاء عن سوق العمل بيان إعانات البطالة عن الإسبوع المُنتهي في 21 مايو على إنخفاض ل 406 ألف هو أدنى مُستوى له منذ الإسبوع المُنتهي في 13 مارس 2020 في حين كان المُتوقع إنخفاض ل 425 ألف فقط بعد تراجُع في الإسبوع الذي يسبقه ل 444 ألف.
ما زاد من التفاؤل بتحسًن أداء سوق العمل وساعد العوائد على إذون الخزانة الأمريكية على الإرتفاع داخل أسواق المال الثانوية ليصعد العائد على إذن الخزانة الأمريكي لمدة عشرة أعوام مرة أخرى فوق مُستوى ال 1.60% حيثُ يتواجد حالياً بالقرب من 1.61% مع تزايُد في التوقعات بقُرب الحديث عن تقليل للدعم الكمي في الولايات المُتحدة قد يُشار إليه من جانب الفدرالي بعد اجتماع أعضاء لجنة السوق الشهر القادم في حال صدور بيانات جيدة عن أداء سوق العمل في الولايات المُتحدة في تقرير شهر مايو المُنتظر صدوره قبل نهاية الإسبوع القادم إن شاء الله.
بعد الإحباط الذي سببه تقرير سوق العمل الأمريكي عن شهر إبريل الذي أظهر إضافة 266 ألف وظيفة فقط خارج القطاع الزراعي في حين كانت تُشير التوقعات لإضافة 978 ألف وظيفة بعد إضافة 916 ألف وظيفة في مارس تم مراجعتهم ليُصبحوا 770 ألف فقط، ما أظهر للأسواق حينها إستمرار إحتياج سوق العمل لدعم الفدرالي حتى بلوغ أهدافه حيثُ لايزال هناك أكثر من 8 مليون وظيفة مفقودة منذ فبراير من العام الماضي بسبب الفيروس وهو ما تسبب في ضغوط على العوائد أضعف من قوة الدولار وساعد الذهب على مواصلة الإرتفاع وتخطي مُستوى ال 1900 دولار للأونصة.
كما سبق ودعم أيضاً هذه التوقعات بقُرب تقليل الفدرالي لدعم الكمي البيانات المبدئية لمؤشرات مُديرين المشتريات عن كل من القطاع الصناعي والقطاع الخدمي في الولايات المُتحدة عن شهر مايو الجاري والتي صدرت قبل أسبوع لتُظهر ارتفاع الأول ل 61.5 في حين كان المُتوقع انخفاضه ل 60.2 من 60.5 في إبريل وارتفاع الثاني ليبلغ 70.1 لم يشهدها أداء القطاع الخدمي من قبل في حين كان المُتوقع انخفاضه ل 64.5 من 64.7 في إبريل، جديرُ بالذكر أن قراءة هذا المؤشر فوق ال 50 تُشير إلى توسع القطاع ودون ال 50 تُشير إلى انكماشه.
بينما أوضحت في مجملها التصريحات الصادرة هذا الأسبوع عن عدد من مُحافظين الفدرالي مثل ليل بيرنارد وجيمس بلارد ورافيل بوسيك وتشارلز إيفانز استمرار احتياج الاقتصاد لدعم الفدرالي وإن كان راندال كوارلس قد عبر عن توقعه بقُرب بحث الفدرالي تقليل الدعم الكمي مع استمرار تعافي الأداء الاقتصادي وعودته للتشغيل بشكل كامل.
أما التضخُم الذي تُظهره حالياً بياناته السنوية فهو مرحلي ومُرتفع بشكل استثنائي بالأساس نتيجة الجمود الاقتصادي الذي أصاب العالم خلال الربيع الماضي، ما تسبب في هبوط أسعار النفط والمواد الأولية لمُستويات قياسية مُتدنية بسبب تفشي الفيروس وضبابية المشهد حينها.
بينما يُشير الوضع الحالي في مُجمله بطبيعة الحال إلى تحسُن واضح في الطلب وفي مُعدلات التشغيل بعد تواجُد عدة لقاحات لمواجهة الفيروس وبعد الجهود التي بُذلت بالفعل من جانب الحكومات والبنوك المركزية لتحسين الأداء الاقتصادي وخفض حالة عدم التأكُد التي كانت تضغط على الإنفاق على الاستثمار والإنفاق على الاستهلاك، ما أسهم في تزايد أسعار المواد الأولية والطاقة للمُستويات الحالية مع ارتفاع التوقعات بتزايُد الطلب عليها مع مرور الوقت، الأمر الذي يدعم بدوره التضخُم بشكل عام.
بعد صدور بيانات اليوم عن التضخُم في الولايات المُتحدة اتجهت العقود المُستقبلية لمؤشرات الأسهم الأمريكية لتراجُع انخفض معه ستاندارد أند بورز 500 المُستقبلي ل 4112، كما هبط مؤشر ناسداك 100 المُستقبلي ل 13685، بينما كان رد فعل العوائد داخل أسواق المال الثانوية محدود نسبياً حيثُ استقر العائد على إذن الخزانة الأمريكي لمدة 10 أعوام الذي عادةً ما يجتذب أعيُن المُتعاملين في الأسواق بالقرب من 1.61%، بينما سجل الدولار الأمريكي ارتفاع ل 110.18 أمام الين، كما هبط اليورو ل 1.2132 وانخفض الإسترليني ل 1.4135 أمام الدولار إلى الآن.
بينما تنتظر الأسواق اليوم بإذن الله إعلان إدارة بايدن عن موازنة لعام 2022 بقيمة 6 ترليون دولار قد تصل قبل حلول 2030 ل 8.1 ترليون دولار كما تنتظر في المرحلة القادمة بإذن الله تكثيف إدارة بايدن لجهودها لتمرير خططه التوسُعية في الإنفاق التي تعتمد في تمويلها على رفع الضرائب لتمريرها قبل عيد الاستقلال في الرابع من يوليو القادم كما يأمل.
بعدما أعلن في خطابه السابق أمام الكونجرس باجتماع مجلسيه النواب والشيوخ عن خطه تحفيزية جديدة بما قيمته 1.8 ترليون دولار لدعم الأسرة والتعليم الأساسي وتمويلها من خلال زيادة في الضريبة على الدخل قد تصل إلى 39.6% من 37% مع زيادة الضرائب على الأرباح الرأسمالية للضعف تقريباً لتصل أيضاً إلى 39.6% لمن يحصلون على مليون دولار أو أكثر سنويا.
كما سبق وأعلن عن خطة لدعم البنية التحتية بمقدار 2.25 ترليون دولار يُخطط لأن يكون تمويلها بالأساس من خلال رفع الضرائب على الشركات من 21% ل 28%، فمع مرور الوقت أصبح يتضح أكثر فأكثر أن رفع الضرائب في الولايات المُتحدة يُعتبر ضرورة وخيار محسوم بالنسبة لإدارة بايدن.
لكن قبول مجلسي النواب والشيوخ برفع الضرائب بهذه الصور التي ذُكرت عن بايدن مؤخراً يُعتبر في غاية الصعوبة، بعدما سبق وأجاز مجلس النواب الأمريكي خطة بايدن لمواجهة الأثار الناتجة عن الفيروس بقيمة 1.9 ترليون الشهر الماضي بأغلبية 219 فقط ل 217، كما أجازها مجلس الشيوخ بأغلبية صوت نائبة الرئيس كاميلا هاريس (NYSE:LHX) بعد تعادُل الحزبين الديمُقراطي والجمهوري.
لذلك تجاوزت مؤشرات الأسهم الأمريكية الارتفاع هذه المُقترحات والخطط وسجلت المزيد من المُستويات القياسية مع استبعاد المُتعاملين في الأسواق قبولهما بهذه الارتفاعات في الضرائب التي يرها أغلب المُتعاملين في الأسواق مُبالغ فيها وقد تتسبب في ضغط على الإنفاق على الاستثمار في الولايات المُتحدة وربما هروب رؤوس أموال منها ما قد يُهدد تقدُم صناعات ناجحة وقائمة بالفعل يعتمد عليها الاقتصاد الأمريكي مثل وادي السليكون.
للاطلاع على المزيد يُمكنك مُشاهدة الفيديو مع رسوم بيانية توضيحية لحركة الأسعار