تعرض الدولار الأمريكي للضغط بشكل واضح أمام كافة العملات الرئيسية بعد صدور تقرير سوق العمل الأمريكي عن شهر مايو الذي أظهر إضافة 559 ألف وظيفة فقط خارج القطاع الزراعي في حين كانت تُشير التوقعات إضافة 650 ألف وظيفة بعد إضافة 266 ألف وظيفة فقط في إبريل تم مراجعتهم اليوم ليُصبحوا 278 ألف.
بعدما سبق وجاء بالأمس ليدفع التوقعات داخل الأسواق للارتفاع بيان التغيُر في عدد الوظائف داخل القطاع الخاص الأمريكي عن شهر مايو الذي أظهر إضافة 978 ألف وظيفة في حين كان المُتوقع إضافة 650 ألف فقط بعد إضافة 742 ألف وظيفة تم مُراجعتهم ليُصبحوا 654 ألف فقط.
كما جاء بالأمس أيضاً ليُعزز الثقة في أداء سوق العمل بيان إعانات البطالة عن الأسبوع المُنتهي في 28 مايو ليُظهر انخفاض لـ 385 ألف هو الخامس على التوالي من 590 ألف كان عليها في الأسبوع المُنتهي في 23 إبريل الماضي ما يُظهر اتجاه للعودة عن العمل والتخلي عن إعانات البطالة في الفترة الحالية.
إلا ان تقرير اليوم جاء صادماً ليُعزز التوقعات باستمرار دعم الفدرالي مدة أطول حتى بلوغ أهدافه داخل سوق العمل كما يحد من الضغوط على الفدرالي للقيام بتقليص دعمه الكمي لتحجيم التضخُم بينما يحتاج سوق العمل لمزيد من الدعم حيثُ لا يزال ما يقرُمن من 7.5 مليون خارج سوق العمل منذ فبراير من العام الماضي بسبب التأثير السلبي لفيروس كورونا على الاقتصاد.
تقرير اليوم أظهر في نفس الوقت انخفاض مُعدل البطالة ل 5.8% في حين كان المُتوقع انخفاض أكبر لـ 5.9% من 6.1% ليصعد إليها في إبريل لتُمثل أول صعود لهذا المُعدل منذ بدء في التراجُع مرة أخرى في إبريل من العام الماضي بعد بلوغه 14.7% نتيجة الحظر الذي تسبب فيه فيروس كورونا، بعدما كان عند أدنى مُعدل له منذ ديسمبر 1969 بتسجيله 3.5% في فبراير من العام الماضي.
بينما جاء مُعدل البطالة المُقنعة الذي يحتسب العاملين لجزء من اليوم الراغبين في العمل ليوم كامل على انخفاض جديد لـ 10.2% من ل 10.4% في إبريل و10.7% في مارس بعد أن شهد استقرار عند 11.1% في كل من فبراير ويناير ليتواصل بذلك هبوطه منذ بلغ 22.8% في إبريل من العام الماضي.
أما عن الضغوط التضخُمية للأجور في الولايات المُتحدة خلال شهر مايو، فقد أظهر تقرير سوق العمل اليوم ارتفاع متوسط أجر ساعة العمل ب 2% سنوياً في حين كان المُتوقع انخفاض ب 0.4% بعد ارتفاع ب 0.3% في إبريل تم مُراجعته اليوم ليكون ب 0.4% ما يُظهر في نفس الوقت ارتفاع أكبر من المُتوقع للضغوط التضخُمية للأجور.
كما سبق وجاء بالأمس عن الأجور داخل سوق العمل بيان تكلفة الوحدة العاملة في الولايات المُتحدة في الربع الأول من هذا العام على ارتفاع ب 1.7% في حين كان المُتوقع انخفاض ب 0.4% بعدما أظهرت القراءة الأولية تراجُع ب 0.3% بعد ارتفاع في الربع الرابع من العام الماضي ب 5.6% فقط.
بينما جاءت إنتاجية الوحدة العاملة خارج القطاع الزراعي في الربع الأول من هذا العام على ارتفاع ب 5.4% كما سبق وأظهرت قراءته الأولية في حين كان المُتوقع ارتفاع ب 5.5% بعد تراجع ب 4.7% في الربع الرابع من العام الماضي.
ليتضح مرة أخرى مع هذه البيانات صعوبة موقف الفدرالي المُطالب بدعم سوق العمل وعرقلة في نفس الوقت صعود التضخُم الذي لا يزال يراه عدد كبير من مُحافظين الفدرالي مرحلي إلا أن استمرار السياسات التحفيزية بهذا الكم وتتابُع خطط الإنفاق من جانب إدارة بايدن مع تواصل تعافي أداء الاقتصاد من المُنتظر يُسهم بالفعل في تزايُد الضغوط التضخُمية على الفدرالي بالأخير في ظل استمرار تزايُد المعروض من الدولار وهو ما قد تحدُث معه مبالغات في المُضاربة وانتفاخات سعرية داخل أسواق الأصول وأسواق الأسهم والمواد الأولية والطاقة أيضاً مع دورة السيولة.
بعدما سبق وأظهرت بوضوح بيانات مؤشر ال ISM عن القطاع الصناعي عن شهر مايو نفس الشيء فرغم ارتفاع المؤشر لـ 61.2 من 60.7 في إبريل إلا أن بيان العمالة الخاص بالمؤشر كان قد هبط ل 50.9 في حين كان المُتوقع ارتفاعه ل 61.5 من 55.1 في إبريل في الوقت الذي تراجع فيه مؤشر الأسعار المدفوعة داخل القطاع ل 88 فقط من 89.6 في إبريل، جديرُ بالذكر أن قراءة هذا المؤشر فوق ال 50 تُشير إلى توسع القطاع ودون الـ 50 تُشير إلى انكماشه.
بعد صدور بيان تقرير سوق العمل اليوم أخذت مؤشرات الأسهم الرئيسية الأمريكية في الارتفاع منتشية بمزيد من التفاؤل بتوصل دعم الفدرالي لأسواق المال بسيولة مُنخفضة التكلفة تدعم الاستثمار وتزيد من الطلب على المُخاطرة، ليصعد مؤشر ستاندارد أند بورز 500 المُستقبلي مرة أخرى ليتواجد حالياً بالقرب من 4220، كما تواصل صعود مؤشر ناسداك 100 المُستقبلي ليتواجد حالياً بالقرب من 13750.
تقرير سوق العمل ايضاً كان تأثيره بالغ على الذهب الذي وجد مزيد من الدعم بعد صدوره ليُعاود الارتفاع ليتواجد حالياً بالقُرب من 1890 دولار للأونصة كخيار طبيعي للتحوط ضد التضخُم مع توقع بمزيد من السيولة منخفضة التكلفة من الفدرالي لمدة أطول لدعم الاقتصاد.
بعد أن كان قد تعرض الذهب لضغط هبط به دون ال 1860 دولار للأونصة نتيجة حديث مُحافظ الاحتياطي الفدرالي عن ولاية فيلاديلفيا باتريك هاركر الذي توافق في الرأي مع مُحافظ الاحتياطي الفدرالي عن ولاية دلاس روبرت كابلن على أن الوقت قد حان لمُناقشة تخفيض الدعم الكمي للفدرالي الذي قام من جانبه بالفعل هذا الأسبوع بالإعلان عن استغنائه عن العمل ببرنامج شراء سندات الشركات والأوراق المالية الخاصة بصناديق الاستثمار المتداولة والذي امتلك من خلاله الفدرالي ما قيمته 13.6 مليار دولار من أجل دعم الاقتصاد.
ما أظهر للأسواق أنه بالفعل تدور حالياً مُناقشات داخل الفدرالي لاستخدام أدوات لاحتواء الضغوط التضخُمية في الولايات المُتحدة كما سبق وصرح رئيس الفدرالي باول بقوله "أن الفدرالي يظل لديه أدواته لمواجهة التضخُم" وهو ما أكدت عليه أيضاً جانت يلن سكيرتيرة الخزانة الأمريكية والرئيسة السابقة للفدرالي.
لكن دون أن تُسمي أو يُسمي أيً من هذه الأدوات لمواجهة ارتفاع التضخُم الظاهر بشكل واضح حالياً من خلال بيانات التضخُم السنوية التي تُعكس الجمود الاقتصادي الذي شهده العالم في فصل الربيع الماضي والذي هبط بأسعار النفط والمواد الأولية لمُستويات قياسية في تلك المرحلة لمواجهة تفشي الفيروس.
جدير بالذكر أن الفدرالي لايزال يحتفظ بسعر الفائدة إلى الآن ما بين الصفر وال 0.25% كما هو منذ مارس من العام الماضي بجانب عمل سياسات الدعم الكمي التي بلغ معدل شرائها الشهري 120 مليار دولار للضغط على تكلفة الاقتراض.
بينما انتهى الاجتماع الأخير لأعضاء لجنة السوق المُحددة للسياسة في الولايات المُتحدة في الثامن والعشرين من إبريل الماضي دون جديد ودون الحاجة لمُناقشة تخفيض هذا الدعم حتى في الوقت الراهن كما صرح رئيس الفدرالي جيروم باول بعد ذلك الاجتماع الذي أظهرت وقائعه لاحقاً احتمال مُناقشة هذا الامر في الاجتماعات القادمة حال استمر تحسُن الأداء الاقتصادي.
الفدرالي كان قد اتخذ خطوات استثنائية في مارس من العام الماضي لاحتواء تأثير فيروس كورونا على الاقتصاد كان منها وبشكل غير مسبوق عرض توفير السيولة المطلوبة من بنوك مركزية أخرى بضمان ما لديها من إذون خزانة لتجاوز الأزمة ومنع تفاقمها لتصل لأزمة سيولة تضُر بالقطاع المالي والبنكي ما أسهم بشكل كبير في الحد من تراجُعات أسواق الأسهم عالمياً وعودتها للارتفاع.
ما أدى لبلوغ حجم ما تحتويه الميزانية العمومية للفدرالي من أصول ما قيمته 7.922 ترليون دولار في الأسبوع المُنتهي في 17 مايو الماضي وهو مُستوى قياسي غير مسبوق وصل إليه من 4.160 كانت عليها في فبراير من العام الماضي.
تقرير سوق العمل اليوم دفع العوائد داخل أسواق المال الثانوية للتراجع ليهبط العائد على إذن الخزانة الأمريكية لمدة عشرة أعوام ل 1.57% إلى الآن ما تسبب في انخفاض جاذبية الدولار أمام كافة العملات الرئيسية عاود معها اليورو الصعود ليتواجد حالياً بالقرب من 1.217 كما صعد الإسترليني للتداول حالياً بالقرب من 1.42 أمام الدولار الذي هبط دون ال 109.5 أمام الين.
كما هبط الدولار الأمريكي امام الدولار الكندي ل 1.2070 بعد صدور هذا التقرير الذي تزامن أيضاً مع صدور تقرير سوق العمل الكندي الذي أظهر اليوم فُقدان 68 ألف وظيفة في مايو في حين كان المُتوقع فُقدان 20 ألف فقط بعد فُقدان 207 ألف وظيفة في إبريل مع ارتفاع مُعدل البطالة ل 8.2% من 8.1% في إبريل.
بينما لايزال يدعم الدولار الكندي صعود أسعار الطاقة التي لاقت اليوم مزيد من الدعم بتوقع مزيد من السيولة مُنخفضة التكلفة من جانب الفدرالي لمدة أطول لتحفيز الاقتصاد الأمريكي ليشهد خام غرب تكساس صعود جديد اخترق به مُقاومته السابقة عند 29.26 دولار ليبلُغ إلى الآن 69.59 دولار للبرميل.
للاطلاع على المزيد يُمكنك مُشاهدة الفيديو مع رسوم بيانية توضيحية لحركة الأسعار