لا تزال تصريحات الفيدرالي الأمريكي والموعد المرتقب لتحريك أسعار الفائدة تزامنًا مع التداعيات السلبية لجائحة كورونا تضرب بظلالها على سوق السلع والمعادن والعملات. وعززت البيانات الأمريكية التي صدرت مؤخرًا من تماسك الذهب، إلا أن الملاذ الآمن لم يحقق الاستفادة التي يرجوها الثيران وسط حالة الضبابية التي ترسمها تصريحات مسؤولي الفيدرالي.
وفي المقابل عززت المخاوف بشأن تراجع الطلب على النفط الخام والعودة إلى الإغلاقات بفعل تداعيات فيروس كورونا والمتحورات الأكثر شراسة التي ظهرت في الأسابيع الماضية.
الذهب
وزاد الذهب خلال جلسات الأسبوع الجاري بحوالي 15 دولارًا للأوقية صعودًا من مستويات 1778 دولار بنهاية تعاملات الأسبوع الثاني من أغسطس. وعزز من صعود الذهب بيانات البطالة الأمريكية التي جاءت إيجابية حيث سجلت 348 ألف طلب إعانة متراجعة بنحو 29 ألف وظيفة عن المتوقع وهو 365 ألف مطلب إعانة هذا الأسبوع.
قال أفتار ساندو، كبير مديري السلع لدى فيليب فيوتشرز، في مذكرة إن الذهب "لا يزال عاجزًا عن استعادة المستوى الرئيسي البالغ 1800 دولار والذي سيكون شرطًا أساسيًا لاستعادة المعدن الأصفر بعض التألق التصاعدي."
وقال كايل رودا، المحلل لدى آي. جي ماركتس: خسر الذهب بعضا من الزخم التصاعدي مع تنامي قلق المشاركين في السوق حيال خطر بدء الفيدرالي تقليص شراء السندات بحلول نهاية العام". يعتبر المعدن النفيس تحوطًا ضد التضخم وخفض قيمة العملة. ومن شأن تشديد مجلس الاحتياطي الأمريكي للسياسة النقدية أن يعالج الأمرين وبالتالي يخفض جاذبية الذهب.
الدولار الأمريكي
وارتفع مؤشر الدولار بقوة خلال تعاملات الأسبوع من مستويات 92.52 بنهاية تعاملات 13 أغسطس ليصل إلى مستويات 93.5 خلال تعاملات الخميس. وزاد الدولار إلى أعلى مستوى في تسعة أشهر مقابل اليورو والعملات الأسترالية والنيوزلندية يوم الخميس، بعدما اتفق صانعو السياسة الفيدرالية في الغالب على أن خطة التحفيز التدريجي ستبدأ هذا العام وجاء الارتفاع بعد أن ألمح بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى أنه قد يبدأ في تقليص الأصول في أقرب وقت ممكن تزامنا مع استمرار تعافي حالة سوق العمل.
قال محضر اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي في يوليو، والذي صدر يوم الأربعاء الماضي، إن المسؤولين رأوا إمكانية بدء تقليص الأصول في عام 2021 بشرط أن يظل التعافي الاقتصادي ضمن التوقعات.
وقال المحللون الاستراتيجيون في ويست باك في مذكرة العميل: قراءتنا هي أن مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي يواصلون الإشارة إلى الخطوات المستمرة نحو تشديد السياسة، مما يوفر للدولار الأمريكي دعمًا أساسيا ومستمرًا.
النفط
بينما عانى النفط الأمرين سواء من تزايد الإصابات بفيروس كورونا التي تضرب توقعات تعافي الطلب في مقتل، أو من خلال بيانات المخزون الأمريكية. ونزل خام غرب تكساس الأمريكي وخام برنت القياسي خلال تعاملات الخميس عند أدنى مستوياته منذ 20 مايو الماضي.
وبحلول جلسة الخميس 19 أغسطس سجل النفط التراجع السادس على التوالي، في أطول موجة خسائر منذ فبراير 2020. وتراجع خام غرب تكساس أدنى مستويات الـ63 دولار وفي المقابل تراجع خام برنت القياسي إلى مستويات 66 دولار. وقالت إدارة معلومات الطاقة الأميركية الأربعاء إن مخزونات البنزين ارتفعت 696 ألف برميل إلى 228.2 مليون برميل، بينما توقع المحللون انخفاضا قدره 1.7 مليون برميل.
وتوقع الخبراء لدى دانسكي بنك بأن يبلغ متوسط سعر خام برنت نحو 70 دولار أمريكي خلال النصف الثاني من العام الجاري، وحوالي 72.5 دولار للبرميل خلال العام المقبل. ولكن تعافي الاستهلاك يظل مرجحًا وبقوة خلال العامين المقبلين، وذلك على الرغم من أن انتشار الفيروس في الصين وأجزاء أخرى من اَسيا قد يكون له تأثير سلبي على الطلب في المدى القصير.
وأكد البنك على أن قيام تحالف أوبك+ بتخفيف قيود الإنتاج يخفف من احتمالات صعود أسعار النفط الخام وذلك على الرغم من توقعات صعود الطلب العالمي على النفط الخام للعامين المقبلين.
الليرة التركية
ورغم الارتفاعات القوية لمؤشر الدولار إلا أن الليرة تحافظ على تماسكها ولا تزال تتداول عند مستويات 8.51 ليرة مقابل الدولار الأمريكي، عقب قرار تثبيت أسعار الفائدة. وتبدو الليرة التركية أكثر تماسكا من ذي قبل، حيث نجحت خلال تعاملات منتصف الأسبوع أن تلامس أعلى مستوياتها مقابل العملة الأمريكية في قرابة أسبوعين بعد أن انحسر قلق المستثمرين بشأن تيسير محتمل أكبر للسياسات النقدية.
وكان البنك المركزي التركي قد أبقى على سعر الفائدة الرئيسية مستقرا عند 19%مكررا تعهده بتشديد السياسات في مواجهة التضخم المرتفع. إلا أنه ورغم المكاسب المحدودة لا تزال الليرة تنخفض بأكثر من 12% منذ بداية العام، حيث لا يزال استقلال البنك المركزي مثار قلق رئيسي للمستثمرين في السنوات الأخيرة.
وتعاني الليرة من تدخلات مستمرة تثير مخاوف المتعاملين بشأن تدخلات أردوغان في السياسة النقدية للبلاد. ودعا الرئيس رجب طيب أردوغان علنًا إلى خفض الفائدة، وقال خبراء اقتصاد إن صيغة البيان الذي أعقب اجتماع تحديد الفائدة الخميس الماضي لم يشر إلى خفض مبكر.