انتهت رحلتك في التداول، أن لا تتداول فهو خيرٌ لك، مهما فعلت لن تنجح بهذا المجال، هذا المجال له أهله وأنت لستَ أهلًا له، هذه العبارات وغيرها سمعها معظمنا في بداية رحلته في أسواق المال، ورافقت البعض خلال هذه الرحلة، فقد يكون شخص ما على علمٍ بالأسواق ومعظم توقعاته وتحليلاته تصيب، لكن هفوة واحدة تكلفه الكثير وتمحو ما جَهِد به لأشهر أو سنوات، لتعود هذه العبارات وتُمطِر عليه، مما يتسبب له بنوع من الإحباط ليتوقف عن التداول بكشلٍ كامل، وقد يكون سبب التوقف أيضًا غير هذه العبارات حالة اليأس التي تتسلل إلى المتداول بسبب الهفوات التي تمحو رأس ماله بالكامل أو تمحو أرباحه باستمرار وبالتالي الانهيار النفسي تجاه هذا المجال وأخذ موقف المتفرج والحسرة فقط.
ونتيجة الانهيار أمام ما آلت إليه حال محفظته من رصيد لا بأس به إلى رصيد يبكي حاله، والعبارات التي تثبت من عزيمته والتي تُمطِر عليه، أضف إلى ذلك رؤيته أن السعر أخذ الاتجاه الذي توقعه لكن بعد فوات الأوان، كل هذه الأمور تجتمع في داخل نفسه والتي بدورها تقتل فيه روح المتداول المحارب رغم إيمانه أنه سوف يبدع بهذا المجال، وهو بدوره يكتم بقلبه من حسرات التداول والتي غالبًا سوف تصيب الأكثرية ولا يجرؤ إلى الحديث أمام أحد من أصحاب تلك العبارات كي لا ينال المزيد منها.
لكن ما الذي يدور في داخل هذا المتداول الذي توقف عن التداول؟
وما هي نظرته للأسواق بعد التوقف؟
وهل قام بإزالة تثبيت جميع المنصات والبرامج المتعلقة بالأسواق؟
الإجابة لا، فرغم توقفه عن التداول إلى أنه يتابع الأسواق باستمرار لكن بحسرة، حسرة عدم التداول، والخوف من طرق أبواب التداول مرة أخرى، بسبب اهتزاز ثقة المتداول التي فيه، ويبقى السؤال هل سيعود إلى التداول مرة أخرى؟
هناك الكثير ممن ينسحبون من الأسواق بإرادتهم وهذا قرارهم وشأنهم، وهناك من انسحب منها مُرغمًا بسبب حالة الإحباط التي نخرت جسده، لكنه يعود إلى السوق بسبب من يحيي بداخله روح المتداول المحارب، فقد يكون هذا المتداول في حوار مع أحد أصدقائه المقربين مثلًا يسأله عن نفسه ليقول له: أنه متداول سابق من مدة لكنه توقف بسبب ما تم ذكره، لكن نقطة التغيير تكون عندما يقول له: أنا أؤمن بك وأثق بك وخبرتك ليست قليلة، وستعرف يومًا ما أنك بقوتك تعيد شغف التداول وروح المتداول المحارب لنفسك، أنت لها جرب (هذا ما سمعته نفسي من أحد الأصدقاء).
هذه الكلمات أعادت زرع الثقة بالمتداول، ليقرر إكمال مشواره في الأسواق لكن مع المزيد من الحذر، فعاد لدراسة الأسواق مجددًا ليكمل الغوص عميقًا في بحر هذا المجال الواسع بحثًا عن المعرفة، واتخذ إدارة رأس مال صارمة لا تهاون فيها، فكلمة قد تكون رصاصة الرحمة على المتداول، وقد تكون قبلة الحياة التي يكمل فيها المشوار، وأنا نفسي تعرضت لمثل هكذا موقف، وتوقفت عن التداول لفترة لكن قام أحد الأصدقاء بتشجيعي وتحفيزي للعودة (صديقي إرميا أشكره جدًا وأهديه هذا المقال)، فعدت إلى التداول ودراسة الأسواق مجددًا، لذا لا تجعل ما يحط من عزيمتك أبدًا ورافق من يحيي فيك روح المتداول لا من يقتلها، وأكمل مشوارك حتى النهاية إن كنت تحب هذا المجال.
والمقالات القادمة ستكون عن التحليل الفني للأسواق مع النصائح لأصحاب الحسابات الصغيرة وإدارة رأس مال صارمة، وتبادل الآراء فيما بيننا، وتذكر أن هدفنا جميعًا هو النجاح في هذا المجال وتعلم الغوص في بحره الهائج.