بفارق ثلاث نقاط فقط عن نظيره الأمريكي تصدر الدولار الكندي قائمة العملات العالمية الرابحة في عام 2021، بفضل الانتعاش الاقتصادي القوي في كندا، والارتفاع الكبير في أسعار النفط، بجانب نجاح بنك كندا في استخدام أدوات السياسة النقدية في تجاوز الأضرار الناجمة عن جائحة كوفيد-19.
الحكومة الكندية لم تدخر أي جهداً في استمرار دعمها اللامحدود للأنشطة الاقتصادية والتجارية في 2021، فنجد أن معدلات الإنفاق المالي في البلاد قد سجلت مستويات قياسية جديدة خلال العام، مع التوسع الواضح في الإعفاءات الضريبية.
لم يتوقف دعم الحكومة عند هذا الحد، بل امتد إلى إطلاق العديد من برامج الدعم المالي للأسر والشركات الصغيرة الأكثر تضرراً من تلك الجائحة الفيروسية.
تلك الإجراءات الحكومية رفعت على نطاق كبير مستويات الإنفاق الاستهلاكي في البلاد، وهو ما ساعد كثيراً في دخول الاقتصاد الكندي في دورة تعافي قوية خلال 2021.
وقبل استكمال الأسباب التي دعمت الدولار الكندي، ودفعته إلى تصدر قائمة الثماني عملات الرئيسية والثانوية في سوق صرف العملات الأجنبية، نتعرف أولاً على أداء العملة الكندية على مدار كامل تداولات عام 2021.
حقق الدولار الكندي ارتفاعاً بمستوى 22 نقطة على مؤشر أوج نيوز السنوي لقياس قوة العملات، تاليه الدولار الأمريكي في المركز الثاني بمستوى 19 نقطة، ثم الجنيه الإسترليني بمستوي 14 نقطة، واحتل الين الياباني قائمة العملات بمستوي سالب 31 نقطة.
وبالنظر إلى تفاصيل أداء الدولار الكندي في 2021 أمام السبع عملات الكبرى، نجده قد اكتسح الين الياباني محققاً ارتفاعاً بنسبة 12.50%، وسجل يوم 21 أكتوبر مستوى 93¥ كأعلى مستوى في ست سنوات تقريباً.
وسجل ارتفاعاً بنسبة 8.3% أمام اليورو، وسجل يوم 24 نوفمبر مستوى 0.7060€ كأعلى مستوى في أربع سنوات ونصف، وأمام الدولار الاسترالي حقق ارتفاعاً بنسبة 6.65% وسجل يوم 3 ديسمبر مستوى 1.1146$ كأعلى مستوى في 20 شهراً.
وأمام الدولار النيوزيلندي حقق ارتفاعاً بنسبة 5.75% وسجل يوم 8 ديسمبر مستوى 1.1707$ كأعلى مستوى في عام ونصف تقريباً، وأمام الفرنك حقق ارتفاعاً بنسبة 4.05% وسجل يوم واحد أبريل مستوى 0.7528 فرنك كأعلى مستوى في 16 شهراً.
وأمام الجنيه الإسترليني حقق ارتفاعاً بنسبة 1.75%، وسجل يوم 8 ديسمبر مستوى 0.6010£ كأعلى مستوى في 21 شهراً، وأمام الدولار الأمريكي حقق ارتفاعاً طفيفاً بلغ 0.75%، وسجل يوم واحد يونيو مستوى 0.8328$ كأعلى مستوى في ست سنوات تقريباً.
بعد نجاح بنك كندا في استخدام أدوات السياسة النقدية في تجاوز الأضرار الناجمة عن جائحة كوفيد -19، وبعدما أظهر الاقتصاد بوادر واضحة على النمو القوي، وبعد ارتفاع وتيرة التضخم في البلاد إلى مستويات تاريخية، قرر البنك خلال اجتماع 27 أكتوبر وقف برنامج شراء السندات الذي استمر لأكثر من عام ونصف.
وتأتي تلك الخطوة بشكل أساسي قبل تحويل مسار السياسة النقدية الكندية من تحفيزية إلى انكماشية، وقال رئيس البنك تيف ماكليم أن البنك المركزي اقترب كثيراً من إزالة التوجيهات المستقبلية.
أدت تلك التطورات إلى زيادة التوقعات في أسواق المال حول وتيرة رفع أسعار الفائدة الكندية في عام 2022، حيث يعتقد خبراء الاقتصاد أن بنك كندا سيكون أحد أسرع البنوك المركزية الكبرى في زيادة معدلات الفائدة خلال العام الجديد.
ورفع بنك كندا يوم 27 أكتوبر توقعات سعر الفائدة في 2022 من 0.25% إلى 0.75%، بما يعني رفعها مرتين على الأقل بمقدار 25 نقطة أساس، لكن تتوقع أسواق المال حاليا مستوي من هذا المعدل، فهناك تسعير عالي جداً حول معدل 1.5% بنهاية العام.
قال كبير الاقتصاديين في بنك جولدمان ساكس (NYSE:GS) دان سترويفين في استعراضه لأحدث بيانات الناتج المحلي الإجمالي الكندي أن الاقتصاد في كندا نما أقوى مما كان متوقعاً من قبل بنك كندا خلال الربع الأخير.
وأظهرت أرقام أسعار المستهلكين في نوفمبر تزايد الضغوط التضخمية على البنك المركزي الكندي، وأوضحت بيانات سوق العمل انخفاض معدل البطالة لمستويات قبل انتشار فيروس كورونا في البلاد في أبريل 2020.
ساعدت تلك البيانات في رسم صورة إيجابية للاقتصاد الكندي، وأنه يحقق بشكل متزايد الشروط والمعالم الضرورية لبنك كندا حتى يصبح مرتاحاً في رفع أسعار الفائدة.
حقق النفط الخام الأمريكي ارتفاعاً بنسبة 55% على مدار عام 2021، وسجل يوم 25 أكتوبر مستوى 85.39$ للبرميل كأعلى مستوى في سبع سنوات، وسجل خام برنت ارتفاعاً بنسبة 51%، وسجل في نفس اليوم مستوى 86.68$ كأعلى مستوى في ثلاث سنوات.
ومكاسب أسعار النفط تعد الأكبر منذ عام 2009، في ضوء تعافي مستويات الطلب العالمي على الوقود، عقب إنهاء حالة الإغلاق المرتبطة بفيروس كورونا، وعودة الحياة إلى طبيعتها تقريباً.
والاقتصاد الكندي يعتمد كثيراً على صادرات النفط كأحد أهم مصادر الدخل القومي الرئيسية في البلاد وارتفاع أسعار النفط يساهم على نطاق واسع جداً في تحسين شروط التبادل التجاري لكندا.