صعد الدولار الأمريكي أمام كافة العملات الرئيسية، بعدما انتهى اجتماع أعضاء لجنة السوق لتوجيه الأسواق بشكل واضح نحو رفع قريب لسعر الفائدة وصفه رئيس الفيدرالي جيروم باول خلال المؤتمر الصحفي الذي تبع الاجتماع، والذي ينظر إليه باعتباره سردًا لما حدث وتوجيهًا للأسواق.
كما أوضح أن رفع سعر الفائدة سيُتبع مباشرةً بتخفيض لما يمتلك الفيدرالي من أصول في ميزانية بلغت حتى التاسع عشر من يناير الجاري 8.867 ترليون دولار تُمثل حالياً أكثر من ثلث الدين العام الأمريكي البالغ 29.879 إلى الأن.
مُظهراً اهتمام بضرورة حدوث هذا التغيير في سياسة الفيدرالي لاحتواء التضخم بعد بلوغ مُؤشر الأسعار للإنفاق الشخصي على الإستهلاك المؤشر المُفضل للفدرالي لإحتساب التضخم لـ 5.8%، بينما تُظهر البيانات أن سوق العمل لم يعُد في إحتياج لهذا الكم الحالي من التحفيز بهبوط مُعدل البطالة ل 3.9% في ديسمبر.
رئيس الفيدرالي لم يغفل عن إيعاز هذا التضخم الذي بلغ أعلى مُستوى له منذ 1982 للعجز في سلسل الإنتاج الذي تراجع بسبب التأثير السلبي لفيروس كوفيد 19 وتحوراته على الأداء الاقتصادي وما فُرض ولايزال يُفرض من قيود لاحتوائه صعبت وزادت من تكلفة الإنتاج، بعدما سبق وصرحت وزيرة الخزانة، جانيت يلين، من قبل بأن هذا التأثير من الممكن أن يمتد لفترة بسبب سرعة إنتشار تحور الأوميكرون قبل أن يتلاشى هذا التأثير مع مرور الوقت.
بعدما سبق وقام الفيدرالي في اجتماع مُنتصف ديسمبر الماضي بتخفيض الدعم الكمي مع بداية يناير الجاري لـ 60 مليار دولار شهرياً سيتم تقليصها بـ 30 مليار في فبراير وبـ 30 مليار أخرى في مارس ليتم الإنتهاء من الدعم الكمي بحلول فصل الربيع القادم بإذن الله.
بعدما كانت خطوة الفيدرالي الأولى بتقليص الدعم الكمي في الثالث من نوفمبر الماضي بواقع 15 مليار دولار شهرياً حتى نهاية العمل بسياسة الدعم الكمي "10 مليارات دولار من مشتريات الفيدرالي من أذون الخزانة و5 مليار دولار من مشترياته من الرهونات العقارية" من مُعدل الشراء الشهري الذي ظل معمولُا به منذ بداية أزمة كورونا والذي كان يشمل مشتريات بمقدار 80 مليار دولار من أذون الخزانة و40 مليار دولار من الرهونات العقارية.
بينما جاءت توقعات أعضاء لجنة السوق منتصف الشهر الماضي بشأن النمو لتُشير إلى نمو بواقع 5.5% العام الماضي من 5.9% كانت تتوقعها اللجنة في سبتمبر وب 4% هذا العام من 3.8% كانت تتوقعها اللجنة في سبتمبر وب 2.2% في 2023 من 2.5% كانت تتوقعها اللجنة في سبتمبر.
أما بالنسبة للتضخم، فقد توقعت اللجنة إرتفاع مؤشر الأسعار للإنفاق الشخصي على الإستهلاك بحلول نهاية العام الماضي ل 5.3% سنوياً من 4.2% كانت تتوقعها اللجنة في سبتمبر، مع إرتفاع المؤشر باستثناء أسعار المواد الغذائية والطاقة ب 4.4% من 3.7% كانت تتوقعها اللجنة في سبتمبر، كما توقعت اللجنة إرتفاع المؤشر ب 2.6% وباستثناء أسعار المواد الغذائية والطاقة ب 2.7% هذا العام.
أما بالنسبة لسوق العمل فقد توقعت اللجنة مُعدل البطالة عند 4.3% بحلول نهاية العام الماضي من 4.8% كانت تتوقعها في سبتمبر، بعدما جاء مُعدل البطالة عن شهر نوفمبر على تراجع ل 4.2%.
أما بالنسبة لسعر الفائدة، فقد جاء متوسط توقعات أعضاء لجنة السوق ليُشير إلى رفع سعر الفائدة هذا العام لـ 0.75%، حيثُ لم يتوقع سوى 6 أعضاء من ال 18 عضو رفع بأقل من 0.75% هذا العام، كما جاء متوسط توقعات أعضاء اللجنة بالنسبة 2023 ليُشير إلى بلوغه 1.5% قبل أن يصل ل 2% في 2024، بعد قرار اللجنة الذي جاء بالإجماع في ال 15 من ديسمبر الماضي بالتعجيل في خفض الدعم الكمي.
بينما تُنتظر بإذن الله التوقعات الجديدة من أعضاء لجنة السوق بشأن النمو والتضخم وسوق العمل وسعر الفائدة مع اجتماع اللجنة مُنتصف مارس القادم الذي أصبح يُنتظر معه أول رفع لسعر الفائدة منذ بداية أزمة كورونا في ربيع 2020.
مؤشرات الأسهم الأمريكية الرئيسية تأثرت سلباً بما جاء بعد الإجتماع عن اللجنة وعن رئيس الفيدرالي خلال المؤتمر الصحفي من توجه نحو احتواء ليهبط مؤشر إس أند بي 500 المُستقبلي ليتواجد حالياً عند مُستوى ال 4275 النفسي وقت كتابة هذا التقرير، كما انخفض مؤشر الداوجونز الصناعي المُستقبلي ليصل إلى الأن ل 33650، كما تواصل هبوط الناسداك 100 المُستقبلي ليتواجد حالياً بالقرب من 13900.
بعدما تأثرت هذه المؤشرات سلبياً بارتفاع تكلفة الإقتراض داخل أسواق المال الثانوية حيثُ بلغ العائد على إذن الخزانة الأمريكي لمدة 10 أعوام حتى الأن حدود ال 1.86% رغم هذا التراجُع في شهية المُخاطرة الذي زاد من الطلب على الملاذات الآمنة مثل أذون الخزانة والذهب أيضاً الذي لم يسعه سوى التراجُع أمام هذا التوجه من جانب الفيدرالي لاحتواء التضخُم الذي زاد من الطلب على الذهب كمخزن للقيمة في الفترة الأخيرة.
ليتواجد الذهب حالياً بالقرب من 1815 دولار للأونصة، بعدما سبق وتخطى ال 1850 دولار للأونصة هذا الإسبوع في خضم التخوف من التضخم وتزايُد المخاوف الجيوسياسية بسبب احتدام حدة الخلاف بين روسيا والولايات المُتحدة بشأن أوكرانيا.
الأمر الذي دعم أيضاً أسعار النفط والغاز نظراً لإرتباط هذا الصراع بإمدادات الطاقة الروسية لأوروبا قبل أن تتأثر أيضاً سلباً هذه الأسعار بما جاء عن الفيدرالي من توجه لاحتواء التضخم ورفع تكلفة الإقتراض، ليهبط خام غرب تكساس لحدود الـ 86 دولار للبرميل، بعدما كان يتداول بالقرب من 87.5 دولار للبرميل قبل ذلك الاجتماع الذي لازالت الأسواق في حركة لاستيعاب تأثيره.
للإطلاع على المزيد يُمكنك مُشاهدة الفيديو مع رسوم بيانية توضيحية لحركة الأسعار