انتهى عصر الأموال الرخيصة في زمن كورونا، فمن خائف من تشديد الاحتياطي الفيدرالي للسياسات؟ على ما يبدو ليس المستثمرين في سوق الأسهم!
في خطوة تهدف إلى محاربة أسوأ تضخم تشهده الولايات المتحدة منذ 40 عامًا، أعلن مجلس الاحتياطي الفيدرالي في 16 مارس عن زيادة أسعار الفائدة بنسبة 0.25٪. وهي المرة الأولى منذ أكثر من ثلاث سنوات التي يرفع فيها الفيدرالي سعر الفائدة الرئيسي، والزيادة الأخيرة كانت في ديسمبر 2018. ورفع 25 نقطة أساس، يجعل معدل الفائدة الحالي في نطاق 0.25% - 0.5%.
وكل هذا كان متوقعًا لأن الأسواق سعرت هذا الزيادة منذ وقت طويل، ولكن الغريب في الأمر، هو رد فعل أسواق الأسهم بعد رفع الفائدة. فالأسواق لا تتصرف بالطريقة التي يفترض أن تتصرف بها.
فمن الناحية النظرية، من المفترض أن تجعل أسعار الفائدة المرتفعة الأسهم أقل جاذبية، لأن الفائدة المرتفعة تعني زيادة تكاليف الاقتراض للشركات والمستهلكين، مما يؤدي إلى خفض معدلات الإنفاق عمومًا. وبدوره تتأثر الأرباح التي تنعكس على تحركات سوق الأسهم وأسعارها.
لكن المستثمرين تمردوا هذه المرة على هذه الحكمة التقليدية، وانقضوا على أسواق الأسهم. إذ قفزت الأسواق الأمريكية بعد إعلان الفيدرالي عن رفع الفائدة الذي طال انتظاره، بجانب إشارته إلى احتمالية أن يكون هناك ستة زيادات أخرى هذا العام. وأغلق مؤشر S&P 500 يومها مرتفعًا بنسبة 2.2٪.
لماذا ارتفعت الأسهم الأمريكية بعد رفع الفائدة؟
1. سبب ارتفاع الأسهم الأمريكية هو أن الأسهم عادة ما تعكس الأفضل بالنسبة للاقتصاد. ورفع أسعار الفائدة في الوقت الحالي هو الأفضل للاقتصاد. كما يشعر المستثمرون بالراحة أخيرًا لأن الاحتياطي الفيدرالي بدء في اتخاذ إجراءات لمحاربة التضخم.
2. فاجأ الفيدرالي السوق بإشارته إلى احتمالية رفع الفائدة في جميع الاجتماعات الستة المتبقية، وهذا يدل على أن الاقتصاد الأمريكي قوي ويمكنه تحمل تشديد السياسات النقدية.
3. البوادر بأن الصراع بين روسيا وأوكرانيا بدء يدخل في مرحلة الحل والتسوية.
4. إشارات من الصين بأنها ستبدأ في تخفيف حملتها التنظيمية الواسعة على قطاع التكنولوجيا.
ماذا يقول التاريخ عن رفع الفائدة وسوق الأسهم؟
على مدار العامين الماضيين، تمكنت سوق الأسهم من الصعود والصمود في مواجهة أسوأ جائحة عالمية منذ قرن، وواحدة من أكثر الانتخابات الرئاسية إثارة للانقسام في تاريخ الولايات المتحدة، وتعرض مبنى الكابيتول للهجوم من الأمريكيين نفسهم. والآن تواجه الأسهم أكبر حرب برية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، وأسرع تضخم منذ الثمانينيات.
ويشير التاريخ إلى أن الأسهم الأمريكية مهيأة لمواجهة مزيد من التقلبات بعد رفع الفائدة. وهذا لا يعني أن السوق الصاعد قد انتهى. في الواقع، في دورات التشديد الثماني السابقين، كان مؤشر S&P 500 أعلى بعد عام من الزيادة الأولى في كل مرة، وفقًا لـ LPL Financial.
وإليك نظرة على ما يقوله التاريخ عن سوق الأسهم الأمريكية عندما يبدأ الفيدرالي في رفع الفائدة:
وأخيرًا، الأموال المجانية من الاحتياطي الفيدرالي كانت هدية رائعة لسوق الأسهم في فترة وباء فيروس كورونا، لدرجة أن الأسواق أصبحت مدمنة على الأموال السهلة. لذلك، يمكن أن تشكل المعدلات المرتفعة تحديًا لسوق الأسهم الأمريكية، لكنها قد تستطيع التغلب عليه بحلول نهاية العام. ويجب على المتداولين إدارة هذه التقلبات بحرص حتى يتمكنوا من الاستفادة منها.