شهد الدولار الأمريكي تذبذب أمام العملات الرئيسية فور صدور تقرير سوق العمل الأمريكي عن شهر إبريل الذي أظهر إضافة 428 ألف وظيفة فقط خارج القطاع الزراعي في حين كانت تُشير التوقعات إلى إضافة 391 ألف وظيفة بعد إضافة 431 ألف وظيفة في سبتمبر مارس تم مُراجعتهم اليوم ليُصبحوا 428 ألف أيضاً.
ليستمر بذلك التفاؤل بأداء سوق العمل بعدما تراجع هذا التفاؤل بعض الشيء بصدور بيان التغيُر في عدد الوظائف داخل القطاع الخاص الأمريكي عن شهر إبريل الذي أظهر يوم الأربعاء الماضي إضافة 247 ألف وظيفة في حين كان المُتوقع إضافة 395 ألف بعد إضافة 479 ألف وظيفة في مارس.
بالإضافة لبيان إعانات البطالة عن الأسبوع المُنتهي في 29 إبريل الذي أظهر بالأمس ارتفاع ل 200 ألف هو الأعلى منذ الأسبوع المُنتهي في 11 مارس الماضي في حين كان المُتوقع ارتفاع ل 182 ألف بعد 181 ألف في الأسبوع المُنتهي في 22 أبريل.
تقرير اليوم أظهر أيضاً استمرار مُعدل البطالة ل 3.6% حيثُ أدنى مُستوى له منذ فبراير 2020 أي منذ بداية جائحة كورونا في حين كان المُنتظر انخفاض آخر ل 3.5%، بينما ارتفع مُعدل البطالة المُقنعة الذي يحتسب العاملين لجزء من اليوم الراغبين في العمل ليوم كامل من 6.9% في مارس ل 7% في أبريل كما كان مُتوقعاً.
أما عن الضغوط التضخُمية للأجور في الولايات المُتحدة خلال شهر أبريل، فقد أظهر تقرير سوق العمل اليوم ارتفاع بيان متوسط أجر ساعة العمل ب 5.5% كما كان مُنتظراً بعد ارتفاع ب 5.6% سنوياً في مارس بزيادة شهرية 0.3% في حين كان المُنتظر ارتفاع شهري ب 0.4%.
ما يُظهر في نفس الوقت قوة الضغوط التضخُمية للأجور، كما سبق وأظهر ذلك بالأمس بيان تكلفة الوحدة العاملة في الولايات المُتحدة في الربع الأول من هذا العام بارتفاع مبدئي بلغ 11.6% في حين كان المُتوقع ارتفاع ب 9.9% بعد ارتفاع ب 1% في الربع الرابع من العام الماضي.
بينما جاءت إنتاجية الوحدة العاملة خارج القطاع الزراعي في الولايات المُتحدة في الربع الرابع من هذا العام على انخفاض مبدئي ب 7.5% في حين كان المُتوقع انخفاض ب 5.4% فقط بعد ارتفاع في الربع الرابع من العام الماضي ب 6.3%.
التقرير في مجمله يُمهد لخطوات أكبر في اتجاه تضييق السياسات النقدية للفيدرالي الذي أعرب رئيسه مُؤخراً عن احتمال حدوث ذلك في ظل استمرار تحسُن أداء سوق العمل وتعافي النشاط الاقتصادي، بينما ترتفع مُعدلات التضخُم بشكل استثنائي قد يؤدي للصعود بمستويات أسعار الفائدة لمُستويات أكثر صرامة لاحتواء التضخُم.
رئيس الفيدرالي توقع عدم حدوث قفزات في مُعدلات البطالة خلال قيام الفدرالي بخطوات لتضييق سياساته النقدية لاحتواء التضخُم من شأنها أن تُحجم في نفس الوقت النشاط الاقتصادي في الولايات المُتحدة الذي تراجع بالفعل مع ارتفاع الأسعار بهذه الصورة الناتجة عن عجز في سلاسل الإمداد بالإضافة لعودة الاقتصاد للعمل بشكل كامل بعد الجائحة في ظل تزايُد في أسعار الطاقة دعمه الأزمة الأوكرانية لينكمش الناتج المحلي الأمريكي في الربع الأول من هذا العام ب 1.4% كما سبق وأظهرت قراءته الأولية.
كما استبعد باول قيام الفدرالي برفع سعر الفائدة بأكثر من 0.75% في المرة الواحدة واصفاً ذلك بالأمر غير المطروح للمُناقشة وإن كان قد توقع أن يكون الرفع ب 0.5% خلال الاجتماعين القادمين مطروح للمُناقشة وللتصويت عليه من جانب أعضاء اللجنة التي صوتت بالإجماع كما كان مُتوقعاً برفع سعر الفائدة ب 0.5% يوم الأربعاء الماضي لأول مرة من عام 2000 بعدما قامت في مارس الماضي باول رفع لسعر الفائدة منذ بداية جائحة كورونا.
رئيس الفدرالي جيروم باول أوضح خلال المؤتمر الصحفي الذي أتبع الاجتماع أن الفدرالي سيقوم بدايةً من يونيو ولمدة 3 أشهر بخفض شهري بمقدار 47.5 مليار دولار لما يمتلكه الفدرالي من أصول في ميزانيته على أن يتسارع هذا المُعدل للضعف بعد ذلك أي بقيمة 95 مليار دولار شهرياً، بعدما بلغت قيمة هذه الأصول أعلى مُستوى لها على الإطلاق في الأسبوع المُنتهي في 25 إبريل الماضي ببلوغها 8.939199 تريليون دولار لتُمثل حالياً ما يقرُب من 30% من الدين العام الأمريكي البالغ إلى الأن وقت كتابة هذا التقرير 30.429987 تريليون دولار.
رئيس الفدرالي أوضح في غير مُناسبة بأن الفدرالي قد تأخر بالفعل في القيام بخطوات لتضييق السياسات النقدية لاحتواء التضخُم الذي يصفه حتى نهاية العام الماضي بالمؤقت قبل أن يُغير لهجته مع تقليصه للدعم الكمي واتجاهه الحالي لرفع سعر الفائدة والتدرُج في التخلُص مما لديه من أصول لاحتواء التضخُم والصعود بتكلفة الاقتراض.
فمع ارتفاع الأسعار بالصورة الحالية تتزايد المخاوف من تراجُع الإنفاق على الاستهلاك المُحفز الرئيسي للاقتصاد الأمريكي والذي يُشكل 70% من ناتجه القومي، كما يزداد القلق أيضاً على الإنفاق على الاستثمار لإنتاج مُنتجات غالية الثمن نسبياً قد لا تجد الطلب المأمول لشرائها ما قد يؤدي لاحقاً لضغوط انكماشية أو الوصول لحالة من الركود التضخُمي قد يصعُب الخروج منها.
وقد رأينا ذلك في أغلب نتائج اعمال الشركات الأمريكية وإن كان قد استفاد بعضها من ارتفاع الأسعار وتحقيق أرباح استثنائية، إلا أن الطلب عند هذه المُستويات السعرية الحالية أصبح محل شك.
ما جعل كثير من الشركات تُخفض من توقعات نتائج أعمالها المُستقبلية بسبب حالة عدم التأكُد بشأن الأزمة الأوكرانية التي زادت من سرعة ارتفاع الأسعار ونقص سلاسل الإمداد في نفس الوقت، لاسيما في ظل مُستويات أسعار فائدة أعلى مُنتظرة لاحتواء ذلك التضخُم الذي أصبحت تصفه رئيسة المركزي الأوروبي بوحش يواجه الاقتصاد العالمي بعدما كانت تصف صعوده هي الأخرى بالمؤقت المُنتظر تراجُعه حيثُ تُشير التوقعات بقيام المركزي الأوروبي هو الآخر بالبدء برفع سعر الفائدة مع بداية النصف الأول من هذا العام بعد إنتهاء عمل خطة شراء الأصول الخاصة بالبنك، بينما واصل بنك إنجلترا رفع سعر الفائدة خلفاً لنظيره الأمريكي بقيامه بالأمس برفع سعر الفائدة ب 0.25% كما كان مُتوقعاً ل 1% وكما سبق وفعل الاحتياطي الأسترالي أخيراً يوم الثلاثاء الماضي برفع سعر الفائدة ب 0.25% ل 0.35% لأول مرة منذ بداية جائحة كورونا.
تراجع الذهب فور صدور تقرير سوق العمل عن شهر إبريل اليوم ليهبط لحدود ال 1974 دولار للأونصة قبل أن يعاود الصعود مرة أخرى حيثُ يتم تداوله حالياً بالقرب من 1885 دولار للأونصة بينما لايزال يجد الذهب كتحوط ضد التضخم وضد المخاطرة في ظل الأزمة الأوكرانية والتسييل الذي شهدته أسواق الأسهم خلال اليومين الماضيين.
وهو أمر دعم الطلب على الدولار الذي أصبح أكثر جاذبية أمام العملات الرئيسية مع تواصل صعود العوائد على إذن الخزانة الأمريكية في أسواق المال الثانوية بينما لا يزال العائد على إذن الخزانة الأمريكي لمدة 10 أعوام الذي عادةً ما تهتم به الأسواق يتواجد فوق مُستوى ال 3% عند 3.07% نظراً لاتجاه الفدرالي لاحتواء التضخُم بهذه الصورة الحالية التي يسبق بها غيره من البنوك المركزية الرئيسية.
في حين تواصلت متاعب زوج اليورو أمام الدولار بسبب الأزمة الأوكرانية ليتواجد حالياً بالقرب من 1.0580 كما لا يزال يشهد الإسترليني أمام الدولار تذبذب بالقرب من 1.2350 كما يشهد الدولار أمام الين تذبذب في نطاق ضيق نسبياً فوق مُستوى ال 130 النفسي.
بينما شهد زوج الدولار الأمريكي أمام الدولار الكندي تذبذب صعوداً وهبوطاً دون مُستوى ال 1.29 نظراً لصدور في نفس توقيت صدور تقرير سوق العمل الأمريكي تقرير سوق العمل الكندي الذي أظهر إضافة 15.3 ألف وظيفة فقط في إبريل في حين كان المُتوقع إضافة 55 ألف وظيفة بعد إضافة 72.5 ألف في مارس، بينما تواصل انخفاض مٌعدل البطالة في كندا ل 5.2% كما كان مُنتظراً بقاؤه من 5.3% في مارس.
بينما شهدت العقود المُستقبلية لمؤشرات الأسهم الأمريكية تذبذبات هبطت بها في بداية التداولات قبل أن تُعاود الصعود ليُسجل مؤشر ستاندارد أند بورز 500 المُستقبلي 40.67.7 قبل أن يصعد ليتواجد حالياً بالقرب من 4130 وقت كتابة هذا التقرير، كما هبط مؤشر الداو جونز الصناعي المُستقبلي لحدود ال 32470 قبل أن يُعاود الصعود ليتواجد حالياً بالقرب من 32950، كما تمكن الناسداك 100 المُستقبلي من الصعود من 12519 ليتواجد حالياً عند 12800.
للإطلاع على المزيد يُمكنك مُشاهدة الفيديو مع رسوم بيانية توضيحية لحركة الأسعار