وجد الدولار الأمريكي مزيد من الدعم أمام العملات الرئيسية بعد صدور تقرير سوق العمل الأمريكي عن شهر يونيو الذي أظهر إضافة 372 ألف وظيفة خارج القطاع الزراعي في حين كانت تُشير التوقعات إلى إضافة 268 ألف وظيفة بعد إضافة 390 ألف وظيفة في مايو تم مُراجعتهم اليوم ليُصبحوا 384 ألف أيضاً.
ليستمر بذلك التفاؤل بأداء سوق العمل بعدما تراجع هذا التفاؤل بعض الشيء مؤخراً بارتفاع طلبات إعانات البطالة لتصل ل 235 ألف طلب عن الأسبوع المُنتهي في الأول من يوليو الجاري 235 ألف طلب حيثُ أعلى مُستوى لها منذ الأسبوع المُنتهي في 11 فبراير الماضي.
التقرير أظهر أيضاً استمرار بقاء مُعدل البطالة عند 3.6% كما كان في مايو وإبريل وكما كانت تُشير التوقعات حيثُ أدنى مُستوى له منذ فبراير 2020 أي منذ بداية جائحة كورونا، بينما انخفض مُعدل البطالة المُقنعة الذي يحتسب العاملين لجزء من اليوم الراغبين في العمل ليوم كامل ل 6.7% في يونيو من 7.1% في مايو في حين كان المُنتظر انخفاضه ل 7% فقط.
أما عن الضغوط التضخُمية للأجور في الولايات المُتحدة خلال شهر يونيو، فقد أظهر تقرير سوق العمل اليوم ارتفاع متوسط أجر ساعة العمل ب 5.1% سنوياً في حين كان مُنتظر ارتفاع ب 5% فقط بعد ارتفاع ب 5.2% في مايو تم مُراجعته اليوم ل 5.3% سنوياً.
التقرير في مجمله يُمهد لخطوات أكبر في اتجاه تضييق السياسات النقدية للفدرالي دون قلق على أداء سوق العمل في الوقت الحالي، بينما تنتظر الأسواق قبل نهاية هذا الشهر قرار جديد من أعضاء لجنة السوق بشأن السياسة النقدية في الولايات المُتحدة من المُنتظر أن يأتي معه رفع اخر لسعر الفائدة بواقع 0.75% كما حدث في اجتماع منتصف الشهر الماضي الذي أظهرت وقائعه الأسبوع الماضي اقتناع أعضاء اللجنة بالحاجة لرفع سعر الفائدة بهذه الصورة لاحتواء التضخم.
وكما مهد من قبل لذلك رئيس الفدرالي جيروم باول خلال شهادتيه أمام لجنة الشؤون البنكية التابعة لمجلس الشيوخ ولجنة الشؤون المالية التابعة لمجلس النواب مع استمرار حالة عدم التأكُد بسبب الأزمة الأوكرانية التي دفع الأسعار على المُستوى الإنتاجي للارتفاع كما تزيد من المخاوف الجيوسياسية في نفس الوقت بينما لا شأن للفدرالي بها وليس له إلا التعامل مع نتائجها.
كما تطرق رئيس الفدرالي لاحقاً بعد ذلك وخلال حديثه بداية هذا الشهر لقوة الدولار وإسهامها في احتواء التضخُم وهو أمر لم يكن يتحدث عنه باول من قبل، ما أعطى للدولار مزيد من القوة لإدراك الأسواق بأن قوة الدولار في الوقت الحالي تبدو مقبولة من جانب الفدرالي.
ليواصل ارتفاعه أمام العملات الرئيسية حيثُ يتواجد حالياً فوق مُستوى ال 137 أمام الين كما تمكن من الهبوط باليورو دون مُستوى ال 1.02 مع التبايُن الواضح الظاهر للأسواق بين سياسة الفدرالي وسياسة المركزي الأوروبي الذي مازال يبحث في احتمال رفع لسعر الفائدة بأكثر من 0.25% وبنك اليابان الذي لايزال عند سياساته التوسعية الغير مسبوقة دون تغيير.
باول توقع عدم حدوث قفزات في مُعدلات البطالة خلال قيام الفدرالي بخطوات لتضيق سياساته النقدية وهو ما نراه إلى الأن بينما بدء التضخُم يُشكل تهديد بالفعل للاقتصاد في الولايات المُتحدة الذي انكمش ب 1.6% في الربع الأول.
رئيس الفدرالي أوضح في غير مُناسبة بأن الفدرالي قد تأخر بالفعل في القيام بخطوات لتضييق السياسات النقدية لاحتواء التضخُم الذي ظل يصفه حتى نهاية العام الماضي بالمؤقت قبل أن يُغير لهجته مع تقليصه للدعم الكمي واتجاهه الحالي لرفع سعر الفائدة والتدرُج في التخلُص مما لديه من أصول لاحتواء التضخُم والصعود بتكلفة الاقتراض.
فقد بدء الفدرالي بالفعل بدايةً من يونيو الماضي ولمدة 3 أشهر بخفض شهري بمقدار 47.5 مليار دولار لما يمتلكه الفدرالي من أصول في ميزانيته على أن يتسارع هذا المُعدل للضعف بعد ذلك أي بقيمة 95 مليار دولار شهرياً، بعدما بلغت قيمة هذه الأصول أعلى مُستوى لها على الإطلاق في الأسبوع المُنتهي في 21 مايو الماضي ببلوغها 8.962 ترليون دولار لتُمثل حالياً ما يقرُب من 30% من الدين العام الأمريكي البالغ إلى الأن وقت كتابة هذا التقرير 30.491 ترليون دولار.
بينما مازالت المخاوف مُستمرة من تراجُع الإنفاق على الاستهلاك الذي يُعد المُحفز الرئيسي للاقتصاد الأمريكي حيثُ يُمثل 70% من ناتجه القومي، كما يزداد القلق أيضاً على الإنفاق على الاستثمار لإنتاج مُنتجات تُعد غالية الثمن نسبياً وقد لا تجد الطلب المأمول لشرائها، ما قد يؤدي لاحقاً لضغوط انكماشية أو الوصول لحالة من الركود التضخُمي قد يصعُب الخروج منها.
وقد رأينا ذلك في أغلب نتائج اعمال الشركات الأمريكية بعد الرُبع الأول ومن المنتظر أن نرى استمرار هذا الأمر مع صدور نتائج الأعمال عن الربع الثاني في الفترة القادمة بإذن الله وإن كانت قد استفادت بعض الشركات من ارتفاع الأسعار وتحقيق أرباح استثنائية، إلا أن الطلب عند هذه المُستويات السعرية الحالية أصبح محل شك.
ما جعل كثير من الشركات تُخفض من توقعات نتائج أعمالها المُستقبلية بسبب حالة عدم التأكُد بشأن الأزمة الأوكرانية التي زادت من سرعة ارتفاع الأسعار ونقص سلاسل الإمداد في نفس الوقت لاسيما في ظل مُستويات أسعار فائدة أعلى مُنتظرة لاحتواء ذلك التضخُم.
ارتفعت العوائد على اذون الخزانة الأمريكية في أسواق المال الثانوية فور صدور تقرير سوق العمل الأمريكي الذي دعم توقعات رفع الفدرالي لسعر الفائدة بواقع 0.75% الاجتماع القادم بإذن الله ليتواجد العائد على إذن الخزانة الأمريكي لمدة 10 أعوام الذي عادةً ما تهتم به الأسواق حالياً بالقرب من 3.09%.
بينما شهدت العقود المُستقبلية لمؤشرات الأسهم الأمريكية تذبذبات بعد صدور ذلك التقرير الذي كما يزيد من توقعات ارتفاع تكلفة الاقتراض يُعطي أيضاً الثقة في أداء سوق العمل الامريكي لتتمكن مؤشرات الأسهم الأمريكية من الاحتفاظ بالمكاسب التي جنتها خلال الأسبوع الماضي مع نهايته قبل أن تتعرض عقودها المُستقبلية للضغط خلال أولى جلسات التداول الأسيوية لهذا الأسبوع حيثُ يتواجد حالياً مؤشر ستاندارد أند بورز 500 المُستقبلي عند 3870، كما تراجع مؤشر الداو جونز الصناعي المُستقبلي ل 31150 وهبط الناسداك 100 المُستقبلي لحدود ال 12000 وقت الانتهاء من كتابة هذا التقرير.
للاطلاع على المزيد يُمكنك مُشاهدة الفيديو مع رسوم بيانية توضيحية لحركة الأسعار