الذهب والدولار والبيتكوين.. تأثير كبير متوقع لبيانات التضخم!

بيانات التضخم المرتقبة هذا الشهر من المتوقع أن يكون تأثيرها كبيرا ومباشرا على الأسواق ... وذلك لأنها إما أن تؤكد استقرار التضخم في منحنى هابط واستمرار السيطرة عليه، أو أن تعود البيانات للتقلب مجددا وهو ما يعني أن الطريق لا يزال وعرا وشائكا جدا أمام الفيدرالي.

قبل أن نبدأ في رحلة قراءة بيانات التضخم والمتوقع منها ... دعونا نبدأ برهان الأسواق الحالي لعمليات رفع أسعار الفائدة.

كيف تراهن الأسواق في الوقت الحالي على اجتماع الفيدرالي يوم الأربعاء القادم؟

· في الأسبوع الماضي كان الرهان ب 68% تقريبا على 50 نقطة أساس وبنسبة 32% تقريبا على 75 نقطة أساس.

· ومن ثم تابعت الأسواق حديث جيروم باول الذي بدا واضحا من حديثه أن الفيدرالي قد اتخذ قرارا مبدئيا ب 50 نقطة أساس [لمتابعة تفاصيل حديث جيروم باول السابق من هنا].

· ومن ثم كان واضحا أن الرهان أصبح بأغلبية واضحة نحو 50 نقطة أساس حيث وصل الرهان في هذا الأسبوع إلى 80% تقريبا مقابل 20% تقريبا فقط من المراهنين على 75 نقطة أساس.

· من المهم متابعة رهان المستثمرين أيضا عقب صدور بيانات التضخم لمعرفة رد الفعل الحقيقي على البيانات وذلك بصرف النظر عن تقلب الأسواق أو الاتجاه الذي تتخذه.

ماذا يعني التضخم ؟

بشكل مبسط يعني أن القوة الشرائية للعملة في الوقت الحالي تنخفض عن قوتها الشرائية في الفترة السابقة.

في الصور أدناه يمكنك الاطلاع على الآلة الحاسبة للتضخم من أحد المواقع الحكومية الرسمية للولايات المتحدة.

القوّة الشرائية ل 100 دولار أمريكي في 01/2000 تعادل القوة الشرائية ل 176.55 دولار في 10/2022.أي يمكن القول بشكل مبسط أن القوة الشرائية تراجعت بشكل كبير بما يقارب 77% تقريبا خلال فترة المقارنة [22 عام تقريبا].

أما القوة الشرائية ل 100 دولار أمريكي في 01/2020 تعادل القوة الشرائية ل 115.52 دولار في 10/2022.

أي يمكن القول أيضا أن القوة الشرائية أيضا تراجعت بما يقارب 16% منذ بداية العقد الحالي وحتى الآن.

ولهذا السبب تحديدا نشهد دائما التصريحات التي تظهر القلق الدائم من أن يصبح التضخم راسخا، وتصريحات أخرى قلقة من استمرار ارتفاع الأسعار ... لأن هذه الارتفاعات من شأنها أن تهدم الكثير من من الجهود المبذولة لتحقيق التقدم والاستقرار الاقتصادي.

الآن وبعد أن بدأنا ندخل في أجواء بيانات التضخم دعونا نستعرض عناصر أو مكونات التضخم مع محاولة مطابقتها مع المعطيات الحالية حتى نتمكن من تكوين صورة مبدئية للبيانات المتوقعة.

مكونات التضخم:

1- التضخم الناتج عن الطلب: دائما ما نشهد تصريحات أعضاء الفيدرالي وعلى رأسهم جيروم باول بضرورة السيطرة على الطلب في الولايات المتحدة حتى تتوازن مع العرض.

من الصورة أعلاه يمكن ملاحظة أن مؤشر الانفاق الشخصي لايزال يرتفع في الأشهر الثلاث الماضية بنسبة واضحة، مما يعني أن حالة الطلب لاتزال مرتفعة حتى الآن في الولايات المتحدة.

وبما أننا في فترة كأس العالم في الوقت الحالي، إذًا .. تشير النتيجة حاليا إلى ارتفاع التضخم 1 × انخفاض التضخم 0.

2- التضخم الناتج عن التكاليف:

بشكل مبسط التكاليف الرئيسية تأتي من 3 مصادر وهي الطاقة، المواد الخام، الأجور.* الطاقة:

من الواضح من الرسم البياني أعلاه أن أسعار الطاقة كانت متباينة بشكل عام مع أفضلية نسبية نحو الارتفاع بسبب ارتفاع الغاز الطبيعي بنسبة أكبر من انخفاض أسعار النفط خلال الشهر الماضي.

ارتفاع التضخم 2 × انخفاض التضخم 0.

* المواد الخام [متضمنة الغذاء]:

تتضارب السلع والمواد الخام في أدائها خلال الشهر الماضي، لكن في المجمل يمكن القول أنها كانت تميل بشكل عام إلى تراجع الأسعار عن الشهر السابق.

ويمكن القول أنه من المنطقي تثقيل المواد الخام والسلع بشكل عام باعتبارها نقطتين نظرا لتعدد بياناتها وتأثيرها.

ارتفاع التضخم 2 × انخفاض التضخم 2.

* الأجور:

يبدو واضحا من الجدول أعلاه أن الأجور عادت لترتفع في البيانات التي صدرت مؤخرا والتي تظهر عودة متسوط الأجور لمستويات شهر أكتوبر ونوفمبر، وهو ما يعني أن الإنفاق مستمر في الارتفاع، ويعني أيضا أن الأسعار لاتزال مستمرة في منحنى عام تصاعدي.

ارتفاع التضخم 3 × انخفاض التضخم 2.

3- التضخم المستورد:

وهو التضخم الذي ينتج من انخفاض قيمة العملة، مما يعني ارتفاع تكلفة الاستيراد.

من الرسومات البيانية أعلاه يمكن ملاحظ تراجع الدولار أمام جميع العملات الرئيسية خلال شهر نوفمبر [باستثناء الدولار الكندي].

كما يمكن ملاحظة أيضا تراجع كبير أمام اليوان الصيني أيضا.

ارتفاع التضخم 4 × انخفاض التضخم 2.

4- توقعات التضخم:

شخصيا أعتقد أنها أقل المكونات تأثيرا في التضخم لذلك لن نخوض في تفاصيلها [يمكنكم مشاهدة تفاصيلها في الفيديو المرفق في نهاية المقال].

المختصر المفيد:

· مكونات التضخم تختلف في نسبة تأثيرها على التضخم.

· أيضا عمليات رفع أسعار الفائدة بدأت تظهر آثارها بشكل أكبر في الوقت الحالي.

· العوامل المؤثرة في التضخم سواء بالسلب أو الإيجاب تستغرق أحيانا بعض الوقت قبل ظهور تأثيرها المباشر على البيانات.

· المعطيات الحالية لمكونات التضخم منطقيا تشير إلى أن قراءة التضخم قد تأتي مرتفعة عن القراءة السابقة.

· وعندما نذكر المنطق ... نعود دائما للتذكير بحكمة كوكب التداول الذهبية ... "ليس بالضرورة أن ينتصر المنطق".

ما هي البيانات التقديرية المتوقعة للتضخم؟

مؤشر أسعار المنتجين:

· البيانات التقديرية من قبل المختصين والاقتصاديين تشير إلى ارتفاع متوقع في أسعار المنتجين الأساسي [باستثناء الغذاء والطاقة].

· وتشير البيانات التقديرية أيضا إلى استقرار مؤشر أسعار المنتجين العام [متضمنا الغذاء والطاقة].

· مؤشر أسعار المنتجين قد يعطي المزيد من التلميحات عن كيفية صدور مؤشر أسعار المستهلكين.

· لأنه في نهاية الأمر يبقى مؤشر أسعار المنتجين هو المؤشر الثاني في الأهمية.

· ويبقى مؤشر أسعار المستهلكين هو المؤشر والمحور الأكثر أهمية لبيانات التضخم.

مؤشر أسعار المستهلكين:

سوف نستعرضها لاحقا بشكل مفصل في الأسبوع القادم بعد صدور مؤشر أسعار المنتجين يوم غد الجمعة ... لكن هذه هي البيانات التقديرية حاليا من قبل المختصين والاقتصاديين، وبجانبها البيانات التقديرية الشخصية لكيفية صدورها، وذلك اعتمادا على المعطيات الحالية التي استعرضناها أعلاه.

· الذهب:

- من الواضح في الرسم البياني أعلاه أن الذهب في منطقة عرضية أعلى من ثلاث محاور رئيسية للأسعار وأدنى من ثلاث محاور رئيسية أخرى.

- المجال العرضي الحالي هو بين مستوى 1814 وصولا لمستوى 1764 تقريبا.

- كسر مستوى 1737 يفتح المجال للسلبية بالسيطرة على الأسعار مجددا بشكل مطلق.

- بينما اختراق مستوى 1814 يعطي الأسعار المزيد من الإيجابية في الفترة القادمة.

- التحليل المفصل للذهب على إطار 4 ساعات سوف أقوم بتحديثه لاحقا في مقال جديد مساء اليوم أو صباح الغد للمستويات السعرية الرئيسية.

· مؤشر الدولار:

- الإطارات الزمنية الكبيرة تشير إلى أن السلبية الحالية للدولار هي أقرب للوهمية، وأن الدولار قادر على العودة للمسار الإيجابي.

- المحاور الرئيسية الإيجابية من المتوقع أن تقوم بتقديم الدعم الكافي للدولار فنيا في الفترة القادمة، إلا إن كان للبيانات رأي مختلف.

- في الفترة القادمة يبدو أن أن المستويات 105.0 | 104.0 | 103.0 هي مستويات الدعم المنتظرة لمؤشر الدولار.

- بينما يتوجب على الأسعار تجاوز مستوى 107.5 لتأكيد الإيجابية في الفترة القادمة.

البيتكوين

من الواضح أن الرسم البياني يظهر أن الأسعار في منطقة سعرية معقدة ومتشابكة في الوقت الحالي.

- بحلول تداولات يوم غد الجمعة من المنتظر أن تخرج الأسعار من هذه المنطقة إما باختراق مستوى 17500 والتحرر بشكل أكبر نحو الإيجابية.

- أو أن تكسر مستوى 16500 وتستقر أدنى من جميع المحاور الرئيسية، مما يعني المزيد من السلبية الهابطة على الأسعار.

- فنيا الإشارات السلبية هي الأقوى في الوقت الحالي، والحكم النهائي سوف يكون للبيانات يوم غد ومن ثم الأسبوع القادم المليء بالتقلبات السعرية.

خلاصة القول:

1- الأسواق في اليومين الماضيين يبدو أنها تترقب البيانات وبدأت تغلي على صفيح ساخن.

2- فنيا يبدو أن الأسعار بشكل عام تحاول أن تتمركز في المجالات العرضية الحالية.

3- ويمكن ملاحظة أن الأسواق تقوم ببعض المحاولات سواء منها الإيجابية الصاعدة أو السلبية الهابطة ومن ثم تعود للاستقرار في المجال العرضي مجددا ... لكن يجب الانتباه أن هذه المحاولات غالبا هي لإيجاد مراكز تصريف أو مراكز تجميع من قبل كبار البنوك وصناع السوق.

4- شخصيا أرجح أن البيانات المنتظرة هي أقرب لأن تصدر بشكل مرتفع أعلى من القراءة السابقة، مما يعني أن الأسواق حاليا تحاول أن تبحث عن أفضل مراكز التصريف.

5- التفاصيل السعرية للذهب وبقية السلع والعملات والمؤشرات نستعرضها في مقال الغد إن شاء الله.

6- ومن ثم بعد صدور بيانات الغد، سوف نعود للحديث عن بيانات مؤشر أسعار المستهلكين في الأسبوع القادم في ضوء المعطيات الجديدة من البيانات والأرقام.

7- سوف يكون لنا مساحة صوتية في تويتر إن شاء الله أيضا يوم الغد للحديث بشكل مفصل عن البيانات والسيناريوهات المحتملة.

يسعدني دوما الرد على جميع أسئلتكم واستفساراتكم بأسرع وقت ممكن، ويسعدني قراءة تعليقاتكم وآرائكم والعمل بها حتى نصل سوية لمحتوى وأداء أفضل وهو ما يعود بالفائدة علينا جميعا.

تذكير على هامش المقال:

. أسواق التداول تتقلب باتجاهاتها دائما، وتعتمد على الكثير من المعطيات والأخبار، بالإضافة إلى كبار البنوك وصناع السوق الذين يقومون غالبا بتوجيه السوق، حتى بخلاف الواقع والمنطق أحيانا.

. الآراء والأفكار أعلاه هي خلاصة التحليل، وهي ليست توصيات مباشرة، وإنما هي نصيحة للمتابعين، مع الأخذ بعين الاعتبار أن لا أحد قادر على الربح بشكل مستمر من عمليات التداول حتى كبار المستثمرين.

. لذلك نسعى دائما للحد من الخسائر، وزيادة الأرباح بما يتوافق مع التحليل ووجهة النظر لطريقة تداول الأسعار، وذلك من خلال تطبيق العديد من طرق التحليل مجتمعة ومتقاطعة لمحاولة الوصول لأفضل النتائج.

. نحن علينا الاجتهاد، والله ولي التوفيق.