تجاوز سعر الذهب 2000 دولار أمريكي للأونصة أكثر من مرة خلال الأيام القليلة الماضية، إذ يتجه لتحقيق أفضل أداء شهري له في أكثر من عامين ونصف، بمكاسب شهرية وفصلية، رغم التقلبات التي منيت بها الأسعار خلال الساعات الماضية بفعل بيانات التضخم وتصريحات الفيدرالي.
وارتفعت أسعار الذهب خلال مارس بعدما أدت المخاوف من حدوث أزمة مصرفية إلى تدافع الاستثمارات في أصول الملاذ الآمن التقليدية، وعلى رأسها المعدن الأصفر، لكن التدخل التنظيمي خفف من احتمالية حدوث أزمة مصرفية، والتي دفعت بالرهانات على أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سيخفض وتيرة الزيادات في سعر الفائدة.
هل يركض الذهب نحو قمم جديدة؟
بعد أن وصل الذهب إلى مستويات قياسية خلال الفترة الماضي، تشير التوقعات إلى أنه إذا وصل المعدن الثمين إلى مستوى عالٍ جديد، فيمكن أن يركض نحو قمم جديدة دون توقف، خاصة مع توافر العوامل المحفزة على ذلك.
وتمتلك أسعار الذهب مساحة أكبر للارتفاع في الوقت الذي تكافح فيه البنوك العالمية ويتخذ مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قرارًا آخر بشأن سعر الفائدة، مما قد يكسر أعلى مستوياته على الإطلاق - والبقاء على هذه المستويات المرتفعة.
وقالت تينا تنج من شركة الخدمات المالية CMC Markets: "من المرجح أن يتسبب قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي في وقت أقرب بالتحول عن سياسة رفع أسعار الفائدة في ارتفاع أسعار الذهب مرة أخرى بسبب انخفاض إضافي محتمل في عائدات الدولار والسندات الأمريكية".
وتتوقع تينا تنج أن يتداول الذهب بين 2500 دولار و2600 دولار للأوقية.
وقال الرئيس التنفيذي راندي سمولوود من ويتون بريشوس ميتالز Wheaton Precious Metals: "استمرار شراء البنك المركزي للذهب يبشر بالخير بالنسبة للأسعار طويلة الأجل"، بحسب سي إن بي سي.
وتتوقع سمولوود أن تصل أسعار الذهب إلى 2500 دولار.
وأكد كريج إيرلام، كبير محللي السوق في شركة Oanda للصرافة: "اعتقد أنه من المعقول جدًا أن نرى أداءً قويًا في الذهب خلال الأشهر المقبلة. يبدو أن النجوم تتماشى مع الذهب الذي يمكن أن يشهد كسر مستويات عالية جديدة في وقت قريب".
وقال إرلام: "أسعار الفائدة عند ذروتها أو قريبة منها، والآن يتم تسعير التخفيضات في وقت أقرب مما كان متوقعًا على خلفية التطورات الأخيرة في القطاع المصرفي"، مضيفًا أنه يعتقد أن الديناميكية ستعزز الطلب على الذهب، حتى لو تزامنت مع دولار أكثر ليونة".
السوق سيظل مدعومًا
بيد أن سوق الذهب سيظل مدعومًا وسيشهد في النهاية استمرارًا فوق 2000 دولار للأوقية حيث أن أكبر أزمة مصرفية منذ الأزمة المالية الكبرى لعام 2008 لم تنته بعد. حيث إنها مسألة وقت فقط قبل أن تظل أسعار الذهب فوق الـ 2000، حيث يسلط منحنى العائد المقلوب الضوء على فرصة 90٪ أن يسقط الاقتصاد في ركود هذا العام.
وشهد سوق الائتمان الأمريكي تقلبات كبيرة في العام الماضي حيث رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بقوة بمقدار 500 نقطة أساس. وبدأ الاقتصاد للتو يشهد ارتفاعًا في معدلات التأخر في السداد في العقارات التجارية وقروض السيارات ومدفوعات بطاقات الائتمان. غير أن الظروف الاقتصادية ستزداد سوءًا، إذ سيستغرق الأمر ما يصل إلى 12 شهرًا قبل أن يبدأ المستهلكون في الشعور بآثار تشديد السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي.
بيد أن تحسن شهية المخاطرة للمستثمرين تجاه الذهب؛ مع أزمة البنوك التي بدأت مع انهيار سيليكون فالي بنك والتي انتقلت الآن إلى المؤسسات المصرفية الأوروبية، ستوفر زخما صعوديا قويا لتداولات الذهب. ومع تشديد شروط الائتمان نتيجة للتحديات التي تواجه القطاع المصرفي، يعتقد بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، بجانب المستثمرين، أن أية زيادات مستقبلية لسعر الفائدة الأمريكية لن تكون مثل الوتيرة السابقة.
ومن أجل أن يحافظ الذهب على ارتفاعات جديدة مستدامة فوق 2000 دولار، سيحتاج المستثمرون إلى أن يُظهر بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي استعدادا لخفض أسعار الفائدة حتى لو ظل التضخم بعيدا عن هدف الفيدرالي الأمريكي عند 2%.
الذهب نحو الـ 2500؟
يتوقع بنك "غولدمان ساكس (NYSE:GS)" استمرار الموجة الصعودية التي بدأت مؤخرًا لأسعار الذهب لفترة ليست بالقصيرة، وذلك على وقع انتعاش العوامل التي تدعم الطلب على الذهب الفترة القادمة.
وأرجع البنك استمرار هذه الموجة إلى ثلاثة أسباب، وهي المشتريات المكثفة من البنوك المركزية، بجانب تزايد عدم اليقين الجيوسياسي العالمي، واستمرار طلب المستهلكين على الذهب في التسارع مدفوعًا بشكل أساسي بالمشترين في آسيا.
وأضاف البنك: "نتوقع الآن أن تنتعش جميع المكونات الرئيسية الثلاثة - السابق ذكرها - التي تحفز الطلب على الذهب بقوة. حيث إن آخر مرة رأينا فيها جميع محركات الطلب الرئيسية تتسارع في وقت واحد كانت في 2010-2011 عندما ارتفع الذهب بنسبة 70٪ تقريبًا.
وفي غضون ذلك عدل البنك توقعاته لأسعار الذهب الفترة المقبلة في مراجعته الأخيرة إلى الأسعار التالية:
ورفع البنك توقعاته للذهب خلال الـ 3 أشهر القادمين من 1950 إلى 2300.
وخلال الـ 6 أشهر القادمين من 2050 إلى 2500.
وخلال الـ 12 شهر القادمين من 2150 إلى 2500.