سادت حالة من الترقب والحذر بالسوق السوداء في مصر خلال الساعات القليلة الماضية، خاصة مع توقعات بنك "سيتي جروب (NYSE:C)" بشأن عدم تراجع الجنيه في القريب العاجل، إذ كان يتوقع بعض الخبراء تحرك الدولار أمام الجنيه بعد قريبًا، ولكن يبدو أن هذه التوقعات غير دقيقة.
وكان رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، قد علق منذ أيام على أنباء انخفاض الجنيه: "إن تغيير سعر العملة له ضوابط وسياسة تضعها الدولة وتعمل عليها". وهو الأمر الذي يشير إلى أن تغير الجنيه لا يحدث إلا بعد اتخاذ إجراءات محددة تعمل عليها السلطات المالية. وهو ما أكد عليه تقريري "سيتي جروب" و"جولدمان ساكس" بشأن مستقبل العملة المصرية.
ارتباك بالسوق السوداء
شهد الدولار تحركات ملحوظة أمام الجنيه المصري في السوق السوداء خلال الفترة الماضية على وقع التوقعات بشأن تراجع الجنيه في القريب العاجل، إذ تنتعش السوق الموازية ويرتفع الدولار بها كلما تعززت هذه التوقعات من خلال تقارير أو تصريحات تفيد باقتراب تراجع الجنيه.
والعكس صحيح، أي كلما استقر الوضع وظهرت تقارير أو أنباء تفيد باستقرار الجنيه وعدم تراجعه قريبًا، ترتبك السوق السوداء، الأمر الذي يؤدي إلى استقرار أو انخفاض الدولار أمام الجنيه في السوق الموازية، وهو ما حدث خلال الساعات القليلة الماضية بعد تقرير "سيتي جروب، وأيضًا قرار الحكومة المصرية بشأن إعفاء واردات الذهب للقادمين من الخارج من الرسوم الجمركية.
وفي هذا الإطار قال سهر الدماطي، الخبيرة المصرفية المصرية، إن القرار إعفاء الذهب من الجمارك للقادمين من الخارج يساعد في حل أزمة قائمة وإعادة تحقيق التوازن بين العرض والطلب وضبط الأسعار، وتهدئة الطلب على السوق السوداء الناجم من زيادة طلب تجار المعدن الأصفر على الدولار لاستيراد ذهب يغطي الطلب المتزايد من المواطنين.
وترى سهر أن قرار السماح بدخول الذهب الوارد من القائمين سيساعد في وفرة المعروض مما ينعكس على استقرار أسعار الذهب المبالغ فيها حاليا.
واتفق ماجد فهمي، رئيس مجلس بنك التنمية الصناعية سابقا، ومحمد بدرة الخبير المصرفي، مع رأي سهر الدماطي في مزايا القرار بتخفيف الطلب على شراء العملة من السوق السوداء بعد إتاحة معروض كافي من الذهب.
وأوضح الخبيران، أن العديد من المواطنين يفضلون حاليا استثمار مدخراتهم في الذهب أو الدولار كمخزن للقيمة تخوفا من تراجع قيمة الجنيه مرة أخرى الفترة القادمة، فهذا القرار لن يؤدي إلى وجود أزمة بل معالجة أزمة قائمة في انفلات تسعير الذهب والتكالب على السوق السوداء، في ظل عدم قدرة البنوك على توفير العملة.
وأضاف ماجد فهمي، أنه في كل الأحوال :"بعض المصريين العاملين في الخارج قللوا من حجم تحويلات مدخراتهم لمصر تحسبا للمزيد من تراجع الجنيه مقابل الدولار فلذلك لا يوجد قلق من تبعات القرار على تراجع حصيلة التحويلات".
وبحسب محمد بدرة "هذا القرار يحقق مصلحة للدولة في تراجع أسعار الذهب والدولار، وسيساهم في تخفيف التكالب على شراء العملة من السوق السوداء لشراء ذهب من الخارج كما يحدث حاليا".
الجنيه مستقر.. ولن يتراجع قريبًا
عادت السوق السوداء للهدوء من جديد خلال الساعات القليلة الماضية بعد تقرير بنك "سيتي جروب"، والتي أشارت إلى إن انخفاض الجنيه لن يحدث إلا بعد حدوث عدة أمور، مما يشير إلى أن انخفاض الجنيه لن يحدث في القريب العاجل، وهو ما سبب خمولاً بالسوق الموازية وذلك باعتبارها تنشط في أوقات التوقعات السلبية بشأن اقتراب تراجع الجنيه. وهو الأمر ذاته الذي حدث حينما أصدر بنك جولدمان ساكس تقريرًا بشأن الجنيه، والذي أفاد أيضًا بأن العملة المصرية لن تتراجع إلا بعد حدوث عدة أمور.
أشار بنك "سيتي جروب" في تقريره الصادر يوم الأربعاء، إلى أن البنك المركزي المصري من المرجح أن يؤجل قراره بشأن تخفيض الجنيه على الأقل حتى نهاية الشهر المقبل. حيث يأتي هذا التوقع عكس الرهانات الأخرى التي ترجح انخفاض الجنيه في القريب العاجل، وذلك وفق ما أفادت به وكالة بلومبرغ.
وقال لويس كوستا من "سيتي جروب" إن حدوث انخفاضًا حادًا آخر في الجنيه قبل نهاية السنة المالية المصرية المنتهية في 30 يونيو قد يعرقل هدف الحكومة المتمثل في تحقيق عجز في الميزانية بنسبة 6.5٪ وتثبيت ديون البلاد مقارنة بناتجها المحلي الإجمالي.
وأضاف كوستا: أن البنك المركزي المصري سينتظر على الأرجح عائدات "السياحة الوفيرة" التي تصل إلى حوالي 14 مليار دولار قبل اتخاذ قرار بشأن تغيير قيمة الجنيه.
بيد أن أحد أهم الأسباب الهامة التي لم تشجع البنك المركزي المصري على تخفيض الجنيه هو انتظار ما ستسفر عنه الطروحات الحكومية، إذ من المتوقع أن توفر عمليات بيع الأصول المملوكة للدولة سيولة دولارية من شأنها أن توفر استقرارًا بالأسواق بعد تخفيض الجنيه. ويستبعد "جولدمان ساكس (NYSE:GS)" أن يلجأ البنك المركزي إلى أي تحرك لخفض قيمة الجنيه مقابل الدولار، قبل أن تحقق الحكومة تقدما ملحوظا في ملف بيع الأصول. وبالتالي تسببت هذه التوقعات في ارتباك شديد بالسوق السوداء خلال الأيام القليلة الماضية باعتبارها تشير إلى أن الجنيه لن يتراجع قريبًا.
وفي هذا الإطار، أشار بنك جولدمان ساكس إلى أن أسباب عدم اتجاه الحكومة المصرية تطبيق سعر صرف أكثر مرونة خلال الأسابيع الأخيرة يرجع إلى عدم جدوى المزيد من التخفيضات في حل الاختلالات الخارجية مع انخفاض قيمة الجنيه بالفعل، كما أن الفائدة على المدى القريب المتمثلة في نمو الصادرات من انخفاض قيمة العملات الأجنبية أمر مشكوك فيه.
وأشار البنك أيضًا إلى أن عدم تخفيض الجنيه يرجع إلى خطر الدخول في دوامة التضخم وخفض العملة، إذ من المتوقع أن يفاقم حدوث المزيد من الضعف في أسعار الصرف الضغوط التضخمية المرتفعة بالفعل، وهو في حد ذاته أمر غير مرغوب فيه لصانعي السياسة المصريين.
وتابع البنك: " لم ترغب السلطات المالية في مصر إلى الانتقال لسعر صرف مرن لأن سعر الجنيه مقوم بأقل من قيمته بالفعل. حيث أدت التخفيضات المتعددة لقيمة العملة على مدار العام الماضي إلى ترك الجنيه المصري أقل بنسبة 25% تقريبًا من "القيمة العادلة" على المدى الطويل على أساس فوري، كما هو مقتبس من متوسط سعر الصرف الفعلي الحقيقي لمدة 10 سنوات (REER).
أسواق الفوركس.. كوكب التداول
إذا كنت متداولًا مبتدأ هل سوق الفوركس هو فرصتك لتحقيق مكاسب هائلة. سوق عملاق بين حيتان كبرى وبنوك استثمارية عملاقة فأين موضع الصغار؟
اعرف أين يتجه مؤشر الدولار وتأثيره على العملات العالمية من خلال هذا الويبينار.. للتسجيل اضغط هنا