النفط يقف حائراً بين دعم خفض الإنتاج ومقاومة تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي.
تباينت أسعار النفط في التعاملات المبكرة لهذا اليوم حيث تراجع قليلاً خام برنت (القياس العالمي) بينما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط (القياس الأمريكي)، في تعاملات إلكترونية اتسمت بالضعف مع غياب الأسواق الأمريكية بسبب عطلة عيد الاستقلال أمس.
يأتي ذلك بعدما فشلت الأسعار في الحفاظ على المكاسب التي شوهدت يوم الاثنين بعد إعلان المملكة العربية السعودية أنها ستمدد خفض الإنتاج طواعيةً بمقدار مليون برميل يوميًا والذي بدأ سريانه بداية هذا الشهر حتى أغسطس/ آب، مما يبقي إنتاج البلاد عند 9 ملايين برميل يوميًا وهو الأدنى منذ عدة سنوات، من ناحية أخرى قال نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك يوم الإثنين إن بلاده ستقلص الصادرات بمقدار 500 ألف برميل يوميًا في يوليو/ تموز، وفقًا لتقارير إخبارية، قائلاً "يأتي ذلك كجزء من الجهود لضمان بقاء أسواق النفط متوازنة".
تخفض أوبك + (وهي مجموعة تضم منظمة البلدان المصدرة للبترول وحلفاء من بينهم روسيا وتضخ نحو 40 بالمئة من الخام العالمي) إنتاج النفط منذ نوفمبر/ تشرين الثاني في مواجهة انخفاض الأسعار.
من الناحية النظرية يجب أن يؤدي تقليل المعروض من النفط إلى ارتفاع أسعاره، خاصة بعد أن كان هناك قلق متزايد بشأن تعطل الإنتاج الروسي بعد غزو الرئيس فلاديمير بوتين لأوكرانيا في العام الماضي، هذا القلق تسبب في ارتفاع أسعار النفط إلى حوالي 120 دولارًا للبرميل، وفي يوم الإثنين شهدنا ارتفاع طفيف في الأسعار في وقت مبكر من اليوم بعد إعلان التخفيضات مباشرة.
لكن تلك المكاسب سرعان ما تلاشت بعد أن طغت عليها لاحقًا بيانات التصنيع الأمريكية الضعيفة، حيث يشير ذلك إلى احتمالية ضعف الطلب على الطاقة في المستقبل.
فقد انخفض مؤشر التصنيع لمعهد إدارة التوريد إلى 46٪ في يونيو/ حزيران من 46.9٪ في الشهر السابق ليصل إلى أدنى قراءة له منذ مايو/ أيار من عام 2020، وتشير الأرقام التي تقل عن 50٪ إلى انكماش في الصناعة، وكانت التوقعات أن يسجل المؤشر 47.3٪ في يونيو.
تلك القراءة تثير الكثير من الشك في وجهة النظر القائلة بأن النمو الاقتصادي آخذ في الانتعاش ويوفر سببًا إضافيًا في الاعتقاد بأن الركود الاقتصادي يلوح في الأفق.
في نفس السياق أشارت مجموعة من استطلاعات الأعمال إلى ضعف نشاط التصنيع في الاقتصادات الكبرى، مما أدى إلى ضبابية توقعات الطلب على الطاقة، كما أن التوقعات بأن البنوك المركزية الرئيسية بما في ذلك الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي سوف ترفع أسعار الفائدة بشكل أكبر لخفض التضخم قد أثرت أيضًا على معنويات السوق.
كماأظهر مسح للقطاع الخاص يوم الأربعاء أن نشاط الخدمات في الصين توسع بأبطأ وتيرة له في خمسة أشهر في يونيو، حيث أثر ضعف الطلب على زخم التعافي بعد الوباء.
ينتظر السوق الآن محضر اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة (FOMC) في 13-14 يونيو في وقت لاحق من اليوم الأربعاء، وذلك للحصول على المزيد من الأدلة والقرائن حول توقعات رفع الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة.
ملخص لما سبق: على الرغم من التخفيضات في الانتاج يبدو السوق أكثر تركيزًا على تراجع نمو الاقتصادات في البلدان المتقدمة وسط ارتفاع أسعار الفائدة، وتتواصل المخاوف بشأن فترات الركود المدمرة للطلب، حيث يُرجح أن يرفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس أخرى قبل نهاية العام لإبطاء التضخم.
التحليل التقني للعقود الآجلة لنفط خام غرب تكساس (القياس الأمريكي): -
مصدر هذه الصورة tradingview
بالنظر إلى الرسم البياني المرفق لفترة زمنية (يومية) نجد بأن السعر الآن قد يقف على أعتاب تغيير جذري في الاتجاه العام على المدى القصير، حيث يتصادم مع خط اتجاه هابط وفي الوقت نفسه يتزامن ذلك مع ملامسته لمقاومة متوسطه المتحرك البسيط لفترة 50 يوماً السابقة، مدعوماً في ذلك بتوارد الإشارات الإيجابية بمؤشرات القوة النسبية، وأيضاً مع ثبات مستوى الدعم المحوري والمهم جداً 70.00.
هذه المؤشرات تدعم فرضية تغير الاتجاه في الأيام القادمة، ولكن بالطبع يبقي هذا السيناريو رهناً بقدرة السعر على اختراق خط الاتجاه الهابط والتخلص من الضغط السلبي للمتوسط المتحرك البسيط.
لهذا نحن نرجح ارتفاع النفط خلال تداولاته القادمة، بشرط مهم وهو ثبات مستوى الدعم 70.00، ليستهدف أولى مستويات المقاومة عند 76.25.