الذهب أمام فرصة لن ينالها الجميع
" تمر معظم أوقات الحياة، والناس تقول لم يحن الوقت ثم يفوت الأوان"
غوستاف فلوبير
كل الأسواق في العالم، وباختلاف ما يتم البيع فيها فإن الصفقة لا تتم حتى يتفق فيها البائع و الشاري على السعر، وعلى هذا المبدئ البسيط و البديهي تقوم أكثر نظريات الاقتصاد تعقيداً وهي نقطة التوازن في العرض و الطب و التي توضح أن هذه النقطة في المنحني البياني التي تلتقي فيها رغبات البائع مع رغبات الشاري، وإن كان السعر أدنى أو أعلى من نقطة التوازن فلن يكون هناك التقاء بالرغبات، وعدم التقاء الرغبات، تعني اقتصادياً تحرك السعر كثيراً وهذا ما يقابل التقلب السعري على الشاشة، و إن المخاطرة بالإقدام بالشراء أو البيع أدنى أو أعلى من السعر التوازني تعني تماماً أن تضحي بالمال لقاء المجهول تماماً وهو قد يكون شكل من أشكال اقتناص الفرصة و قد لا يكون.
آخر التطورات الفنية
في الآونة الأخيرة تداول الذهب صعوداً قوياً من 1880، نحو 1920، إلا أنه لم يستمر طويلاً بهذا الصعود ليعود بقوة نحو1905 بع خطاب جيروم باول، ليتداول السعر بالوقت الحالي لصياغة المقال عند 1914.
آخر الأخبار وأثرها على السعر
" إن الجزار، الطاهي، و الخباز لا يقدمون خدماتهم بدافع إنساني وإنما اهتماماً منهم بمصالحهم الذاتية وعلى هذا تقوم كل الأسواق"
آدم سميث
ينتظر السوق في هذا الأسبوع الكثير من الأخبار التي قد تصنف وفقاً للتحليل الأساسي أنها تعكس مصالح أجزاء من السوق في ظل أنها قد لا توافق مصالح لجماعات أخرى، ولكن أكثر ما يهمنا في محصلة هذه الأسواق هو أنها ستكون الحكم على المدار المتوسط ( شهر)، البعيد ( عدة أشهر).
ينتظر الذهب في هذا الأسبوع:
1. مزاد السندات لمدة سنتين وخمس سنوات مساء يوم الإثنين و أهم ما علينا أن ننظر إليه أنه بحال كان عائد سندات الخمس سنوات أكبر من عائد سندات السنتين فهذا إشارة من المستثمرين على قبولهم بعائد قليل على المدى البعيد مما قد يعكس نتائج توقع ركود سيبدئ في مطلع السنة القادمة وفقاً لنظرية منحني العوائد
2. مؤشر ثقة المستهلك الصادر يوم الثلاثاء والذي إذا انخفض فسترتفع أسعار السلع التحوطية مثل الذهب، و الفضة
3. الناتج الإجمالي المحلي للربع الثاني، والذي عليه أن يكون أحسن من المتوقع حتى نرى تحسناً ملحوظاً في الاقتصاد وخلاف ذلك بقاء الاقتصاد على حاله أو اسوئ
4. معدلات الشكوى من البطالة والتي من المتوقع أن تأتي بزيادة مما يساهم في ارتفاع سعر الذهب
الخلاصة من حيث التحليل الأساسي:
لقد رشحت أكثر الأخبار أثراً على الأسواق، ومن المتوقع أن تأتي جميعها سلبية للدولار، إيجابية للذهب خصوصاً أن الحديث في ندوة جاكسون هول لم يكن لطيفاً حول الأوضاع.
نضيف على ما سبق:
1. ما زال مؤشر الطمع مرتفع وهذا قد نوهنا عليه في مقالنا السابق، ونوهنا أيضاً أن أهم أثر لذلك هو أن السعر لن يصعد بهذه السهولة، وأن العلاقة بين الدولار و الذهب بدئت تضعف نظراً لارتفاع مؤشر الطمع.
2. تداول السعر بمنطقة تجميع مشهورة، تعني أن السعر يخضع لقوانين صانع السوق والذي يحكر أسعار الذهب، ليوافق إما على الشراء بهذه الأسعار فيرتفع السعر أو يبيع بهذه الأسعار فتنخفض (أقرأ المقدمة مرة أخرى)
التحليل الفني للسعر
" المتداول البارع هو من يستطيع مرابطة الأحداث"
توم وليامز
في تحليلنا السابق، وضحنا أنه على الرغم من عوامل الصعود، إلا أن الصعود القوي لا بد له أن يحدث بعد يشكل السعر قاعاً يقابل كتفاً، وإن صعد السعر دون أن يشكل كتف، فهذا الصعود لن يدوم، وهذا تماماً ما تكلمنا عنه في مقالنا السابق.
بالنظر فنياً إلى السعر نلاحظ التالي:
1. السعر يتداول أعلى منطقة التجميع وهذا يجعلنا بانتظار الخبر الحاسم لتلك المنطقة، وكلما طالت فترة التجميع (التداول بالقرب منها) تعني أن السعر يكتسب عزماً أكبر ليذهب لمنطقة أبعد، بعبارة أخرى المفاوضات طالت فنتيجة بعد أن يربح أحد الطرفين (البائع، الشاري) المفاوضات لن تكون مرضية للطرف الآخر.
2. السعر يتداول أعلى الشق العلوي لنموذج استمراري صاعد، راية وهذا يدل على إمكانية استمرار الصعود.
3. السعر يشكل نموذجاً فنياً شمعة صاعدة تسمى بعلم العامة ( المطرقة)، إلا أن شرطها الفني لكي تؤخذ بعين الاعتبار هي أن تحدث على منطقة بالتوافق مع خبر، و أن النطاق فيها ذو نسبة معينة مع الفوليوم وهي محققة الشروط السابق.
4. بدئ ارتفاع فوليوم الشراء بعد سيطرة فوليوم البيع.
5. انحسار معادلة البيع عندما يرتفع السعر عن 1922 ( أي نلغي فكرة أن الهبوط قائم وفق قوانين التسعير المنطقي بحال صعد السعر أعلى 1922).
الخلاصة الفنية:
يمكن القول أن العوامل الفنية تشير إلى صعود السعر، ولكن نظراً للعامل الأول، و نظراً لكون السعر في منطقة تجميع فهذا لا يمنع أن يختبر السعر قاعاً قديماً، أقصاه 1870، ولا يمكن الخروج من هذا التحيز سوى بسعر الإغلاق، و الفوليوم.
السوق على المدى المتوسط بناء على التحليل الفني
" ليس من الضروري معرفة إلى أين سيذهب الاتجاه بقدر ما يهم أن تعرف كيف ستتصرف مهما حدث فهذا دورك كمتداول"
مارك دوجلاس في كتابه Trading in the zone
كوننا ننطلق من أن السوق بيئة احتمالية و أن أي احتمال فيها وارد، ولا يسعنى سوى أن نرجح احتمال على آخر بحال تحقق شرط هذا الاحتمال وهذا ما يسمى أسلوب الشرط و النتيجة، فعليه نقول
السيناريو الأول
الشرط: الإغلاق أعلى 1922، انخفاض الناتج المحلي الإجمالي
دقة السيناريو: 80%
بهذه الحالة سنرى صعوداً نحو 1950، 1960
السيناريو الثاني
الشرط: الإغلاق أسفل 1918، الناتج الإجمالي أحسن من المتوقع
دقة السيناريو: 20%
الذهب سيشكل قاعاً جديداً أقصاه 1870، ولا نتوقع بالمطلق أن يهبط أقصى من هذا السعر لأن هذا ينافي قانون التسعير للذهب
رأي المحلل الفني
في الختام عزيزي القارئ تذكر تماماً أن الأسواق في أوقات الحيرة تشكل أعظم الفرص ولكن مع ذلك فهذه الفرص لن تكون للجميع، فإنها ستكون لمن لم يستهين بحركة الأسواق ومن قدر أن الأسواق بحيرتها تعطيك، لذلك إياك وأن تعتقد أن الأسواق مليئة بالفرص فهذا كلام مروجي التنمية البشرية، فما أعرفه أن الاقتصاد بأساسه قائم على الندرة و حتى الفرص نادرة يتطلب منك الكثير من الدراسة و الاستعداد لاقتناصها وإلا فإنك تستهين بالأسواق وهذا يجعل الأسواق تستهين بك.
المحلل: عمر الصياح، كل الحب
للمزيد تابعنا على التويتر...
Twitter: @omarsyyah