"الثرثرة مرض "
ليو تولستي
تكمن مشكلة أسواق المال بأنه مليء بالثرثرة، ولكن أجمل مافي أسواق المالي هي أنه لا يستجيب لهذه الثرثرة شرط ألا تنخرط مع القطيع ، ففي كل مرة يدخل فيها السوق ضمن مرحلة انتظار خبر يحمل في تفاصيله تبدل في السياسة فإن الأخبار ترتفع وترفع معها وتيرة من الأخبار المساقة والاشاعات خصوصاً أن القطيع يحب جداً الاشاعات ، وصانع السوق يتغذى على هذه الاشاعات ، ونحن الآن بانتظار فترة سنرى فيها الكثير من الإشاعات نظراً لانتظار السوق الكثير من الأخبار المهمة.
آخر التطورات الفنية
صعد الذهب خلال الأسبوع الماضي بعد أن أختبر مستوى 1985 ، اختباراَ مطولاَ وهذا الاختبار الذي حدث دفع بالذهب إلى ما يقارب 2048 ، وهذا ما يوافق تصريحات الفيدرالي حول البدء بالحديث عن تخفيضات الفائدة.
آخر الأخبار وأثرها على السعر
"لا أخبار عارية في العالم كل خبر يرتدي زي بائعيه"
غادة السمان
·إن تصريحات الفيدرالي في أربعاء الأسبوع الماضي دفعت أسعار الذهب بقوة نحو 2040 ، وهذا لكون تصريحاته دارت حول خفض الفائدة ، وهذه إشارة إلى مستثمرينا بأن الفيدرالي بدأ يفكر ملياً بالركود المتوقع ، وهذا ما يدفع بالأسواق خلال الفترة القادمة إلى تداولات عاطفية بناء على عاطفة التوقع القائم ، وهي فترة تسبق فترات التحول من سياسة نقدية إلى أخرى ، وفي وقتنا الحالي الفيدرالي يتحول من سياسة انكماشية ( يرفع فيها الفائدة) إلى سياسة توسيعية ( يخفض فيها الفائدة).
·إن الصراع في الشرق الأوسط مازال قائماً حتى هذه اللحظة وهذا ما يقود إلى بقاء الأسعار أعلى من معدلاتها الطبيعة (بالنظر إلى معدلات الذهب الطبيعية فإنها 1980 – 1950 وفقاً لمؤشر VPMA وهو الذي يقيس معدل السعر الطبيعي للذهب).
· بدء القلق يعلو في الأسواق الأميركية نظراً لاقتراب فترة الانتخابات وهذا أيضاً الأسعار أعلى من معدلاتها الطبيعية.
خلاصة التحليل الأساسي:
جميع المقتضيات تؤول على الأقل إلى بقاء الأسعار أعلى من معدلاتها الطبيعية ، (إن المعدل الطبيعي للذهب هو ما بين 1985 – 1950) وهذا نظراً لبقاء وتيرة الصراع كما هي وبدء ارتفاع القلق من قرب الانتخابات والقلق من تبدل السياسة النقدية التي يتبعها الفيدرالي فإن التحول المفاجئ من سياسة نقدية إلى أخرى يسبب عشوائية في السوق ترفع القلق الذي يؤول إلى ارتفاع أسعار السلع التحوطية ، أضف على ذلك أن ارتفاع القلق الناتج عن انتظار أخبار ذات طابع تحول في السياسية يؤول إلى عشوائية ، أي الفئة الأكبر من السوق تنتظر أخبار حول الانتخابات الأميركية ، أو التبدل في السياسة النقدية للفيدرالي وكلاهما أخبار من نوع تبدل في السياسات وكلاهما يروجان إعلامياً بشكل مبالغ فيه وقاعدتنا كمستشارين هي أن فترات التبدل هي فترات ذات أثر إعلامي لذا لا تركز على الإعلام كثيراً وإنما ركز على حقيقة السعر.
التحليل الفني للسعر
"السوق بيئة احتمالية، وهذه حقيقة أخبرتنا بها الرياضيات وليس رأي "
مارك دوجلاس
بالنظر فنياً على السعر نلاحظ:
·الصعود الذي حصل من 1985 ، إلى 2048 تميز بانخفاض الفوليوم ، أي صعد دون وجود شراء حقيقي وتركزت عمليات الفوليوم الكبرى عند 1985
·موجة لإليوت الرابعة تنتهي عند 1970 ، وهي منطقة انتهاء تمدد فيبوناتشي.
·عندما لامس السعر مستويات 2048 ، تشكلت شمعة تشير إلى الهبوط خصوصاً أن نسب البيع مرتفعة في هذه الشمعة.
الخلاصة:
يمكن القول أن التصحيح الهابط الذي حصل على الذهب في الأسبوع لم يعطيه عزماً كافياً لكي يحقق مستويات سعريه جديدة ، أو خرق 2048 على الأقل لذلك إن افتقار العزم يؤول إلى أن يصحح السعر نحو ( 1985 – 1950 ) مرة أخرى ، تم تشكل ركيزة شراء من تلك المستويات تستهدف 2200 نظراً لتشكل نموذج الرأس و الكتفيين الاستمراري والذي يمتد ما بين 1950 إلى 1985.
شرط تحقق التحليل الفني:
بحال صحح السعر نحو 1950 – 1985 ثم أغلق أعلى تلك المنطقة حينها نقول إن الصعود في هذه المرة ذو مدى أكبر يستهدف فيه 2200 وهذا ما يجعلني أراه أنه فرصه مثالية خصوصاً أن سنة 2024 لن نرى فيها مستويات أقل من 2000$.
بحال عدم تحقق الشرط:
إن الصعود دون إتمام التصحيح هو صعود غير آمن ، وأقرب إلى أن يتداول السعر عرضياً ما بين 2000 – 2020 كونه لا يحوي عزماً.
على المدى البعيد
نظراً لتركز الآمال حول خفض الفائدة في عام 2024 فإن فكرة انخفاض الذهب أصبحت مستبعدة ، وأضف على ذلك وجود عوائق جديدة أمام الحكومة الأميركية ، لهذا لا بد من التفكير ملياً بأن الذهب في كل عملية تصحيح سيشكلها هي تخفيضات لفرصة استثمارية.
رأي المستشار في الختام عزيزي القارئ تذكر أن التعامل مع الذهب لا يتطلب أن تركز في التفاصيل بشكل مبالغ فيه حيث إن الشيطان يكمن في التفاصيل ، وإنما عليك أن تعامله كرزم سعرية ومناطق فوليوم ثم تحدد أفضل منطقة شراء ، وإن لم يزرها فإن الصفقة غير مؤهلة فنياً ، في مقالنا حددنا منطقة وليس سعر مجرد ثم نوهنا على أنها جيدة للشراء لأن القلق يحوم في الأسواق لذا تذكر أن يكون العلم زادك في سوق مليء بالعباقرة التي تستخدم نخبة ما لديها من علوم.
المستشار عمر جاسم آل صياح
تابع أهم المستجدات والتوصيات عبر الحساب الرسمي لنا على التويتر
X: @omarsyyah